تعمل وزارة التعاون الدولي، مع شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثنائيين من خلال منصة التعاون التنسيقي المشترك، على دفع التعاون وتعزيز الشراكات من خلال مبادرات تمويل مشروعات تساهم في دفع النمو المُستدام في مصر، وإعادة البناء لتعافٍ اقتصادي يتسم بالمرونة، بما يتماشى مع الأجندة الوطنية للتنمية 2030، وأهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأممالمتحدة. إن تعزيز العلاقات مُتعددة الأطراف يُعتبر محورًا رئيسيًا للمضي قدمًا نحو تسخير إمكانات القطاع الخاص والمجتمع المدني وتوجيههما نحو تحقيق الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، وذلك من خلال ربط المعايير البيئية والأطر الاجتماعية والحوكمة بالتمويل الموجه للقطاع الخاص، كما تهدف إلى تهيئة الظروف المناسبة لإطلاق إمكانات القوى العاملة بالسوق المحلي من خلال وضع إطار قانوني وتنظيمي مناسب، وإقامة بنية تحتية قوية وتوفير مصادر طاقة نظيفة ومستدامة. وتسعى وزارة التعاون الدولي للمساهمة بدورها في إعادة صياغة الميثاق الاجتماعي الجديد الذي طرأ عقب جائحة كورونا، من خلال حشد الجهود الدولية لتنفيذ المشروعات التنموية التي تُسهم في تحسين حياة المواطن وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. شراكات دولية من أجل تعاون إنمائي فعال تُنسق وزارة التعاون الدولي مع كافة شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين من خلال إستراتيجية سرد المشاركات الدولية، المبنية على ثلاثة محاور رئيسية الأول هو المواطن محور الاهتمام، حيث أعطت مصر أولوية قصوى للاستثمار في المواطن وتعزيز رأس المال البشري من خلال التنمية الشاملة، والمحور الثاني المشروعات الجارية، وعرضها بكل شفافية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وثالثًا الهدف هو القوة الدافعة، حيث تعد المشاركات الهادفة هي القوة الدافعة لتحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة ومواكبة التغيرات العالمية المتسارعة، وتوطيد الروابط والعلاقات مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين . ومصر تعتبر عضوًا مؤسسًا في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، حيث استثمر البنك ما يتجاوز 6.5 مليار يورو في أكثر من 116 مشروعًا في مصر تغطي كافة القطاعات الاقتصاد ية، من أهمها البنية التحتية والتصنيع والخدمات والزراعة والبنوك وأسواق المال. ويُدعم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية جهود الحكومة المصرية لإطلاق الإمكانات الاقتصاد ية من خلال تنفيذ إصلاحات هيكلية تؤدي إلى نمو مستدام، ويستثمر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في الاقتصاد المصري على المستويين الحكومي والخاص منذ أكثر من ثماني سنوات، بهدف تحسين حياة المواطنين مُستغلا الخبرة التي اكتسبها على مدار ثلاثين عامًا في تطوير اقتصاديات الأسواق الناشئة التي يساهم فيها القطاع الخاص. دور أوسع للقطاع الخاص وبإعادة النظر إلى الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة المعني بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد ، فإن له تأثيرات واسعة النطاق تشمل البعد الاجتماعي و الاقتصاد ي والبيئي، لذا فإن دور القطاع الخاص لا يقتصر فقط على توفير فرص العمل، بل يمتد إلى ضمان تحقيق الإدماج الاجتماعي وتحسين الأمن الغذائي والحفاظ على البيئة، والأهم من ذلك دوره في الحد من الفقر. وتمتلك مصر فرصًا قوية لتحقيق أهداف عامة على نطاق واسع من خلال التناغم بين قطاعات الأعمال لديها، على سبيل المثال الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد المصري، والتي في بعض الأحيان ما تواجه مخاطر نتيجة نقص إتاحة التمويل المناسب، وفي هذا الإطار جعل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مُساندة هذه النوعية من المشروعات من أولوياته على مستوى التمويل والدعم الفني، حيث وقع البنك مؤخرًا اتفاقيات بقيمة 850 مليون دولار مع البنوك المحلية المصرية لإعادة إقراضها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم الأعمال التجارية. ووافق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على تمديد هذا التمويل كجزء من استجابته لدعم البلدان في الأسواق الناشئة لدعم قدرتها على التعامل مع تأثير جائحة كورونا، وفي إطار حزمة الاستجابة يوفر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية السيولة المطلوبة للأسواق بشكل عاجل لتمويل رأس المال العامل وإعادة هيكلة الميزانية وتمويل التجارة والبنية التحتية، وكانت الاتفاقية التي تم توفيرها لعدة بنوك محلية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر، أول تمويل في إطار هذه الحزمة داخل السوق المصرية، التي تُعاني من تباطؤ نتيجة جائحة كورونا لكنها قد تتجنب الركود. كما دعم البنك الأوروبي الشركات الصغيرة أيضًا من خلال برنامج Star Venture لمساعدة مسرعات الأعمال على تبني الابتكار وريادة الأعمال وتطوير الأعمال، واستفادت منصة Youspital الناشئة من البرنامج وهي عبارة عن منصة لحجز الرعاية الصحية لخدمة المواطنين الأكثر احتياجًا أو غير المؤمن عليهم خلال جائحة كورونا، وأطلقت الشركة الناشئة خطًا ساخنًا مجانيًا للاستشارات الطبية حول فيروس كورونا، بالإضافة إلى زيارات منزلية لإجراء الفحوصات التي تساعد على الحد من انتشار الوباء. إن دعم الاستثمار في رأس المال البشري والأجيال القادمة جزء رئيسي