تعد شركة مصر للألومونيوم احد أهم القلاع الصناعية؛ حيث أقيم هذا المشروع الكبير عام 1969 على نحو 5 آلاف فدان من الأرض ليؤسس مدينة صناعية سكنية متكاملة المرافق والخدمات، بمركز نجع حمادي في محافظة قنا على مسافة 80 كم شمال غرب الأقصر، لاستغلال الطاقة الكهرومائية الرخيصة للسد العالي المولدة من مساقطة المائية، ثم أصبح يستهلك اليوم ما يقرب من ثلث إنتاج السد من الكهرباء. «مصر للألومنيوم» ليست مجمع صناعي فقط بل إنها فكرة ساهمت في تحويل الصحراء القاحلة لمجتمع متكامل، حيث يضم المشروع عدة مصانع وخلايا ومسابك وورش، كما يضم مدنا سكنية متكاملة لخدمة العاملين وذويهم عبر الأجيال المتعاقبة، ويضم أيضا مساحات خضراء ونخيل ومزارع حيوانية، كما يضم لخدمة المجتمع المدارس والمعاهد والحضانات ودور العبادة ومراكز لخدمة الأطفال المصابين بالتوحد وبمتلازمة «داون» وغيرهم من ذوى الاحتياجات والقدرات الخاصة، ونادي رياضى كبير وما يضمه من أنشطة رياضية وثقافية. محمد السعداوي رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، قال: إن شركة مصر للألومنيوم في العام المالي الأخير قد حققت مجمل خسائر قدرها 2.1 مليار جنيه من النشاط الجاري وصافى خسائر قدرها 1.7 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020 (أي ما يزيد عن رأس المال المدفوع) مقارنة بأرباح قدرها 571 مليون جنيه عن العام المالي السابق 2018 /2019. وأضاف أن أسباب الخسائر ترجع إلى انهيار أسعار معدن الألومنيوم في أسواق وبورصات المعادن العالمية مما أدى إلى نقص إيرادات الشركة بمبلغ 2.4 مليار جنيه عن العام المالي السابق، علما بأن أسعار المعادن تتغير صعوداً وهبوطاً طبقاً لدورتها في الأسواق العالمية وزادت عليها ما ترتب من أثار جائحة كورونا في الأسواق العالمية. «بوابة الأهرام» استطلعت أراء المختصين والخبراء لمعرفة أسباب خسائر الشركة، وإيجاد الحلول التي تضمن لهذا الصرح الصناعي الاستمرار والنجاح. غرفة الصناعات المعدنية محمد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، قال إن أحد المشكلات المهمة التي تعترض شركة مصر للألمونيوم هي ارتفاع تكاليف الإنتاج، مقارنة بشركات الألمونيوم في كل دول العالم، وتمثل الكهرباء 40% من مدخل الإنتاج والذي تحصل عليه الشركة بأعلى سعر في العالم. وأضاف أن الشركة تنتج نحو 320 إلى 350 ألف طن سنويا يصدر نصف الإنتاج والذي من قيمة بيعه يتم تدبير شراء مواد خام؛ لأن مصر ليس بها خام الألمونيوم، فيما يطرح النصف الثاني في السوق المحلي. وأشار إلى أنه خلال العام الماضي وحتى نوفمبر الماضي انخفضت أسعار المعادن عالميا وتراوح سعر معدن الالمونيوم 1600 الي 1700 دولار للطن ووهو ما يمثل يمثل كارثة وخسائر للشركة اذا ما علمنا أن اسعار الطن كان فوق 2000 دولار للطن. وأوضح «ما يعني انخفاض في الأسعار مع ارتفاع أسعار الكهرباء أدي لخسائر كبيرة وبالتالي توقف التصدير لارتفاع أسعار منتج مصر للألمونيوم عالميا، وانعكس ذلك أيضا على ارتفاع أسعار المنتج داخل السوق المحلي مقارنة بأسعار المنتجات المستوردة، وبدأ سعر منتجات مصر للألمونيوم غير منافس سواء للتصدير أو السوق المحلي، مع وجود ألمونيوم مستورد من الخارج أرخص سعر، وهذه هي أهم الأسباب التي أدت لخسائر الشركة وتأثر مركزها، وتعتمد الشركة في عملية الإنتاج على موردين أساسين هما خام الألومنيوم والكهرباء، وارتفاع أسعار كلاهما أو أي منهما يؤثر سلبًا على الشركة». واستطرد قائلا: «ولكن ما يبعث علي الأمل أن أسعار المعادن منذ الشهر الماضي عاودت الارتفاع مرة أخرى عالميا، وسجل الألمونيوم 2100 دولار للطن، ما يمكن الشركة من إعادة التصدير، لكن تظل مشكلة أسعار الكهرباء تحتاج لحل». الصناعات الهندسية أكد محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن