اختيارات بايدن تعكس تمثيل المرأة الحقيقى بالمجتمع الأمريكى كانت السيدات ممنوعات من ارتداء «البناطيل» ودخول الجيش وامتلاك جواز سفر التدخين فى الأماكن العامة محرم عليهن دعاء طه: تعيين حكومة تعكس التنوع الحالى لأمريكا وسيادة العنصر الأنثوى لم يكن مسموحاً للنساء المشاركة فى منافسات دورة الألعاب الأوليمبية حتى عام 1900 شيرين النجار: أصبحت أخيرا تمثل الأغلبية المثقفة والمؤثرة فى الانتخابات توج وجود كامالا هاريس، كنائب للرئيس الأمريكى، وأول سيدة تصل للمنصب، مائة عام من النضال والجهود الحثيثة التى بذلتها المرأة الأمريكية لكى تتساوى بالرجل، ففى 26 أغسطس الماضى يكون نضال المرأة فى الحصول على كامل حقوقها قد دخل مئويته الثانية، وذلك تزامنًا مع ذكرى تاريخ إعطاء المرأة الأمريكية حق التصويت فى الانتخابات لأول مرة عام 1920، وهو اليوم الذى قررت إدارة الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون الاحتفال به سنويًا باعتباره «يوم مساواة المرأة بالرجل». بينما قال الرئيس الديمقراطى الأسبق، باراك أوباما، عام 2013 أيضا بمناسبة الاحتفال بهذا اليوم، إن إدارته ملتزمة بالمضى قدمًا للمساواة بين الجنسين منذ توليه منصبه، وأنه أنشأ مجلسًا بالبيت الأبيض للنساء والفتيات، يعمل على ضمان معاملة عادلة فى جميع المسائل السياسية العامة، ولعل تحركات أوباما هى التى دفعت هيلارى كلينتون كى ترشح نفسها فى انتخابات الرئاسة عام 2016، لكى يأتى الرئيس المنتخب جو بايدن، لكى يعين ضمن فريقه الرئاسى طاقما كاملا من النساء مخصصا للاتصالات، فضلا عن اختيارات نسائية أخرى مثل مديرة الاتصالات السابقة فى إدارة أوباما فى البيت الأبيض جين بساكى، التى ستعمل سكرتيرة صحفية للبيت الأبيض فى إدارة بايدن، وكيت بيدينجفيلد، التى كانت مديرة الاتصالات لمكتب بايدن عندما كان نائبا للرئيس، لمنصب مديرة اتصالات البيت الأبيض، فيما اختار جانيت يلين الرئيسة السابقة للاحتياطى الفيدرالى لتولى وزارة الخزانة، لتكون أول امرأة تتبوأ وزارة الخزانة فى تاريخها الممتد 231 عامًا، فيما ذهب منصب نائب رئيس الشئون التشريعية للأمريكية من أصول فلسطينية، ريما دودين. فى هذا التقرير ترصد «الأهرام العربى»، قصة صعود المرأة الأمريكية منذ حصولها على حق التصويت فى الانتخابات لأول مرة عام 1920 حتى الآن، وكذلك المحظورات التى كانت مفروضة عليها، وكيف تخلصت منها مع الوقت، لكى تصل فى النهاية إلى مساواة شبه كاملة مع الرجل إلا أنها فى النهاية “غير عادلة”، حيث لا تزال نسبة المكون الأنثوى فى المجتمع الأمريكى أكبر من الرجل، بما يجعل تمثيلها سواء فى الكونجرس أم الإدارات المتعاقبة لا يزال غير عادل، وأيضًا تأثير ذلك على مستقبل أمريكا، خصوصًا أن بايدن البالغ من العمر 78 عامًا، قد يضطر للتقاعد بسبب ظروفه الصحية بعد عامين أى فى منتصف المدة، بما يعنى أن المكتب البيضاوى سيذهب إلى نائبته كامالا هاريس. تعود أسباب التمثيل غير العادل للمرأة فى الحياة السياسية، إلى معتقد مجتمعى موروث منذ تأسيس