مر أسبوع كامل على المبادرة التى أعلنها فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى الليبى المنتهية ولايته منذ عام 2017، و المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى المنتخب ، بوقف إطلاق النار والدخول فى العملية السياسية، وبرغم ذلك لم تتحرك الأمور على الأرض بما يصب فى مصلحة القرار بين الجهتين المتصارعتين على السلطة، وهو ما دفع الآلاف من الشعب الليبى للخروج طوال الأيام الماضية فى تظاهرات تطالب برحيل السراج وطرد الغزاة الأتراك و الميليشيات التى تستولى على ثروات الليبيين، وتمت مواجهة هذه التظاهرات بالسلاح وقتل وإصابة العشرات من المدنيين، ممن أرادوا تغيير الوضع الذى يعيشه الشعب الليبى حاليا من بؤس وتدنى الخدمات اليومية وقطع الكهرباء والمياه وأصبحت الثروات تذهب للإرهابيين وليس للشعب الذى يعانى منذ عام 2011. تحركت الدولة المصرية على الملف الليبى بهدف حقن الدماء وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 6 يونيو الماضي، إعلان القاهرة فى وجود المستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر، وهى المبادرة التى طالبت بوقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات للمجلس الرئاسى وتمثيل جميع مكونات الشعب الليبى فى تقاسم السلطة، والانخراط فى عملية سياسية وحل الميليشيات وتوحيد المؤسسات الوطنية، وإخراج المرتزقة والقوات الغازية من الأراضى اللييبة، واستمرت مصر فى جهودها للحفاظ على حقوق الليبيين وسيادة بلدهم وعدم تبديد ثرواتهم لمصلحة الغزاة الأتراك والمرتزقة، فكان تحديد الخط الأحمر فى 20 يونيو «سرت - الجفرة» وهى دعوة للسلام، ليتوقف الجميع عند المواقع الموجودين عليها دون أى تحرك من الغرب أو الشرق، وهذا الخط الذى أعلنه الرئيس السيسي وضع الجميع أمام مسئولياته، وبدأ الحراك الدولى نحو انخراط الطرفين فى عملية سياسية بدلا من أصوات الرصاص، وتدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية وجلست مع جميع الأطراف المتصارعة فى الوقت الذى تتحرك فيه مصر بشكل كبير مع الأشقاء فى ليبيا لضمان تغيير الأوضاع على الأرض لمصلحة السلام وليس للحرب التى لن تحسم الموقف لأى من الطرفين، فالحوار السياسى يجب أن يحظى بالأولوية تحت رعاية الأممالمتحدة وبضمانات دولية واضحة لضمان عدم اختراق أى اتفاق قد يتم التوصل إليه بين شرق وغرب ليبيا. على الليبيين حاليا البحث عن مستقبل وطنهم وأن تكون الأولوية هى طرد المحتل التركى وتفكيك جميع القواعد العسكرية التركية وحل الميليشيات وترحيل المرتزقة الأجانب ممن جلبهم الغازى التركى للأراضى الليبية، وربما تكمن المشكلة الرئيسية فى إعاقة التوصل لسلام قريب فى ليبيا، فى فقدان فايز السراج قدرة السيطرة على الوضع كاملا فى طرابلس، حيث أصبح أسيرًا للأطماع التركية - القطرية ممن يريدون الاستئثار بالقرار الليبى وهو ما يعد إهانة لأحفاد عمر المختار أن يكون قرارهم من خارج حدود وطنهم، فلدى السراج أطماع البقاء فى السلطة بحماية الاحتلال التركي، لكن خروج الليبيين ضد السراج والغزاة سيجعل دوره السياسى على وشك الانتهاء فى ظل التفريط فى سيادة ليبيا ومنح الأتراك احتلالها والتحكم فيها، وهو ما يتنافى مع مبدأ السيادة. مازال الشعب الليبى يعانى ويدفع الثمن منذ عام 2011 حتى اليوم، وحان الوقت لأن يبحث عن مصالحه وأمنه والاستفادة من ثرواته، فى ظل ما حظيت به مبادرة وقف إطلاق النار من تأييد عربى ودولي، وعلى السراج الانحياز للشعب الليبى وليس للنفوذ التركي، فالتاريخ سيحاسب من خان وباع وتآمر على مقدرات ليبيا وفتحها للاحتلال والغزو العثمانى، لا بديل حاليا سوى الحل والمصالحة. * نقلًا عن صحيفة الأهرام