مثلما حذر حكمدار بوليس العاصمة ، فى فيلم حياة أو موت، المواطن أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس من أن الدواء - الذى من المفترض أن يخفف آلامه ويعالجه - فيه سم قاتل.. ينبه خبراء النفس إلى أن بعض العلاقات الإنسانية - والتى من المفترض أن تهون علينا الحياة وتسعدنا - سامة، تتلف الأعصاب والروح و الصحة البدنية . ورغم أن العلاقات الانسانية فى مجملها مركبة ومعقدة وتتطلب كثيرا من العمل والمرونة لإنجاحها وتجاوز الصعوبات، إلا أن العلاقات السامة تكون ضاغطة و مرهقة أغلب الوقت، مستنزفة عاطفيا وذهنيا، فإذا كان يخيم على حياتك الشعور بالحزن أو الغضب أو التوتر أو الإحباط أو فقدان الثقة بالنفس أو الميل للانعزال ،دون وجود مشكلة أو طارئ مسبب لذلك، عليك بمراجعة علاقتك، بالشريك أو الصديق أو أبويك أو زملائك بالعمل، فربما يكون السم يسرى فى عروقك ويقتلك بالبطيء وبدلا من حصر أنواع السموم البشرية، فلنعقد مقارنة بسيطة بين العلاقة السامة و العلاقة الصحية ، ولا نقول النموذجية فلا توجد واحدة حيث إن المثالية تتنافى مع الطبيعة البشرية. تمنحنا العلاقة الصحية الطاقة وتزيد من تقديرنا لذواتنا حيث نتمتع فيها بالاهتمام والاحترام والتعاطف والمشاركة فى المسئوليات واتخاذ القرارات، وفى المقابل تنهكنا العلاقات السامة وتعتصرنا ونعانى خلالها من شعور دائم بالذنب والتقصير وعدم القيمة والتقليل من شأننا، والخوف من التعبير عن آرائنا أو رغباتنا حتى لا نتعرض لعاصفة من الغضب. أما فى العلاقة السامة هناك شعور مستمر بالقلق وعدم الاستقرار، وحاجة دائمة لشرح نفسك وتقديم التبريرات، وهو ما يدفع كثيرين للكذب وإخفاء أمور كثيرة، وربما الاختباء وراء أقنعة لا تمت لشخصياتهم بصلة. تستمر العلاقات السامة لفترات طويلة دون أن يدرك الطرفان أن علاقتهما ليست فقط غير صحية بل مؤذية على المستوى النفسى، والمستوى الصحى حيث قد تؤدى إلى اضطرابات فى الأكل والنوم فضلا عن الإصابة بأمراض الضغط والسكر والقلب.يعتبرانها «سنة الحياة»، و«حظهما» أن تكون زيجتهما أو صداقتهما أو عائلتهما صعبة وكل ما عليهما هو الصبر والاحتساب أو الهروب إلى عالم مواز. أما خبراء النفس فيؤكدون أن الحظ لا علاقة له بالمسألة، وأن من الأسباب الرئيسية للتورط فى علاقة سامة، فيما عدا العلاقة بالأبوين، هو إساءة الاختيار منذ البداية. ولذا من الضرورى أن تغلب عقلك عند اختيار الرفيق أو الصديق أو شريك العمل مهما تكن قوة فورة البدايات. ومن الأسباب أيضا حقيقة أن الانسان «أسير المألوف»، وبالتالى يميل نحو تكرار ما تربى عليه، حتى لو عانى منه. كما أن هناك صفات شخصية، مثل الأنانية الشديدة والنرجسية وحب التحكم، تؤهل أحدهما أن يكون «الطرف السام».. وصفات مقابلة كالخنوع وضعف الثقة بالنفس والاضطراب النفسى، تؤهل الآخر ليصبح المتلقى. المؤسف أنه لا يوجد ترياق فعال لعلاج مثل تلك العلاقات، وأن الحل الأسهل والأسلم، ما لم تكن مجبرا أو مضطرا للاستمرار، هو انهاء العلاقة. أما اذا قررت اختيار الحل الأصعب، فعليك أن تدرك أن فصد السم يتطلب وقتا طويلا وصبرا وإصرارا هائلين والاستعانة بمساعدة استشاريين متخصصين، فى حالة تعذر الخيارين فلتتفادى الاحتكاك بالطرف الآخر وتعمل بنصيحة الدكتور مصطفى محمود «حفظ المسافة فى العلاقات الانسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير،فهى الوقاية الضرورية من الصدامات المهلكة». * نقلًا عن صحيفة الأهرام