* نسعى لمحو آثار تحركات إدارة ترامب بخصوص القضية الفلسطينية * على الدول العربية التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة لطرح مواقف تدعم المفاوض الفلسطينى * الاهتمام الأمريكى المفاجئ بتحقيق «مصالحة خليجية» يأتى فى إطار التنافس مع روسياوالصين * سياسة «أقصى ضغط» الترامبية فشلت فى التصدى لأطماع إيران فى الخليج والعالم العربى
هو ممثل العرب ومندوبهم الدائم بأرفع منظمة دولية، يقع على عاتقه ملفات وهموم وقضايا الدول العربية وجامعتهم المتداولة فى أروقة منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، ومن مقر المنظمة الأمميةبنيويورك، يدافع عن حقوق العرب المشروعة ويسعى لدى أعضاء مجلس الأمن فرادى وجماعات، ما يثمر عن قرارات أممية أو من المجلس تنصف العرب وفى القلب منها القضية الفلسطينية، ولعل تبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً مصريا بخصوص إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للجولان السورى المحتل آخر تلك الجهود.. إنه السفير ماجد عبدالفتاح مندوب الجامعة العربية الدائم بالأممالمتحدة، والذى كان ضروريًا إجراء حوار معه للبحث عن إطلالة على الجهود العربية فى المنظة الأهم بالعالم، والشواغل العربية بخصوص القضية الفلسطينية فى ظل إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، وذلك فى السطور التالية. بداية.. هل ترى أن اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا مشروع قرار مصرى بخصوص إنهاء احتلال الجولان من شأنه إيقاف سريان اعتراف الإدارة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورى المحتل؟.. أم أنه قرار سيظل حبرًا على ورق مثل باقى القرارات المتعلقة بإسرائيل؟ إن ما يحرك تنفيذ أى قرار سواء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن هو تحرك الدول لتنفيذها وتحويلها بعد اعتمادها من مجرد «حبر على ورق» إلى إطار صالح للتنفيذ.. والموقف السورى فيما يتعلق بالجولان العربى السورى المحتل يقف على قاعدة صلبة هى قرار مجلس الأمن رقم 497 الصادر بإجماع الآراء من 15 دولة عضو بمجلس الأمن، بما فيها الولاياتالمتحدة، بتاريخ 17 ديسمبر 1981 الذى اعتبر قرار إسرائيل فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السورى المحتل قرارا لاغيا وباطلا وليس له أثر قانونى دولى، وأكد أن جميع أحكام اتفاقية جنيف الصادرة بتاريخ 12 أغسطس 1949 المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب تظل سارية المفعول على الأراضى السورية المحتلة من قبل إسرائيل منذ يونيو 1967، وطالب تل أبيب بأن تلغى قرارها على الفور. ومن هذا المنطلق، وبمجرد إعلان الرئيس دونالد ترامب اعتراف الولاياتالمتحدة فى 25 مارس 2019 بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، أصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد فى تونس فى 31 مارس 2019 بناءً على مبادرة مصرية دعمتها عدة دول عربية، قرارًا فوريًا أظهر اهتمامًا عربيًا واضحًا بالشأن السورى رغم تعليق عضوية سوريا بالجامعة، يقضى بتكليف المجموعة العربية فى نيويورك باللجوء فورًا لمجلس الأمن لاستصدار قرار بمعارضة هذا القرار الأمريكى، إلا أن الجانب السورى فى ذلك الوقت أصر على عدم المضى قدمًا فى هذا الاتجاه، وذلك خشية أن تتعرض الدول الأعضاء بمجلس الأمن لضغوط أمريكية كبيرة يترتب عليها عدم حصول مشروع القرار الذى ستطرحه المجموعة العربية على الأصوات التسعة اللازمة لإصداره. القضية الفلسطينية بخصوص القضية الفلسطينية.. هل تتوقعون تغييرًا فى موقف الإدارة الأمريكية مع قدوم جو بايدن وتسحب واشنطن القرارات والمبادرات التى تمت فى عهد إدارة ترامب بما يفتح الباب للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون شروط أو مبادرات سابقة؟ من المبكر بمكان التعرف على نوايا إدارة الرئيس بايدن فى هذا الموضوع تحديدًا، خاصة أنه ما زال فى مرحلة تشكيل إدارته وتسمية شاغلى المناصب الرئيسية ولم يستكمل ذلك بعد، ولكننى أتصور أن يكون هناك تغيير جذري فى أسلوب تعامل الإدارة الجديدة مع قضايا الشرق الأوسط، فمن الواضح أن هذه الإدارة، مثلها مثل إدارة الرئيس أوباما فى مدته الثانية، يبدو أنها ستجعل التوجه شرقًا أحد أهم أولوياتها، بما فى ذلك التعامل بشكل أكثر فاعلية مع الصينوروسياوإيران، إلا أنها لن تهمل قضايا الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها البالغة من جهة، ولترابطها الوثيق مع دول الشرق ودورها أيضًا بالمحافل الدولية وتأثيراتها على قضايا المنطقة مثل سوريا وليبيا ولبنان واليمن والعراق والصومال. وفى هذا الإطار، فمن الضرورى من وجهة نظرى أن تكثف الدول العربية من اتصالاتها مع الإدارة الأمريكية فى هذه المرحلة، لطرح تصوراتها ورؤاها بناء على المشاورات المكثفة الجارية حاليًا على كل المستويات، بما فى ذلك تصوراتها لتفعيل مبادرة السلام العربية ووضعها فى أطر تنفيذية فاعلة تكفل أن يظل مبدأ «الأرض مقابل السلام» هو الإطار الحاكم لعملية السلام، وألا يتحول إلى مبدأ «السلام مقابل السلام». الأممالمتحدة بالنسبة لمنظمة الأممالمتحدة.. إلى أى مدى تدعم القضية الفلسطينية فى مواجهة أى قرارات أمريكية سابقة أو لاحقة؟ لقد اعتمدت الدورة ال75 للجمعية العامة للأمم المتحدة عددًا كبيرًا من القرارات حول القضية الفلسطينية أظهرت استمرار الدعم الدولى لمبدأ «حل الدولتين» كأساس لتسوية القضية الفلسطينية، وعلى التمسك بقواعد الشرعية الدولية التى تحكم المفاوضات، بما فيها مرجعيات أوسلو ومدريد ومبدأ «الأرض مقابل السلام» ومبادرة السلام العربية والقرارات العديدة لمجلس الأمن والجمعية العامة حول الصراع العربى الإسرائيلى، كما تضمنت تشديدًا على دور الرباعية الدولية فى إطار الأممالمتحدة فى قيادة العملية التفاوضية. وهذه الدورة من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أظهرت استمرار الزخم وقوة الدفع الرئيسيين نحو التوصل لتنفيذ «حل الدولتين» من خلال المفاوضات المباشره بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وذلك رغم اعتراف إدارة الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلها السفارة الأمريكية للقدس ووقفها تمويل منظمة الأونروا وغلقها مقر سفارة فلسطين فى واشنطن، وإعلانها صفقة القرن، وجميع هذه القرارات رفضتها وأدانتها جامعة الدول العربية وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد الأوروبى وغيرها من المنظمات الرائدة المتعاملة مع القضية الفلسطينية. المصالحة الخليجية بعد زيارة جاريد كوشنر مستشار ترامب لدول خليجية ترددت أنباء عن عزم إدارة ترامب لتحقيق مصالحة خليجية.. ما سر الاهتمام الأمريكى بالمصالحة الخليجية فى هذا التوقيت؟.. وهل هناك تنسيق مع الجامعة العربية فى هذا الشأن؟ رغم العلاقات المتميزة التى تربط بين جامعة الدول العربية والإدارة الأمريكية على كل المستويات، إلا أن واشنطن عادة لا تنسق مع الجامعة فى تعاملها مع القضية الفلسطينية وفيما يخص الخليج تحديدًا، وتقديرى الشخصى أن الاهتمام الأمريكى المفاجئ بتحقيق المصالحة بين رباعى المقاطعة العربية وقطر، والتى قطعت دولة الكويت شوطًا كبيرًا فى الوساطة بين دولها، إنما يأتى فى إطار التنافس مع روسيا الاتحادية والصين، خاصة فى إطار التعامل مع إيران، خاصة فى ضوء تصاعد وتيرة الهجمات على المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج، وتزايد