الولاياتالمتحدة قبل 200 سنة، التى ترى أن البيت هو المكان المثالى للمرأة، ويجب عليها أن تعيش حياة هامشية فى ظل الرجل سواء كان زوجًا أم أبا أم أخا، فيما لم تفرض الدولة نظام “كوتة نسائية” لإحداث توازن بين الرجال والنساء فى الكونجرس بغرفتيه، فمن بين كل المناصب السياسية فى أمريكا، لا تتجاوز نسبة المرأة الربع من مجموع المناصب، وتكون أقل من ذلك كثيرًا فى المناصب الحساسة حتى وقت قريب. كما تحتل الولاياتالمتحدةالأمريكية، المركز الحادى والتسعين عالميا فى الترتيب الخاص بتمثيل النساء فى المناصب الرسمية والسياسية، وهى تأتى فى ذلك بعد دول مثل رواندا ونيبال وكوبا، غير أن هذا الانخفاض فى تمثيل النساء فى السياسة الأمريكية لا يعود للتمييز ضدهن، لكن لأسباب كشفت عنها دراسة فى واشنطن، أهمها غياب الطموح السياسى لدى العنصر النسائى نفسه، وتقول كارين أوكونور، الأستاذ بالجامعة الأمريكية فى واشنطن: إن انخفاض تمثيل المرأة الأمريكية بالسياسة لا يعود للتمييز، بل إن القوانين تساويهن بالرجال، لكن النساء ببساطة لا يترشحن للمناصب الرسمية، لأنه لا يطلب منهن ذلك. وتحدثت الدراسة التى حملت عنوان “الرجال يحكمون” عما وصفته ب«الفجوة فى الطموح» بين الرجال والنساء فى مجال السياسة الأمريكية، ورصدت أسبابا لذلك منها خوف المرأة من البيئة الانتخابية، وما يرافقها من منافسة شرسة وحملات إعلامية وتبادل للانتقادات، ويعتقد أيضا أن من ضمن الأسباب الرئيسية عدم ثقة المرأة بكفاءتها وقدرتها على تولى المناصب المهمة والمنافسة فى الانتخابات، بالإضافة لتحملها الجزء الأكبر من مسئولية رعاية الأطفال والأسرة. أماكن حساسة على مدار عقود طويلة لم تصل المرأة للأماكن الحساسة بمفاصل الدولة إلا فى عهد الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون، عندما اختار مادلين أولبرايت لكى تشغل منصب وزير الخارجية فى دورته الثانية (1997 - 2001)، وهو منصب حساس مسئول عن تمثيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وقبل تسلمها المنصب كانت المندوب الدائم لواشنطن بالأمم المتحدة، ثم منحها الرئيس أوباما وسام الحرية الرئاسى عام 2012، ثم تأتى كونداليزا رايس لتكون ثانى سيدة تتولى منصب وزير الخارجية فى إدارة بوش الابن الثانية (2005 - 2009)، التى سبقت أن كانت مستشارته للأمن القومى، ثم هيلارى كلينتون، التى اختارها الرئيس أوباما فى نفس المنصب بدورته الأولى (2009 - 2013)، وفى إدارة أوباما أيضًا وقع الاختيار على سوزان رايس (لا يربط بينها وبين كونداليزا أى صلة قرابة)، لكى تشغل منصب مستشار الأمن القومى فى الفترة من 2013 إلى 2017، وكانت سابقا دبلوماسية وزميلة فى مؤسسة بروكينجز، وسفيرة واشنطن بالأمم المتحدة، رشحت لتكون وزيرة للخارجية خلفا لهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية (2009 - 2013) ولكنها اعتذرت عن قبول المنصب. وبعد منصب وزير الخارجية يأتى ثانى أكبر المناصب حساسية وهو مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، وهو منصب ليس