يبدو أن الوجه المرعب للموجة الثانية لجائحة كورونا بدأ جليا في عدد كبير من الدول، حيث تتزايد الإصابات بشكل حاد في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك بريطانيا التي أعلنت عن ظهور 24702 حالة إصابة، و310 وفاة في يوم واحد، وفي إنجلترا أظهرت دراسة أن ما يقرب من 100 ألف شخص يصابون بالفيروس كل يوم، أما في فرنسا فسجلت الوفيات اليومية أعلى مستوى لها منذ أبريل، فوصلت إلى 244 حالة وفاة، و36437 حالة إصابة جديدة، وكذلك في الولاياتالمتحدة التي وصلت عدد الإصابات خلال 24 ساعة فقط، 77 ألف إصابة. وبسبب سوء الأوضاع وتفشي الفيروس بشكل أسرع عن ما كان في بدايته، كثفت الدول الأوروبية التي أصبحت بؤرة وباء كورونا، القيود والإجراءات الوقائية، وأغلقت أبوابها للمرة الثانية على التوالي حتى نهاية شهر نوفمبر الجاري على الأقل بسبب الموجة الثانية ل "كوفيد-19"، وذلك في محاولة منهم للحد من تفشي الفيروس والسيطرة عليه. وتجاوز عدد الإصابات ب فيروس كورونا حول العالم 46 مليونا و15 ألف حالة حتى الآن، وتتصدر الولاياتالمتحدة دول العالم من حيث عدد الإصابات والوفيات، تليها الهند ثم البرازيل وروسيا وفرنسا وإسبانيا والأرجنتين وكولومبيا والمملكة المتحدة والمكسيك وبيرو وجنوب أفريقيا وإيطاليا وإيران وألمانيا. وعلى الرغم من الارتفاع الكبير والسريع لعدد الإصابات ب فيروس كورونا ، إلا أن هناك حالة من التجاهل والاستهتار بالفيروس تسود العالم أجمع وليست مصر فقط، وأصبح التعامل مع الفيروس كأنه لم يكن وانتهى، حيث انعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية من قبل المواطنين، ولم يعد هناك من يلتزم بارتداء الكمامة أو التباعد الاجتماعي إلا قلة قليلة بعكس ما كان الوضع في بداية ظهور الوباء، كما تراخت الدول في تنفيذ الإجراءات الوقائية في الفترة الأخيرة سواء في المواصلات العامة أو الأماكن العامة وغيرها، فهل اختفى الفيروس كما يظن المواطنون، أم يسبب تكاسلهم عن الالتزام في موجة ثانية أشد قسوة؟. هل اختفى الفيروس؟ بداية الموجة الثانية بقوة في أوروبا وأمريكا بحسب ما أكدته البيانات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية ، يؤكد أن الفيروس لم يتخف بعد ولم تنته حربنا الضروس معه، ومازال خطر العدوى قائما، ويمكن أن تأتي الموجة الثانية لمصر، وكما أكد الكثير من العلماء المختصون أن الفيروس قد يكون مهندس وراثيا وقد تم إطلاقه لأهداف سياسية واقتصادية، لذا يشدد الدكتور عبدالعظيم الجمال أستاذ الميكروبيولوجي والمناعة بجامعة قناة السويس، على ضرورة توخي الحذر خلال الفترة القادمة. ولكن انخفاض أعداد الإصابة خلال الفترة الماضية طمئن المواطنين بأن الفيروس اختفى ولكن هذا غير صحيح، ويرجع أستاذ المناعة السبب الرئيسي لانخفاض الإصابات، إلى درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، والتي تسببت في تقليل ضراوة الفيروس وتقليل نشاطه وانتشاره، ولكنها لم تقض عليه كما يعتقد الكثير، وفي الفترة الحالية نرى تزايدا في أعداد الإصابات المعلنة رسميا، ما جعل رئيس الوزراء يحذر من خطورة انتشار الموجة الثانية للفيروس، كما حذرت منظمة الصحة العالمية مصر من احتمالية زيادة أعداد الإصابة في غضون أسابيع قليلة. أرقام غير واقعية كما يؤكد أن الأرقام المعلنة يوميا لأعداد الإصابة في مصر لا تعبر عن مجمل الإصابات على أرض الواقع، فهناك من يصاب دون عمل المسحة، وهناك من يصاب دون أن تظهر عليه الأعراض، وهنا مكمن الخطورة حيث سيزداد خطر