تتسارع الأحداث على الأراضي الليبية، وتشتعل المعارك في ميادين متعددة ليس على الأرض فقط، وإنما هناك صراع سياسي تحركة قوى خارجية لا يعنيها مصلحة الليبيين، تحاول تكريس مصلحات جديدة لقلب الحقائق وتزييفها من أجل خلق وقائع جديدة على الأرض لخدمة مصالحها الخاصة. - حكومة شقاق وليس وفاق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطلق على حكومة طرابلس بقيادة فائز السراج كلمة "وفاق" لأن هذا يعطيها شرعية لا تستحقها، فقد كانت مصدرا للشقاق والنزاع والخيانة وجلب الاحتلال منذ بدء عملها. لقد اغتصب فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي للحكومة السلطة وعائدات النفط الليبي، فليس للسراج ولا الأممالمتحدة، الحق في تمديد صلاحيات حكومة الوفاق الوطني، ولا يمكن إنشاء الحكومة الليبية الجديدة إلا بإرادة الشعب الليبي بأسره سواء بإجراء الانتخابات أو عقد مؤتمر جديد ل ليبيا . حكومة السراج غير شرعية وفاقدة الصلاحية لفهم الصورة بشكل أوضح، لا بد من العودة إلى اتفاق الصخيرات المبرم في عام 2015، الذي أتى ب حكومة السراج غير المنتخبة، وجعلها ممثلا ليبيا فاقدا للشرعية، لكن معترف به دوليا، رغم أنه لا يمثل الشعب الليبي. ففي 17 ديسمبر 2015، تم توقيع اتفاق بين أطراف الصراع في ليبيا ، تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة في مدينة الصخيرات المغربية، بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر. والهدف من ذلك الاتفاق كان بسيطا وواضحا، هو إنهاء الأزمة والوصول إلى حلول ترضي الشعب الليبي، وأطراف الصراع المتناحرة في البلد، إلا أن الواقع كان مختلفا تماما. ونص اتفاق الصخيرات على العديد من البنود، أهمها تلك التي توضح شكل وطبيعة المهام المرتبطة ب"حكومة الوفاق "، وهي ذات البنود التي تثبت الآن أن حكومة السراج فقدت شرعيتها بالفعل. فمن بين هذه البنود، ذلك الذي ينص أن "مدة ولاية الحكومة عام واحد فقط، وفي حال عدم الانتهاء من إصدار الدستور خلال ولايتها يتم تجديد تلك الولاية تلقائيا لعام إضافي". ووضع هذا البند قبل نحو 4 سنوات، مما يعني أنه لا يوجد مبرر قانوني أو دستوري لوجود حكومة السراج حتى الآن، ولعل هذا هو ما يشجع السراج على الإقدام على اتخاذ قرارات جدلية، مثل مذكرتي التفاهم اللتين أبرمتها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دون العودة إلى البرلمان الليبي مصدر التشريع الممثل للشعب. كما أن مجلس النواب الليبي إعلن سحب الشرعية عنها قبل أشهر ورفض استمرار عملها. قوات الاحتلال والغزو العثماني في ليبيا وليس ( الجيش التركي ) رغم انتهاء الاحتلال بشكله التقليدي منذ ستينات القرن الماضي إلا أن إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إرسال مرتزقة للغرب الليبي يؤكد أننا أمام احتلال غاشم خاصة بعد أن رفض البرلمان الليبي وبالإجماع الاتفاقيتين الموقعتين بين السراج وأردوغان. وينص القانون الدولي على أن استدعاء قوات من الخارج لا يأتي إلا بقرار من مجلس الأمن أو بطلب من رئيس الدولة أو الحكومة المنتخبة. وهذا ما لا يتوفر ل حكومة السراج ، ولهذا يحق للشعب الليبي مقاومة الاحتلال التركي بكل الوسائل المتاحة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وبالتمعن في حجم الأطماع التركية في ليبيا والعوائد الهائلة التي ستعود عليها في حال أعادت إحياء إمارتها العثمانية القديمة في ليبيا ، تتضح المصالح الاقتصادية والأطماع التركية في الأموال الليبية. ولم يجد النظام التركية في فريسته الليبية، أفضل من عوائد النفط والغاز التي ستدر عليها مليارات الدولارات، حتى لو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار. وتظهر هذه المحاولات المستميتة للتدخل في الشأن الليبي، من خلال الدعم الذي يقدمه أردوغان لحكومة فايز السراج في طرابلس، المدعومة من قبل ميليشيات إرهابية تحارب الجيش الوطني الليبي.