مصر للألمونيوم صرح صناعي كبير ونحن كصناع نفتخر بها في أي اجتماع، مضيفا «في الفترات الأخيرة كُبلت الشركة بأعباء عديدة من فرض أسعار الطاقة بالسعر العادي، والدولة لم تقدم المساعدة المطلوبة للشركة لتطوير نفسها». دعا الدولة إلى دعم «مصر للألمونيوم» من أجل تكون قادرة على المنافسة خارجيا ومحليا، مطالبا بإيجاد حل مشكلات الشركة والوقوف بجانبها حتى لا يقع صرح صناعي أخر مثل الحديد والصلب. ومن جانبه، قال مدحت نافع الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن شركة مصر للألمونيوم لديها إمكانيات كبيرة جدا وطاقات بشرية وصناعية كبيرة جدا تعترضها تحديات عنيفة في الفترة الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء والتي تعد مدخل أساسي في الألمونيوم مدخل صناعي، لافتا الي أن القرش صاغ واحد زيادة يساوي أخر العام 50 مليون جنيه. وتابع: «تم تخفيض 10 قروش أثناء جائحة كورونا للجهد الفائق من جانب وزارة الكهرباء، والتي تعد مصر للألومنيوم أكبر مستهلك، وطالب بالمزيد من التخفيضات لاستمرار الصناعة وتكون منافسة»، مستكملا «نحن من أعلى المصاهر في العالم كسعر كهرباء نحصل عليها، في المتوسط عالميا 3 سنت للكيلو وات في الساعة، بينما تحصل عليه مصر للألمونيوم 7 سنت». كان تقرير صادر عن «وود ماكينزى» الأشهر عالميا فى استعراض وتحليل إحصاءات صناعة الألومنيوم ، قد أكد على أن شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادي وهى المنصهر الوحيد للألومنيوم في مصر باتت تحصل على الكهرباء بسعر هو الأعلى عالميا دون نظير فقد بلغ سعر الكيلووات ساعة للمصنع نحو 7 سنت/كيلووات ساعة مقابل متوسط عالمي لا يزيد عن 3 سنت/كيلووات ساعة. وتابع نافع: «فإذا علمنا أن قرش صاغ واحد زيادة فى أسعار الكهرباء يكلف الشركة 50 مليون جنيها زيادة فى مصروفاتها كل عام، فإن 4 سنت فرق فوق المتوسط المقبول عالميا تكلف الشركة مصروفات سنوية إضافية تبلغ تقريبا 3.2 مليار جنيه سنويا، المتوسط العالمي لسعر الكهرباء «لمصاهر الألومنيوم» هو المقياس الوحيد الذى يمكن الاعتماد عليه، بهدف التعرف على الوضع التنافسي لممتهنى تلك الصناعة التي تقدم منتجاتها في سوق عالمية مفتوحة، تسودها آلية تسعير عالية الكفاءة، تخضع لاعتبارات العرض والطلب ببورصات المعادن العالمية». حلول سريعة تنقذها الشركة وكشف نافع، عن أن أهم الحلول التي يمكن ان تتحرك فيها شركة مصر للألمونيوم سريعا دون انتظار تخفيض أسعار الكهرباء هي، العمل على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية مثل «الجنوط ومعلبات الألمونيوم، وتحسين استهلاك الكهرباء من خلال الخط الجديد المطروح حاليا وهو تطوير الخلايا بالنظام الجديد يستهلك كهرباء أقل ويحسن من الإنتاجية ويقلل من الهدر، وأيضا برامج الطاقة الشمسية أو مشروعات الطاقة الشمسية، مع الاستمرار مزيد من التفاوض علي تخفيض أسعار الكهرباء». خبراء اقتصاد قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن أغلب شركات قطاع الأعمال غالبا أسباب خسائرها تكون واحدة وهي التغيرات المستمرة في الإدارة والاعتماد على طرق تقليدية في الإدارة وعدم مواكبة التطورات الحديثة وارتفاع تكاليف الإنتاج في مصر الألمونيوم نتيجة ارتفاع سعر الكهرباء، وهي أسباب المشكلة والحل أن تعكس كل هذه الأسباب وعمل حصر دقيق لأكبر مشكلة وهي الطاقة وتوفيرها بسعر أفضل أو حتى سعر خاص بها. وأضاف أن الحكومة فعليا قد تتخذ الطريق السهل في أزمة مع مصر الألمونيوم مثلما فعلت مع شركة الحديد والصلب، وفي كلا الحالتين كان يمكن إيجاد حلول أخري غير التصفيات خاصة أن صناعة الصلب والحديد أو الألمونيوم تعتبر واعدة جدا في ظل مشروعات قومية عملاقة يجري تنفيذها في كل مكان يمكنها استيعاب إنتاج الشركات.