د. وحيد عبدالمجيد اجتهادات لم يستطع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب استيعاب قرار المحكمة الفيدرالية العليا رفض النظر فى الدعوى التى علق عليها آخر آماله، أو أحلامه، فى قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية لمصلحته. فقد اتهمها بأنها افتقدت الحكمة، وكذلك الشجاعة. والحكمة بطابعها، أمر نسبى يختلف تقديره من شخص إلى آخر. ولكن اختلاف التقدير ليس مطلقًا. قد يحدث فى معظم الأمور، ولكن ليس فى الأحكام القضائية حين يكون النظام القضائى مستقلًا, ويكون الحكم، أو القرار قائمًا على أساس قانونى وطيد، وواضح فى الوقت نفسه. وهذا ما حدث فى حالة الدعوى التى رفعها المدعى العام فى ولاية تكساس للطعن فى إقدام أربع ولايات أخرى (ميتشجان وبنسلفانيا وجورجيا وويسكنسن) على تعديل نظام الاقتراع فيها قبيل الانتخابات الرئاسية للسماح بتوسيع نطاق التصويت بواسطة البريد، بسبب الظروف الناجمة عن تفشى فيروس كورونا. وطلب مقدم الدعوى إلغاء نتيجة الانتخابات فى هذه الولايات، رغم المصادقة عليها0 وليس مفهومًا كيف راهن ترامب على هذه الدعوى، التى انضم إليها المدعون العام فى 16 ولاية أخرى فاز ترامب فيها كلها، وأكثر من مائة من الجمهوريين فى مجلس النواب، رغم أن دارسًا نابهًا للقانون فى كلية الحقوق يعرف أنها تفتقد الأساس القانونى. ولذلك، كان طبيعيًا أن ترفض المحكمة العليا هذه الدعوى من حيث الشكل، بما يعنى عدم قبولها النظر فيها أصلاً، لأنه لا يحق لأي ولاية أمريكية أن تحدد كيفية إجراء الانتخابات فى ولايات أخرى. لقد راهن ترامب على وجود أغلبية من القضاة المحافظين فى المحكمة العليا (6من أصل 9)، معتقدًا أنهم سينتهكون القسم الذى أدلوا به. وهذا هو التفسير الوحيد لاشتعال غضبه عندما رفض خمسة منهم الدعوى0 ومن بين هؤلاء الخمسة القضاة الثلاثة الذين عينهم خلال فترة رئاسته، وهم نيل جورسيتش، وبريت كافانو، وإيمى باريت. ويدعم هذا التفسير حديث ترامب عن أن المحكمة خذلته. فلا يُخذل المرء إلا ممن يتوقع أن يكونوا معه مظلومًا أو ظالمًا. ويدل هذا الرهان على أن ترامب لم يعرف بعد, وقد لا يعرف أبدًا, معنى أن تكون قاضيًا عادلًا.