انتقال العدوى للمخالطين لهذا الشخص، وحاليا مع دخول فصل الشتاء هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي لزيادة أعداد الإصابات وانتشار الفيروس مثل الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة، وضعف المناعة بسبب البرودة وتغيير الفصول، وانتشار الأنفلونزا الموسمية، بالإضافة إلى غياب الوعي لدى المواطنين وإهمال الإجراءات الاحترازية، والذي ينذر بحدوث موجة ثانية أشد فتكا وشراسة. وكذلك توقع الدكتور إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، ارتفاع عدد الإصابات في مصر خلال الفترة المقبلة كما يحدث في عدد من الدول في الوقت الحالي، حيث إن الموجة الثانية ستنتشر بنفس التسلسل الذي قامت به في الموجة الأولى، والتي بدأت في الدول الأوروبية ومن ثم الدول العربية، والآن بالفعل الأرقام متزايدة بشكل كبير حيث تصل إلى 6 أضعاف ما رأيناه في الموجة الأولى، وبدأ فالشرق الأوسط الأعداد ترتفع بشكل طفيف. السيطرة على الوفيات ويعتبر أستاذ علم انتشار الأوبئة، ارتفاع الإصابات بهذا الشكل ليست مشكلة، نظرا لأنه أًصبح لدينا القدرة في التحكم بها والسيطرة عليها ومعالجة الحالات في وقت محدد على عكس ما حدث في الموجة الأولى، وذلك لوجود بروتوكولات علاج وهذا كان غير متوافر في بداية انتشار الوباء، وبالتالي انخفضت أعداد الوفيات، والأهم حاليا هو العمل والاهتمام لعدم زيادة الوفيات. خطة للمواجهة ويرى الأطباء أن ما يحدث في أوروبا وأمريكا الآن يجب أن نتخذه كعبرة وعظة، فنجد أن هناك تزايدا ملحوظا في أعداد الإصابات ب "كوفيد-19"، في فرنسا وانجلترا وبلجيكا وإسبانيا وغيرها من البلدان الأوروبية، مما يؤكد حدوث الموجة الثانية من الفيروس، لذا فلابد من الأخذ بالأسباب وتطبيق الإجراءات الاحترازية، فالخطر ما زال موجودا، ومازلنا نفقد أعز الناس من الأصدقاء والأقارب بسبب هذا الوباء اللعين، لذلك يتعين على السادة المسئولين التجهيز من الآن لخطة بديلة لمواجهة هذا الوباء وتطبيق الإجراءات الاحترازية، كما يجب أن تعود وسائل الإعلام لتوعية المواطنين بخطورة الفيروس وكيفية تفادي العدوى والحد من انتشارها. فشدد الدكتور عبد العظيم الجمال على ضرورة تجهيز كل من وزير التربية والتعليم، ووزير التعليم العالي، خطة شاملة لمواجهة الموجة الثانية من الفيروس حتى يمر العام الدراسي بسلام على الطلاب والمعلمين، ويجب تجهيز سيناريو ناجح وفعال للتعليم الإلكتروني، وكذلك الامتحانات عن بعد، حتى يتم التوصل للقاح فعال وآمن والذي يمكن أن يستغرق وقتا أكثر مما نظن، لذا لابد أن نكون أكثر حرصا ولابد من تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي لمنع انتشار العدوى. ونظرا لأننا لا يمكننا الآن منع التواصل بين الأصحاء والمرضى، يؤكد الدكتور إسلام عنان أن الالتزام بالإجراءات الاحترازية سواء ارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي وعدم التواجد في التزاحم أو التلامس هو الحل الأمثل للحد من كورونا وقلة العدوى، مما يجعلنا غير مضطرين لغلق الدولة مرة أخرى كما حدث في فرنسا على سبيل المثال، لذلك لابد من تغريم كل من لا يرتدي الكمامة وفرض العقوبات المغلظة على الأماكن غير الملتزمة بالإجراءات الاحترازية. هل مصر معرضة للموجة الثانية؟ لا يعني ارتفاع عدد الإصابات بهذا الشكل في الدول الأوروبية والهجوم الشرس للموجة الثانية عليها، أن تتعرض مصر أيضا لنفس الموجه، فالصين التي تعتبر بلد المنشأ للفيروس تتباهى حاليا لقدرتها على التخلص من الفيروس فلا يوجد أي عدد إصابات لها حتى الآن، واستطاعت أن تسيطر على الوضع تماما بعد أن كانت متصدرة رقم الإصابات والوفيات. الدكتور أمجد الحداد مدير مركز الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، يؤكد أيضا أن طبيعة الفيروس تختلف من مكان لمكان، ففي الدول الأوروبية يختلف عن الشرق الأوسط وما يؤكد ذلك سيطرة الصين على الوضع، فإذا كان بنفس القوة كانت لا تستطيع التخلص منه وكان حدث موجة ارتدادية أو ثانية للفيروس ولكن لم يحدث، كما أننا نرى أنه على الرغم من أن الإصابات تزداد إلا أن عدد الوفيات منخفض عن الموجة الأولى. وفي حال حدوث موجة ثانية في مصر، يؤكد الحداد أن المنظومة الصحية المصرية أصبحت أكثر خبرة في التعامل مع الفيروس عن بداية ظهوره، وأصبحنا متمكنين في كيفية التعامل مع المريض واستخدام بروتوكلات العلاج بحسب وضع المريض فلا يوجد قلق في هذا الشأن، وانخفاض عدد الوفيات يؤكد أن هناك فرصة أن تكون قدرة الفيروس على الفتك انخفضت أي أنه على الرغم من أن لديه القدرة على الانتشار بشكل كبير وسريع إلا أنه غير فتاك وهذا شيء مبشر للغاية . موعد الموجة الثانية ويوضح رئيس قسم المناعة بالمصل واللقاح، أنه من المعروف أن الموجة الثانية تبدأ في الظهور بعد انتهاء الموجة الأولى ووصولنا إلى صفر إصابات، ولكننا لم نصل للصفر إصابات حتى الآن، ولكن يمكن دخولنا للموجة الثانية دون الوصول للصفر إصابات وذلك إذا ارتفعت الإصابات بشكل كبير خلال الفترة القادمة. كما يؤكد أن الاستهتار بكورونا في جميع الدول وليست مصر فقط، ولكننا نرى ما حدث في الدول الأخرى التي أهمل شعبها ونزعوا الكمامات ولم يحافظوا على التباعد الاجتماعي أو أي إجراء من الإجراءات الوقائية من كورونا، لذلك يجب اتخاذ ما حدث معهم عبرة حيث إن بعض الدول بدأت أن تغلق على نفسها مرة أخرى وانتشار الفيروس سيؤثر عليها بكل المقاييس. الفرق بين كورونا ونزلات البرد ومع اقتراب فصل الشتاء واحتمالات تزايد حالات نزلات البرد والأنفلونزا، يتساءل البعض ما إذا كان يمكن أن تكون أعراض هذين المرضين مشابهة إلى حد كبير لتلك التي يعاني منها الأشخاص المصابون ب فيروس كورونا ، ويوضح الدكتور أمجد الحداد الفرق بين نزلات البرد العادية، والإنفلزنزا، وكورونا، فيما يلي: نزلات البرد تكون أعراض نزلات البرد العادي، بسيطة ولا تعيق الاستمرار في الروتين اليومي أو حركة الحياة الطبيعة، فيحدث للمريض ارتفاع بسيط في درجة الحرارة ورشح، واحتقان بسيط جدا، ويمارس الشخص حياته الطبيعة دون أي عائق ولم يستمر الشعور بالتعب كثيرا. الإنفلونزا أما أعراض الأنفلونزا، والتي تعتبر مرضا "سريريا"، أي أنه يتسبب في إعاقة الشخص عن ممارسة حياته اليومية وعدم القدرة على الحركة، تكون عبارة عن ارتفاع شديد في درجات الحرارة تصل إلى 39 درجة، وآلام في العظام، ومشاكل تنفسية وكحة، وصعوبة في التنفس، وصداع. كورونا وتتماثل أعراض كورونا مع أعراض الإنفلونزا، وغالبا ما تبدأ أعراض كورونا بأعراض البرد العادي ومن ثم يشتد، وتبدأ بارتفاع في درجات الحرارة وتكسير شديد في العظام، وزيادة الرشح، ومشاكل تنفسية شديدة، وعدم القدرة على التذوق والشم. ونظرا لأن أعراض كورونا متشابهة مع الإنفلونزا، فلابد أن يقوم كل شخص بالعزل بمجرد الشعور بالتعب حتى إذا كان يعني من برد بسيط ويتعامل معه على أنه كورونا كإجراء احترازي حتى يثبت غير ذلك، فيقوم بالعزل المنزلي وارتداء الكمامة، وفي حالة زيادة الآلام يجب التوجه للطبيب فورًا لعمل الفحوصات اللازمة.