تزامنا مع المشروع القومى لتبطين الترع فى مصر، تنشر "بوابة الأهرام" تاريخ ترعة الإسكندرية وهى أقدم ترعة وجدت فى مصر فى تاريخها، مثلما أوردت الكتب والمراجع التاريخية التى تناولت تلك الترعة، والتى جعلت المؤرخين يؤكدون أن كليوباترا جعلت قاعدتها بالرخام وأنها هى التى جعلتها فى الإسكندرية لمد أهلها بمياه النيل العذبة. الترعة التى جعلها المؤرخون العرب من العجائب ووصفوها بالخليج، كانت تمد الإسكندرية بالماء العذب وكانت هى الطريق التجاري منها إلى داخل البلدان، ويؤكد المؤرخون أنها كانت تبدأ عند شيديا على بعد 27 كيلو متر من الإسكندرية، وهى التى تجري فيها ترعة المحمودية حاليًا. ترعة المحمودية المؤرخون يؤكدون أيضا أن ترعة الإسكندرية كانت تحيط بالمدينة من الجنوب وتصب فى بحيرة مريوط، وقد ذكرها المؤرخ استرابون، فقال إنها صالحة للملاحة، إلا إن الجغرافى المسعودى يؤكد فى كتابه مروج الذهب أن ماء هذه الترعة قد انقطع فى الإسكندرية عام 332 هجرية، إلا إنه تم إصلاحها على فترات زمنية حيث أصلحت جسورها، وجعلت بها بساتين شدت عيون كافة الرحالة الذين مروا ناحيتها. ويؤكد محمد محمود زيتون فى كتابه إقليم البحيرة الصادر خمسينيات القرن الماضي، أن ترعة الإسكندرية القديمة أحيطت بها قري تاريخية وقد أطلق على الترعة مسمى الخليج لاتساعها، حيث كانت هى المصدر الوحيد لإمداد أهالى الإسكندرية بالمياه العذبة القادمة من نهر النيل، وقد تفرعت منها الكثير من الترع الجانبية التاريخية، إلا إن الترعة واجهت ترسب المياه فأضعفتها، وكذلك أحوال الطقس، وقد حاول عدد من حكام مصر مثل: أحمد ابن طولون، والحارث ابن مسكين إصلاحها، كما حاول الحاكم بأمر الله حفرها ثانية. ترعة المحمودية استمر الحكام يحاولون إصلاح الترعة مثل صلاح الدين الأيوبى، ومن بعده الظاهر بيبرس ثم قلاوون الذي أمر عام 710 هجرية تشغيل 40 ألف عامل فى تطهيرها، حيث زا العمران حولها مرة ثانية، وكان فم الترعة من الرحمانية وسميت بالخليج الناصري، إلا إنها سدت مرة ثانية فأصلحها الملك برسباى وكذلك أصلحها الملك الأشرف فسميت بالأشرفية، وفى عهد محمد على باشا جعل الترعة تبدأ من قرية العطف وسميت باسم المحمودية لتكون المحمودية هى أقدم الترع المصرية فى التاريخ الحديث. مات آلاف العمال الذين كانوا يعملون بالسخرة، فى حفر ترعة المحمودية التى حلت مكان ترعة الإسكندرية الترعة الأشهر والأقدم فى تاريخ مصر، حيث قيست المسافة من أول الترعة القديمة التى كانت تسمى الخليج الناصري من بدايتها فى العطف حتى فوة برشيد فكانت 5 آلاف قصبة، وتم حفر الترعة فى منتصف يناير عام 1820م، كما تهدمت 3 قناطر قديمة بين منطقة الحضرة والإسكندرية. ترعة المحمودية المؤرخ زين العابدين شمس الدين نجم، أكد فى كتابه إدارة الأقاليم فى مصر أنه عمل فى ترعة المحمودية نحو 113 ألف من الأهالى من كافة محافظات وقرى مصر، فكانوا يربطون ببعضهم البعض ويلقى بهم فى أماكن العمل وبدون أى أجر، حيث كان الرجال يحفرون بأيديهم، أما النساء والأطفال فكانوا ينقلون التراب والطمى حتى الشواطئ المجاورة، وقد استغرق العمل فيها عامًا ونصف وقد أدى البرد والصقيع، بالإضافة لوباء الطاعون لموت 30 ألف شخص من المصريين الفقراء. وأكد نجم أن فى التاريخ المصري كانت الترعة هى بداية استقرار أهالى النجوع والقري، حيث كان محمد على باشا يطمح فى حفر ترعة المحمودية إصلاح الأراضي وتعمير القري التى أصابها الخراب منذ زمن بعيد، حيث سمح محمد على باشا بإنشاء كفور ونجوع على ضفاف ترعة المحمودية، والتى أدت لانتعاش حركة اقتصادية وتجارية كبيرة بالإضافة لمساهمتها في أعمال الري .