سهلا فى جهاز هو الأكبر بين نظرائه فى العالم، لكن خبرات وكفاءة جينا هاسبل فى النشاط الاستخباراتى، دفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب لاختيارها كمدير للجهاز فى مايو 2018، خلفا لمايك بومبيو الذى أصبح وزيرا للخارجية، ووصفها الأخير الذى كان مديرها بأنها “غاية الذكاء ووطنية مخلصة، ولها خبرة تمتد على مدى 30 عاما فى المخابرات المركزية، وأثبتت أنها قائدة وقادرة على الإنجاز ومصدر إلهام للمحيطين بها”، وتأتى شهادة بومبيو تلك برغم ارتباط اسمها بالسجون السرية التى أدارتها الوكالة فى مختلف أنحاء العالم، وتعرض فيها المعتقلون لعمليات تعذيب، وهى السجون التى أطلق عليها اسم “الحفر السوداء” وأهمها سجن «بوغريب»، و«جوانتانامو». وكان منصب وزير التجارة أول المناصب الحكومية الذى تولته المرأة الأمريكية، فالبداية كانت مع “جولينتا كريبس” فى عام 1977 حتى 1979، أثناء حكم الرئيس جيمى كارتر، ثم “بينى بريتزكر” خلال الولاية الثانية للرئيس أوباما (2013 - 2017) وهى مليارديرة شهيرة، ومن أبرز سيدات الأعمال فى أمريكا. وأخيرا بدأ الجيش الأمريكى يدفع بالعناصر النسائية إلى الخطوط الأمامية وفى القوات الخاصة، حيث ذكر البنتاجون فى بيان سابق بمناسبة يوم المساواة، إن الجيش الأمريكى يساوى بين الرجل والمرأة ويدفع بأفضل العناصر بجانب الرجال، وأن خير دليل على ذلك تعيين “لورا إيجر”، ضابطة الجيش كقائد للحرس الوطنى الأمريكى، كأول سيدة فى تاريخ الولاياتالمتحدة، تتولى قيادة تشكيل عسكرى بقوة فرقة مشاة بالجيش الأمريكى. وقبل حقبة التسعينيات ومطلع الألفية، يسجل التاريخ أن شيرلى تشيشولم، كانت أول امرأة سوداء من حزب كبير تترشح للرئاسة عام 1972، ومن ضمن أقوالها إن “أعظم ممتلكاتى السياسية، التى يخشاها الساسة المحترفون، هو فمى، والذى يخرج منه كل أنواع الأشياء التى لا ينبغى للمرء أن يتفوه بها لأسباب تتعلق بالانتهازية السياسية”، فيما كانت “جيرالدين فيرارو” أول امرأة يرشحها حزب كبير لمنصب نائب الرئيس عام 1984، وقد قالت بالمؤتمر الوطنى للحزب الديمقراطى، إنه «إذا كنا نستطيع فعل ذلك، فيمكننا أن نفعل أى شىء». وفى عام 2008، كانت “سارة بالين”، أول امرأة من الجمهوريين يتم ترشيحها لمنصب نائب الرئيس فى العام 2008، مع المرشح الجمهورى جون ماكين ضد باراك أوباما ونائبه جو بايدن، وقد جمعت بالين بين نجاحها السياسى، وكونها أماً وزوجة تقوم بوظيفتها على أكمل وجه فى منزلها بولاية ألاسكا، التى نشأت وترعرعت فيها، وبرزت أيضا نانسى بيلوسى، أول امرأة تترأس مجلس النواب الأمريكى، وأخيرًا “نيكى هالى” أول أمريكية من أصل هندى تعمل فى منصب حكومى بمستوى وزير، إذ اختارها الرئيس ترامب لتشغل منصب سفير واشنطن بالأمم المتحدة، وغيرهن كثيرات، إلا أن ذلك لا يعكس واقع التمثيل النسائى بالمناصب الرسمية والسياسية الأمريكية، الذى لا يتعدى نسبته %17. التابوهات قديمًا قبل عام 1920، كان هناك العديد من “التابوهات” المحرمة على المرأة، وإذا كانت النظرة الشرقية تنظر للمرأة