قبل أن تدق الساعة مع انتصاف الليل، معلنة عن بداية العام الجديد، تصبح شوارع الإسكندرية شبه خالية من المارة والسيارات، وذلك خوفا من تبعات عادة غريبة يحرص عليها السكندريون ضمن طقوس الاحتفال بليلة رأس السنة. فإذا ما تواجدت في عروس البحر ليلة رأس السنة، فاحرص جيدا على ألا تسير في الطريق العام قبل منتصف الليل بساعة على الأقل، حتى لا تتعرض لإصابة ما. ومن المكان الذي اخترته للبقاء لا تستغرب سماع أصوات التكسير والانفجارات، فهي ليست غارة حربية، إنها عادة سكندرية أصيلة تتعلق بإلقاء السكندريين لأكياس المياه، والزجاج القديم والتالف الذي يحتفظون به لمثل هذا اليوم بالطريق العام من النوافذ، احتفالا بالعام الجديد. يقول محمد حسن، أحد قاطني منطقة العصافرة، إن تلك العادة متوارثة من الآباء والأجداد، حيث تضفي بهجة وسعادة في استقبال العام الجديد، مشيرا إلى أنه وأسرته يجمعون الزجاج غير المستخدم أو المحطم لإلقائه في الشارع ولكن مع الحرص ألا يسقط على أحد المارة. وقال كريم محمود، أحد قاطني منطقة سيدي بشر، إنه إلى أن تلك العادة مرتبطة بشكل كبير بالاحتفال برأس السنة معتقدا أنها تمثل إلقاء لمشكلات العام الماضي لاستقبال عام جديد. وعن سر هذه العادة الغريبة يقول الدكتور إبراهيم عناني، عضو اتحاد المؤرخين العرب، إن تلك العادة تعود إلى فترة تواجد الجاليات الأجنبية في الإسكندرية، منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى رحيلهم في منتصف القرن العشرين. وأوضح "عناني"، في دراسة أعدها عن تلك العادة السكندرية، أنه كان من بين احتفالات الجاليات الأجنبية وخاصة الجاليات اليونانية والإيطالية أن يقوموا مع دقات الساعة الثانية عشرة يوم رأس السنة بإلقاء وتحطيم زجاجات الخمور الفارغة في أرضية المقاهي وعلى طريق الكورنيش ومنها اكتسب الشباب السكندري تلك العادة. وأشار "عناني"، إلى أن السكندريين يعتقدون أنه بتحطيم الزجاج القديم مع نهاية عام، فإنهم يودعون أحزانهم خلال هذا العام بشكل رمزي.