بنى عمرو بن العاص مسجده الشهير ليكون أول مسجد فى مصر عام 21ه على شاطئ النيل فى الجهة البحرية من قصر الشمع، وقد انحدر ماء النيل تدريجيا حتى أصبح على بعد نحو 400 متر منه وبنى بالطين وكان طوله عند إقامته خمسين ذراعا وعرضه ثلاثين وإن لم يتوقف اتساعه وتطويره، حتى أصبح هذا المسجد العظيم الذى يٌعد من أهم معالم مصر القديمة وتبعه جامع مؤسس أول دولة إسلامية استقلت بمصر احمد بن طولون الذى عندما أخبره المهندسون أن الجامع فى حاجة إلى 200 عمود من الرخام وأنه يمكن الحصول عليها من الكنائس والمعابد القديمة رفض تماما ووافق فقط على اقتراح أحد المهندسين باستبدال الأعمدة بدعائم من الآجر تقاوم الحريق. أردت أن أبدا بكيف كانت بدايات مدينة الألف مئذنة التى لا يناسب ويزاحم مساكن البشر فيها إلا إقامة المساجد من مختلف الطرز وفنون المعمار وأوقف على كثير من المساجد ما يوفر لها الموارد المالية لتظل قادرة على صيانتها وتقديم خدماتها ومن أهمها فى نظرى جامع السلطان حسن وبلغت مساحته 9530 مترا مربعا واستغرقت إقامته سبع سنوات، وبلغ من عظمة عمارته بايوناته الأربعة التى قيل أن أحدها اكبر من إيوان كسرى أن أطلق عليه هرم العمارة الإسلامية. أردت البدء بالبدايات المبكرة لمدينة الألف مئذنة التى تحولت إلى عشرات الآلاف من المآذن ب المساجد الكبيرة والصغيرة من مختلف الطرز وفنون العمارة وآلاف الزوايا .. ما لوجه الله وما للتهرب من الضرائب! المهم ان تاريخ مصر مع بناء المساجد منذ دخول الإسلام ظل جزءا أصيلا من التكوين الإيماني للشخصية المصرية يجسدها تسابق فى بناء بيوت الله، سواء مساجد أو كنائس بل تجاوز الأمر أحيانا المعانى والرسالة العميقة لإقامتها الى طقوس شكلية لا علاقة لها بصحيح الدين ولا توجد بلد فى الدنيا مثل مصر تتعانق تحت سمائه الأعداد الهائلة من مآذن وقباب المساجد والكنائس ويتبارى الفنانون والمهندسون ودارسو العمارة فى ابتكارها وتشييدها وهى ليست خافية على كل من يملك بصرا وبصيرة وضميرا نقوده الى القراءة السليمة والعادلة لما يدور على أرض بلدهم وما أكثر ما اختلط رفع الآذان بين المساجد التى تنتشر فى منطقة واحدة ولا يستطيع الا منافقون وأدعياء وأصحاب أهواء وأمراض أن يدعون أننا بلد يهدم مساجد الله إلا ما شيد فوق أراض زراعية أو مغتصبة من الدولة وبدلا من رد الأراجيف والادعاءات إلى صدور أصحابها بإعلان الحقائق دائما. تسارع وزارة الأوقاف إلى الإعلان عن افتتاح مئات المساجد الجديدة وآخرها تخصيص 48 مليون جنيه دفعة أولى لعمارة المساجد فى الربع الأول من العام المالى الحالى وكأنه بالفعل هناك تقصير أو أخطاء تقتضى الاعتذار عنها مع ان هذا لم يحدث أبدا ف المساجد كانت دائما محل كل اهتمام وإن كان هذا لا يغنى عن سؤال بالغ الأهمية وهو كيف تدار المليارات من أملاك وأموال الأوقاف وهل تم ما طالب به الرئيس من تقنين معلن وشفاف لها وما هى الأولويات التى تسعى بها إدارة أموال الأوقاف لتحقيق ما وهبت من أجله هذه الأموال و الأوقاف بما تطمح إليه من خدمات وأهداف إنسانية، وما أكثر هذه الأهداف التى تنتظر من يدعمها ويساعد فى تحقيقها وما أعمق وأصعب الآلام والمعاناة التى يعيش فيها أهلنا وناسنا الطيبون فى أغلب قرانا مثل الصعيد حيث نحتاج لإيصال الخدمات التى حرم منها أبناء الصعيد وتسعى الدولة إلى رد الاعتبار إليهم وهو يمثل مصرفا من أهم مصارف أموال الأوقاف . لقد كتبت قبل أكثر من عام ان وزارة الأوقاف سجلت الأملاك و الأوقاف والسندات والقصور والعقارات والاستثمارات والأراضي الزراعية والمناطق الأثرية والمصانع المتعثرة وغيرها التى تمتلكها مما لا يعد ولا يحصى وقد طالب الرئيس السيسى منذ أسابيع بمراجعتها وحسن استثمارها وإخضاعها للقيمة السوقية. أعود إلى ما بدأت منه وهو عن ما للمساجد من قيمة ومكانة وحقوق رعاية منذ دخل الإسلام مصر وما لدى الشخصية المصرية من مكونات إيمانية، ولكن هل يعنى هذا ألا تحكمنا أولويات لا تقل أهمية أو تتحكم فى تشييدها أكاذيب واتهامات وشائعات متهوسين وجماعات إرهابية مأجورة وعميلة كما شاهدنا وانتشر من أراجيف وادعاءات عندما تصدت حملات استعادة ما نهب ودمر من أخصب أراضينا الزراعية أو بنى فوق أراض ملك الدولة وشيدت فى اطار عمليات النهب والتدمير، أو ربما لإكساب المنهوب والحرام ثوب الحلال ..وسارعت وزارة الأوقاف بالرد بافتتاحات لأعداد هائلة من المساجد الجديدة.! لا يقل أهمية عن تشييد المساجد أن تشارك أموال الأوقاف بأدوار اكبر فى خطط وبرامج إنقاذ قرانا فى ريفنا وفى صعيدنا مما حرم أبناءه من مقومات أساسية وضرورية للحياة .. نظافة المساجد الموجودة والمنتشرة لا جدال فيها ودون حاجة إلى مبالغات فى الانفاق يصل إلى الأرقام التى نقرأها الآن !! ويظل إعادة مقومات الحياة والكرامة الإنسانية التى حرم منها الملايين من أهلنا وناسنا أولوية تمثل جوهر ديننا وتعظيمه لقيمة وإنقاذ الإنسان ويفرض أن يعلن وبأعلى درجات الشفافية كيف تدار وتنفق أموال الأوقاف وهل تحقق ما دعا إليه الرئيس من هيكلة لها وتعظيم استثمارها .. ستظل مصر تبنى ولا تهدم إلا ما يحتاج الهدم بالفعل وهو العقول الخربة والمأجورة والعميلة! كعادتها فى المسارعة بالاستجابة إلى مطالب الأبناء الأعزاء من ذوى القدرات الخاصة ومواصلة لما اتخذته من تلبيه لمطالبهم وأشرنا إليه من قبل أمرت وزيرة التضامن نيفين القباج باستخراج الكارت الذكى والذى تعطل إصداره لسنوات طويلة رغم ما يمثله من ضرورات لتيسير شئون حياتهم كما أصدرت منشورا بأحقيتهم فى الجمع بين الراتب ومعاش الوالد المتوفى تحية لوزيرة إنسانة ومحترمة تتعامل مع مطالب الأبناء الأعزاء من ذوى القدرات الخاصة كحقوق أصيلة لهم واجبة النفاذ.