فى عام 1964 أصدر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قرارًا بإنشاء إذاعة القرآن الكريم ؛ بناء على اقتراح من الأزهر الشريف ود.عبدالقادر حاتم مسئول الإعلام فى ذلك الوقت.. كانت إسرائيل قد بدأت فى بث برامج لدول إفريقيا فيها آيات محرفة ومشوهة من القرآن الكريم، ونجحت الإذاعة الجديدة فى أن تنشر كلمات الله فى كل ربوع العالم.. وتطورت برامجها وبدأت تقدم برامج دينية تتناول القضايا الإسلامية من خلال كبار المفكرين والعلماء في العصر الذهبي للثقافة والفكر الديني فى مصر وتحولت الإذاعة إلى مرجعية للفكر الإسلامي المستنير.. وقد واكب هذا الفكر قراءة القرآن الكريم على يد قراء مصر العظام الشيخ محمد رفعت و الحصرى و مصطفى إسماعيل و عبد الباسط عبد الصمد و أبوالعينين شعيشع و البنا وزاهر والبهتيمي والدمنهوري وكوكبة من قراء مصر فى زمن لن يتكرر.. وجاءت بعد ذلك تجربة المصحف المرتل وقام قراء مصر بتسجيل القرآن الكريم بكل قراءاته، وكان ذلك سببًا فى تسجيل القرآن الكريم كاملًا بصوت هؤلاء القراء، وأصبح الآن ثروة تفخر وتعتز بها مصر أمام العالم؛ بل إنها أصبحت تراثًا إسلاميًا يسعى إليه المسلمون فى كل بلاد الدنيا.. إن الشيء المؤكد أن هذا الميراث من تسجيلات وقراءات القرآن الكريم يمثل تاجًا على رأس الثقافة المصرية؛ لأنه تراث لا يوجد إلا في أرض الكنانة.. ومن أصوات قرائها الذين لم تتكرر مواهبهم.. إن مسئوليتنا أن نحافظ على هذه الإذاعة وما فيها من تاريخ نعتز به.. لقد بلغت إذاعة القرآن الكريم الخامسة والخمسين من عمرها هذا العام، ومازالت تحفظ كتاب الله وتقدم صورة إيمانية بديعة عن ديننا الحنيف.. إن إذاعة القرآن الكريم كانت من مفاخر الإعلام المصري، وتفردت بها مصر فى العالم الإسلامي فلا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر، ويكفي أن فيها أجمل الأصوات التي رتلت القرآن الكريم وحفظته للناس نصًا وتلاوة.. من أين نجيء الآن بقراء مصر العظام وهم أصوات جمعت الجمال والجلال والتقوى؟!.. إن في إذاعة القرآن الكريم نخبة من المذيعين ومقدمي البرامج من أقدر الإعلاميين فى مصر.. إن إذاعة القرآن الكريم تراث وتاريخ وريادة ومن الخطأ الجسيم أن نشوه أغلى ما نملك. * نقلًا عن صحيفة الأهرام