التدخلات الإيرانية فى شئون الدول العربية، وعلى نحو يصعد من حدة التوتر فى المنطقة العربية كلها، مما دفع جامعة الدول العربية لإصدار العديد من القرارات على المستوى الوزارى بإدانة هذا التدخل والمطالبة بتحرك دولى من الأممالمتحدة لوقف سياسات إيران الساعية للهيمنة فى منطقة الخليج. ورغم سياسة «أقصى ضغط» التى اتبعتها إدارة الرئيس ترامب فى التعامل مع إيران من جهة، وانسحابها من الاتفاق النووى الإطارى مع إيران المدعوم أوروبيًا، فقد فشلت تلك الإدارة فى التصدى للأطماع الإيرانية فى منطقة الخليج، بل وفى العالم العربى كله، فى فلسطين ولبنان والعراق واليمن وغيرها، مما فتح الباب لروسيا للسعى لاستثمار ذلك الوضع لخلق توازنات جديدة فى العلاقة بين الدول العربية وإيران. احتفلت كل من الأممالمتحدة والجامعة العربية بمرور 75 سنة على تأسيسهما واعتمدت الجمعية العام للمنظمة الأممية قرارًا فى نوفمبر 2020 حول التعاون بين الجانبين.. ما هو تقييمكم لهذا التعاون وما هى آفاق التعاون المستقبلى والمعوقات التى تحول دون تحقيقها؟ شكل احتفال المنظمتين فعلاً مناسبة تاريخية استحقت التوقف والتأمل فى طبيعة وآفاق التعاون فيما بينهما تنفيذًا للفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة، والتعاون بين المنظمتين يقوم على محورين رئيسيين، الأول، هو التعاون العام والقطاعى والدعم المتبادل فى تنفيذ الأجندات والأولويات التى تقررها الدول الأعضاء فى كلتا المنظمتين، وتقدم الأممالمتحدة دعمًا لجامعة الدول العربية فى تنفيذ الأهداف التنموية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء والواردة فى أجندة الأممالمتحدة 2030، من خلال التعاون المباشر على مستوى المقرات من جهة، ومن خلال المنظمات الأممية المتخصصة مثل الإسكوا وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى والبرامج والصناديق الأخرى. وثانى مجالات التعاون يأتى فى مجال حفظ السلم والأمن الدوليين والتعامل مع القضايا العربية بالأممالمتحدة خاصة فى مجلس الأمن مثل سوريا وليبيا واليمن والصومال والسودان وغيرها، ويتم ذلك من خلال بند أخر على جدول أعمال مجلس الأمن يتركز على تعزيز العلاقة بين المجلس والجامعة حول قضايا منع نشوب النزاعات والدبلوماسية الوقائية وتسوية النزاعات وحفظ السلام وغيرها. ويجرى مجلس الأمن، وليس الجمعية العامة، مناقشة سنوية لهذا التعاون، عقدت أخرها فى يونيو عام 2019 تحت رئاسة سعادة نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الكويت وصدر عنها بيان رئاسى من مجلس الأمن أسهم فى دعم هذه العلاقات بشكل مكثف وفى افتتاح الأممالمتحدة لمكتب اتصال لدى جامعة الدول العربية فى القاهرة يسهم فعليًا فى دعم هذه العلاقات، ومن المقرر أن يعقد الاجتماع القادم تحت رئاسة وزير خارجية تونس لمجلس الأمن فى يناير 2021، ونجرى حاليًا الاستعدادات مع الوفد التونسى لمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية تعزيزًا لهذا التعاون. وهنا أيضًا تجدر الإشارة لمسار آخر للتشاور على مستوى أعلى، حيث يدعو الأمين العام للأمم المتحدة رؤوساء المنظمات الإقليمية جميعًا لجلسة عصف ذهنى سنويًا تركز على أحد الموضوعات المعاصرة ذات الاهتمام المشترك، وعقدت هذا العام فى نوفمبر 2020، وركزت على أفضل السبل للتوصل لوقف إطلاق نار عالمى فى كل المناطق الإقليمية لتمكين الدول من التفرغ للتصدى للأثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية لوباء الكورونا خاصة مع تصاعد الموجة الثانية وتأثيراتها المدمرة. ويستمر التنسيق على كل المستويات حول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.