على أنها عورة، فإن حركات التحرر والدفاع عن المرأة بدأت فى مصر، وعالمنا العربى قبل أمريكا بعشرات السنين، فبينما كان قاسم أمين وهدى شعراوى والشيخ رفاعة الطهطاوى، وغيرهم يدافعون عن حرية المرأة ونيل حقها فى التعليم، كانت المرأة بالولاياتالمتحدة محرومة من ارتداء “البناطيل” مثلا وعدد من التابوهات نشرتها مجلة “ريدرز دايجست” الأمريكية فى تقرير مفصل. حيث لم يكن للمرأة الحق فى التصويت بالانتخابات قبل عام 1920، وتم إقرار ذلك بعد جولات ماراثونية بمجلسى الشيوخ والنواب لإجراء تعديلات على قوانين الانتخابات، بفضل جهود ناشطات نسويات فى مجال حقوق المرأة مثل سوزان برونيل أنتونى وإليزابيث كادى ستانتون، كما أنها كانت محرومة من فكرة تحديد النسل أو تنظيم قدرتها الإنجابية، فلم يصدر قانون يبيح تداول حبوب منع الحمل إلا عام 1960، لكى تكون الممرضة مارجريت سانجر أو من تفتتح عيادة لتحديد النسل، وبرغم القبض عليها بعد يومين فقط، فإنها واصلت نضالها فى الدعوة لحق المرأة فى التحكم بقراراتها الإنجابية، كما أن الطلاق كان أمرا بعيد المنال بالنسبة للمرأة، وكانت كل ولاية لها قواعد مختلفة وللقضاة الحق فى إبداء الرأى وفقًا لتقديراتهم بتطليقها أم لا، وكان يشترط أن يكون الزوج قد تعدى عليها جسديًا بعدد معين من المرات “يختلف فى كل ولاية” لكى يُحكم لها بالطلاق، وفى بعض الولايات، لم يكن الطلاق قانونيًا على الإطلاق. كان محرمًا على السيدات ارتداء البنطال، لدرجة أن بعض الولايات سنت قوانين ظلت سارية حتى بداية القرن العشرين تجرم ارتداء النساء ملابس الرجال وخصوصًا “البناطيل”، وفى الولايات الأخرى التى لا تطبق مثل هكذا قوانين كانت من ترتدى بنطالاً منبوذة فى المجتمع، كما كان محظورًا عليها الخروج وحدها فى الشارع إلا مع مرافق رجل، حتى شهد مطلع القرن العشرين تغيرًا بأن أنشئت مولات ومراكز تجارية كبيرة مخصصة للسيدات فقط، وذلك إبان النهضة الصناعية والاقتصادية التى شهدتها الولاياتالمتحدة ذلك الوقت، لكى يتم إنشاء مطاعم ومسارح للسيدات فقط تلبية للطلب العالى على ذلك. كما كان التدخين فى الأماكن العامة محرمًا على المرأة ومقصورا فقط على الرجال، علما بأنه كان من المقبول عمومًا أن تدخن النساء فى المنزل، لدرجة أنه فى سنة 1908، أصدرت مدينة نيويورك قانونا يحظر على النساء التدخين بالمؤسسات العامة، لكن لأنه لم يحظ بشعبية، فقد أصبح هناك قبول مجتمعى لحقيقة أن تدخين النساء فى الأماكن العامة، لم يكن أكثر صدمة أو غير أخلاقى من الرجل الذى يقوم بالمثل، وبحلول العشرينيات، بدأ مصنعو السجائر فى تسويق سلعتهم للنساء تحت شعار “شعلات الحرية”، كما كان غير مسموح للنساء المشاركة فى منافسات دورة الألعاب الأوليمبية حتى عام أوليمبياد باريس 1900، وكانت نسبة تمثيلهن لا تتخطى 3 % فقط نظرًا لأنه كان مسموحا لهن بدخول 5 لعبات فقط، كما كانت السيدة الأمريكية محرمًا عليها امتلاك جواز سفر خاص بها إذا كانت متزوجة، وذلك لأن فكرة سفر المرأة دون زوجها كان غير مقبول مجتمعيًا، كما كان محرمًا