الموافقة على إنشاء معهد للأورام بجامعة المنوفية .. تفاصيل    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الوزراء: تحفيز الاستثمار المشترك بين مصر وبيلاروسيا أولوية قصوى    مراسم استقبال رسمية لأمير الكويت في قصر الاتحادية    الوزاري السعودي: ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين وإيصال المساعدات إلى غزة    مواعيد مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    أيمن بدرة يكتب: صورة الجماهير المصرية    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    تحرير 60 محضرًا خلال 4 حملات تموينية بالفيوم.. إجراءات رادعة للمخالفين    خلال جلسة «مصر التي في خاطري» طلبة إماراتيون يروون ذكرياتهم في القاهرة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    خطوة واحدة تفصل ليفربول عن ضم الصخرة    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    ماذا فعل "أفشة" مع كولر في غرفة الملابس بعد عدم مشاركته؟.. والمدرب يرفض معاقبته    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رعشات الجنوب «3»
نشر في بوابة الأهرام يوم 29 - 01 - 2021

ختمنا المقالة السابقة عن رعشات الجنوب للروائى السودانى أمير تاج السر، والتى استغرقت منا حتى الآن مقالتين وهذه الثالثة، بهذه الجملة: مازال لدينا الكثير لنقوله عن رعشات الجنوب، والكثير لنحكيه.
فهذه الحكاية التى تشبه الدنيا، والمكتوبة فى صفحة قليلة نسبياً، لها كثافة الشعر وقوة العطر المركز، غنية بالمعانى والشخصيات المرسومة ببراعة، المختلفة عنا لكنها تشبهنا.
وقد تحدثنا فى المقالتين السابقتين عن الثالوث رابح مدينى وعمبابا ورضيانة الخضر، والثمرة الملتبسة التى جادت بها تلك العلاقة العابرة أيام الصبا: الولد المحيّر الذى يشبههما معاً، والذى سمته رضيانة: الجريح، وموّهت على أصله باسم أب وهمى فعرفه الناس باسم: الجريح سلمان.
وذكرنا كم كان يحِن ذلك الفرع مجهول الشجرة لمعرفة جذوره. وتوقفنا عند القول بأن رعشات الجنوب هى إلى حد بعيد رواية عن الحنين، ورعشة قلب المحب أو المُحبة اشتياقاً لامرأة أو وطن أو رجل أو حلم. وحتى الشخصيات الثانوية ممسوسة برعشة الحنين. ففى جوبا - حيث لجأت رضيانة هاربة من أهلها وفى بطنها الثمرة الحرام - قيّض الله لها قلباً يحبها فى صمت ويفتديها بنفسه هى وابنها دون كلمة أو لمسة, لا شيء سوى ارتعاشة الشوق المكتتم، والذى سرى فجأة من يديه إلى الطين والأحجار، وهو من أجل رضيانة مسجون فى زنزانة، فصار ذلك الفتى الجنوبى تايلور، الذى يدعوه الناس تيلا، نحاتاً مبدعاً, حين اعترف بحبه الأخرس لمادة الأرض ولم يبح به لرضيانة، بل عرّض نفسه للسجن من أجل أن يوفر لها ولابنها سبيلاً للرزق.
وحين خرج من السجن وكبر الجريح طلب منه الولد أن يتزوّج من أمه، فهرب تيلا بعشقه الصامت لرضيانة التى تنتمى لعرق عربى مسلم، وهو الزنجيّ الوثنيّ، وساح تايلور فى العمق الإفريقيّ مخاطباً الطين والحجر بمزيد من رعشات الحنين، فصارت له فى النحت شهرة عالمية. وقابله عمبابا صاحب السيرك فى مقهى بنيروبى يسميه تاج السر فى روايته مقهى الحنين، لأن كل النفوس المهاجرة المشتاقة, من كل الجنسيات والأجناس التى ساقها القدر إلى كينيا, تلجأ إليه وتتناول فيه المشروبات والمأكولات الوطنية وتتساقى مع بنى جلدتها الأشواق والذكريات. وفى نفس المقهى التقى عمبابا بعد الغنى باشاكر، ذلك السودانى من أصل حضرمي، الذى يشبه فى ملامحه الأتراك، وينتمى لأسرة موسرة فى الخرطوم، وكان يشغل وظيفة مرموقة فى أحد البنوك، لكنّ حبه للمال أغراه باختلاس مبالغ ضخمة وتحويلها للخارج، وحين انكشف أمره هرب من وطنه وترك أسرته وأولاده وصار مجرماً دولياً يطارده الإنتربول، وفى فراره من بلد إلى بلد أنفق كل ما اختلس، وأخيراً صار فى نيروبى شحاذاً يبكى اشتياقاً وندماً فى مقهى الحنين، وهناك التقطه عمبابا وسخّره فى خطته الشيطانية للانتقام من صديقه رابح الذى احتقر عرضه بأن يتشاركا فى الأعمال. استغل عمبابا ملامح عبد الغنى باشاكر التركية ليضمه لسيركه منتحلاً شخصية ساحر تركى عالمى اسمه ندمان قل, وليلعب من خلاله على نقطة ضعف رابح مديني، وهى رعبه من الموت وتصديقه المطلق لنبوءات العرافين.
وفى يوم مجيء السيرك لمدارى كما هو معتاد كل عام، قدّم عمبابا لجمهوره الساحر العالمى المزيّف ندمان قل، بعد أن لقنه بعض أسرار أهل المدينة ليبهرهم بمعرفته المزعومة بالغيب، وأنهى الساحر فقرته بمخاطبة رابح, مؤكداً له أنه سوف يموت خلال أيام أو ساعات.
وبقوة الإيحاء, والرعب من فقدان حياته السعيدة, يموت رابح - كما كنا قد حكينا - قتيل الوهم. وبعد، مازالت رعشات الجنوب ثرية بأشخاصها وحكاياتها، فهى تحتاج، على قصرها، دراسة لا بضع مقالات. ولهذا أدعو قرائى الأعزاء بشدة أن يقرؤوا بأنفسهم ويستمتعوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.