من استراتيجية وزارة التعاون الدولي لذلك طرح البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أيضًا برنامجًا توظيفًا للشباب يوفر التدريب المهني ويعالج نقص المهارات ويخلق فرص العمل، وبدأ البنك المشروع بدعم من وزارة الدولة للشئون الاقتصاد ية السويسرية والتعاون مع أكاديمية السويدي الفنية بالقاهرة لتعزيز المهارات. المساواة بين الجنسين وضمان تكافؤ الفرص فيما يتعلق بأهمية حقوق الإنسان لتحقيق التنمية، فقد أطلقت وزارة التعاون الدولي «مُحفز سد الفجوة بين الجنسين» الأول من نوعه في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، بالتعاون مع المنتدى الاقتصاد ي العالمي والمجلس القومي للمرأة، حيث يعمل «محفز سد الفجوة بين الجنسين»، كمنصة تضم القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني، وكذلك شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لتنسيق الجهود وحشد الدعم والتمويل للتعامل بشكل أكثر فاعلية مع أجندة تمكين المرأة في مصر لسد الفجوات بين الجنسين وتحقيق تكافؤ الفرص، وفي هذا الإطار فقد حرصت الوزارة على العمل مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتقليص الفجوات بين الجنسين في سوق العمل. وفي عام 2015 أطلق البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار برنامج «المرأة في الأعمال التجارية» في مصر، حيث أصبح مُحركًا مُهمًا للنمو من أجل مجتمع أكثر شمولية واستدامة، وجدير بالذكر أن 34% من الشركات في مصر الذين استفادوا من الخدمات الاستشارية للبرنامج كانت بقيادة سيدات، كما أنه منذ بداية العام الجاري 10 رائدات أعمال كن أول من أنهين برنامج "شهادة مديري الشركات"، بعد الحصول على تدريب مُتعمق بتمويل من الاتحاد الأوروبي، حول المهام والأدوات والمسئوليات القانونية الرئيسية لأعضاء مجالس إدارة الشركات . جدير بالذكر أن مصر حصلت مؤخرًا على جائزة الاستدامة 2020 الصادرة عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية 2020 عن النوع الاجتماعي والشمول، وذلك لمساهمة الهيئة القومية لسكك حديد مصر في النقل الآمن الأمر الذي يعد ضروريًا لتحقيق التمكين الاقتصاد ي للسيدات، وتمكينهن من فرص التعليم. كما تم الإشادة بمصر خلال المؤتمر الافتراضي الذي عقده البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حول قضايا تمكين المرأة وإعادة البناء الاقتصاد ي بشكل أفضل، باعتبارها أول دولة تصدر ورقة البرامج والسياسات المقترحة بشأن خطة مصر للاستجابة السريعة للاحتياجات الخاصة بالمرأة أثناء انتشار فيروس كورونا المستجد. طاقة نظيفة للجميع لقد حققت مصر تقدُمًا فيما يتعلق بتوفير الطاقة النظيفة بالتعاون مع شُركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثنائيين، كما أن نصف استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقريبًا موجهة لتطوير البنية التحتية المستدامة، لاسيما في ظل أهمية هذا الأمر لتيسير سبل العيش للمواطنين وارتباطه بشكل وثيق بالتعليم والنقل والصحة والوظائف. وساهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تمويل حقل بنبان للطاقة الشمسية في أسوان بقدرة 1.5 جيجاوات، لإمداد أكثر من مليون منزل بالطاقة المتجددة، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 900 ألف طن سنويًا، حيث يُعتبر البنك الأوروبي أكبر مستثمر في هذا المشروع وقد عمل بشكل وثيق مع الحكومة المصرية لتهيئة الظروف المناسبة لاستثمارات القطاع الخاص في صناعة مصادر الطاقة المتجددة. وحصلت مصر على جوائز البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للاستدامة في مجال الطاقة، نظرًا لالتزام الشركة المصرية لنقل الكهرباء بالابتكار وتعزيز تكافؤ الفرص و"المهارات المستدامة" للمرأة في قطاع الطاقة المتجددة في الدولة. وخلال عام 2019 اتفق البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية مع وزارة التعاون الدولي على توفير نحو 183 مليون يورو للشركة المصرية لنقل الكهرباء لتطوير شبكة كهرباء أكثر مرونة وقوة في جميع أنحاء مصر، من خلال دمج 1.3 جيجاوات من الطاقة الجديدة والحد من خسائر الكهرباء، وبالتالي توفير 770 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا. دفع جهود الدبلوماسية الاقتصاد ية
أطلقت وزارة التعاون الدولي منصة التعاون التنسيقي المشترك بين شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين خلال أبريل الماضي، بهدف تعزيز الشراكات من أجل تحقيق الأهداف التنموية من خلال المشاركة التفاعلية مع جميع الشركاء، وتوفر المنصة الآلية اللازمة للوقوف على التجارب الناجحة والاستفادة منها، وتحديد التحديات الرئيسية ومعالجتها عن طريق التفاعل والمناقشة والحوار بين المشاركين. وتم عقد عدد من ورش العمل التشاركية في عدة قطاعات ذات أولوية تنموية بالنسبة للحكومة منها الزراعة والنقل وتمكين المرأة، فضلا عن قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية وقطاع الأعمال العام، بهدف الوقوف على المشروعات التي تحتاج إلى تمويل وتحديد أوجه الدعم المطلوب، من خلال هذا النهج الجديد لتوسيع نطاق جهود التنمية في مصر من خلال التعاون والابتكار لتحقيق تعافٍ شامل ومستدام. ومن خلال العمل الحثيث مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين يمكن تحقيق إعادة بناء تعافٍ اقتصادي يتسم بالمرونة، ليس فقط للعودة لأوضاع ما قبل جائحة كورونا، ولكن لتأسيس عالم جديد للعيش فيه والتقدم إليه.