أن تحتفظ باسم عائلتها إذا تزوجت، فيجب أن تحصل على لقب عائلة الزوج وذلك لأن المفاهيم الاجتماعية كانت تشير إلى أن هوية المرأة تعود لزوجها، حتى عام 1917، عندما حركت فتاة تدعى روث ويليام، دعوى قضائية نجحت بموجبها فى الحصول على جواز سفر باسم عائلتها، ما دفع نساء أخريات لفعل نفس الشيء، قبل أن يتغير القانون كليًا سنة 1937. أيضًا لم يكن ممكنًا انضمام النساء للجيش، وبرغم أن مهن المرأة كانت دائما مقترنة بالجيش مثل التمريض، فإنه لم يُسمح لها بأن تكون عضوًا فاعلاً، وكان الكثير من وظائفها غير مدفوعة الأجر، لكن الحرب العالمية الثانية غيرت ذلك المسار، حيث تغير الأمر عام 1942 عندما كان الجيش فى حاجة ماسة للجنود، وقتها سُمح للنساء بالانضمام للفرق غير القتالية على أساس احتياطى، كما لم يكن مسموحًا للنساء المتزوجات حتى عام 1848 امتلاك أى شىء وكل ما تمتلكه يعود قانونًا لزوجها، حتى صدر قانون حق ملكية المرأة المتزوجة بولاية نيويورك، الذى أقر بأنه للمرأة المتزوجة الحق فى التملك والتحكم فى ممتلكاتها تماما مثل المرأة العزباء، ما أفسح المجال لصدور قوانين مماثلة بولايات أخرى، لكى يصبح بإمكان المتزوجة أن تقرر أخيرا ما تريد فعله بممتلكاتها الخاصة فى حياتها وكذلك تحديد ورثتها. رغبة شعبية كشف استطلاع جديد أجراه مركز “بيو” للأبحاث بأن غالبية الأمريكان يرغبون فى رؤية المزيد من النساء بالمناصب القيادية العليا، “ليس فقط فى السياسة، لكن أيضا فى عالم الشركات”، لكن معظم من شملهم الاستطلاع يرون أن الطريق للقمة لا يزال أسهل بالنسبة للرجال، بعكس المرأة التى تحتاج لبذل جهد أكبر لإثبات جدارتها، ورصد الاستطلاع وجود فجوات واسعة بين رؤية الجمهوريين والديمقراطيين حول حالة القيادة النسائية والعقبات التى تواجهها النساء، فيرى 79 % من الديمقراطيين والمستقلين الذين يميلون للحزب الديمقراطى أن عدد النساء بالمناصب السياسية العليا ضئيل للغاية، مقابل 33 % من الجمهوريين والمؤيدين للحزب الجمهورى. من جانبها، تعزى البروفيسور دعاء طه، الأستاذ بجامعة هاريسبرج السكرتير العام لمجلس إدارة اللجنة العربية لمكافحة التمييز “ADC”، الثورة فى اختيارات الإدارة الأمريكية للنساء فى السنوات الأربع المقبلة، إلى تأثير المجموعات المختلفة بالحزب الديمقراطى وأصحاب المصالح الخاصة، بدءًا من المجتمع المدنى إلى جماعات الضغط فى الشارع، فضلا عن وعد الرئيس المنتخب جو بايدن بتعيين حكومة تعكس التنوع الحالى لأمريكا، وسيادة العنصر الأنثوى، ويبدو أنه يفى بوعده، حتى لو اشتكى بعض ناخبيه من أن هذا لا يزال غير كافٍ، مضيفة أن السبعينى العجوز يحاول أن يفرض “توازنا صعبا” خصوصًا حيال الأقليات، ولا سيما الأمريكان الملونين من أصل إفريقى ولاتينى. وتضيف طه: أن أمريكا تحتاج حاليًا لمعالجة قضايا العدالة العرقية والمساواة بين البيض وغيرهم وفرض نوع من العدالة الاجتماعية، فى حين أن المجتمع يشهد انقساماً حاداً حتى داخل الحزب الديمقراطي، فيرى الجناح التقدمى أنه تم استبعاده لحساب الوسطيين، فى حين يرى بايدن أن الوقت قد حان لوحدة وطنية أكبر لمواجهة تحدى كورونا، مشيرة أن الولاياتالمتحدة تقف عند مفترق طرق تاريخى وستؤكد الأيام المقبلة، ما إذا كانت النخبة السياسية سترتقى لمستوى التحدى, أم أنها ستتراجع منخرطة فى مشاحنات حزبية ضيقة، والاختبار الأول سيكون مع اعتماد مجلس الشيوخ لتعيينات بايدن، فى حين أن العديد من المعينين الحاليين هم قادة سياسيون معروفون كانوا على الساحة السياسية من قبل، لكنهم لم يواجهوا صعوبة كبيرة أو تحديا مثل كورونا، وأن هناك بالفعل غيوما تتجمع حول بعض المعينين الذين تم الإعلان عنهم. وتؤكد البروفيسور دعاء طه، أن بايدن يمثل الأمل فى دفع أجندة تمكين المرأة لدرجة أكبر من الإدارة السابقة، لكن هناك عديدا من المعارك الأخرى التى يتعين الفوز فيها، ليس أقلها المساواة فى الأجر مقابل العمل المتساوى، ومن المنتظر ظهور تحديات جديدة، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة الإنجابية، فى ضوء سيطرة القضاة المحافظين على المحكمة العليا للولايات المتحدة، كما أن السياسيين بالولايات الجنوبية ذات الهوى الجمهورى الأحمر، قد تعوق تلك المساعى من إدارة بايدن، بما يزيد من حدة الانقسام. فيما تقول شيرين نبيل النجار، خبيرة المناهج التعليمية والتعليم العالى بولاية كارولينا الشمالية، إن دول العالم بدأت قبل أمريكا بسنوات طويلة تعطى للمرأة حقها وتختارها لتولى المناصب الحساسة، وأن التطور الأخير جاء نتيجة أن المرأة الأمريكية أصبحت أخيرا، تمثل الأغلبية المثقفة والمؤثرة فى الانتخابات، فكان لابد أن تنخرط فى الإدارة العليا للبلاد، خصوصًا أنها حققت قصص نجاح وإنجازات فى المناطق الحساسة التى تولت مسئولية قيادتها بالولايات المختلفة، كما أن المرأة تتمتع برؤية معتدلة فى إدارة المشاكل الدولية خصوصًا الاقتصادية، وتقدم نظرة شاملة قد تصعب رؤيتها أحيانًا. وتضيف النجار: أن الأبحاث أثبتت أن قيادة المرأة فى مسألة فضّ النزاعات تجسّد المثل الديمقراطية، حيث تميل النساء للعمل بطريقة أقل هرمية من طريقة ترامب فى الفترة الأخيرة، وأن المرأة أكثر اشتراكية وتعاونًا، وأكثر ميلاً للعمل مع جميع الأقطاب السياسية مع حياديتها عند اتخاذ القرارات المصيرية، مشيرة إلى أن الكونجرس الأمريكى شاهد على رعاية المرأة النائبة، ثلاثة قوانين إضافية لكل ولاية، وحاليًا تشاركن فى رعاية 26 مشروع قانون إضافيا، كما نجحن فى زيادة المخصصات المالية لكل ولاية بنسبة 9 % بواقع 49 مليون دولار لكل ولاية، أو قرابة 88 دولارا للفرد الواحد، وهو ما لم يقم به النواب الرجال. وثمنت خبيرة المناهج التعليمية توجهات بايدن الأخيرة، قائلة إنها بداية لإعادة بناء التوازن فى قمة الهرم السياسى الأمريكي، وتوقعت أن يحقق نجاحات فى المستقبل، خصوصًا أن المرأة الأمريكية بطبعها تميل إلى التوافق فى وجهات النظر وعدم الصدام، بما ينتج عنه إيجاد حلول للقضايا الحساسة التى تمس حياة المواطن الأمريكى اليومية، ويعزز فاعلية الحلول للمشاكل المصيرية التى توجهها كل ولاية على حدة.