عبدالله عبد السلام أفق جديد حتى الآن يبدو كورونا «عادلا» يساوى بين الأغنياء و الفقراء ، لا يستهدف منطقة بعينها بسبب تخلفها أو ضعف إمكاناتها أو لون بشرة أبنائها، الكل أمامه سواسية، ولكن للأسف لن يستمر هذا الوضع طويلا؛ فمع اكتشاف اللقاح المنتظر سيحاول الأقوياء فرض سطوتهم وشراء أكبر كمية ممكنة منه على حساب الفقراء الذين سيظل الوباء يفتك بهم، بينما سينجو مواطنو الدولة المتقدمة . أهلك كورونا ليس فقط الأرواح بل الاقتصاديات وشعبية الزعماء أيضا، وسيكون اللقاح، بما يعنيه من توقف نزيف الوفيات، حبل نجاة لهؤلاء الزعماء الذين سيطبقون شعار بلدي أولا، كما لم يحدث من قبل، وسيكون المتاح من اللقاح محدودا بالنظر إلى رغبة الجميع فى الحصول عليه، وبالتالى، سيتم إجبار الشركات المنتجة، وهي أمريكية وأوروبية بالأساس، على تلبية الطلب المحلي أولا. كما يقول الباحثان توماس بوليكى وتشاد براون فى دراسة معمقة بمجلة فورين أفيرز. بيتر ماركس المسئول البارز ب هيئة الدواء والغذاء الأمريكية وصف اللقاح بأنه مثل أقنعة الاوكسجين التى تنزل على راكب الطائرة وقت الخطر، ويقول إن تعليمات السلامة تطلب الاهتمام بالنفس أولا ثم مساعدة الآخرين، المشكلة أن أقنعة الأوكسجين يتلقاها الجميع وليس فقط ركاب الدرجة الفاخرة، أما اللقاح، فسوف يحارب الأغنياء كي يشتروه أولا. المتضرر هنا سيكون الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وسيتعين عليها الانتظار شهورا للحصول عليه، لأن الكبار صادروه لمصلحتهم. دون تنسيق والتزام دوليين بتوزيع اللقاحات عالميا بطريقة عادلة - يحذر الباحثان - فإن بعض القادة سيتبعون نهجا قصير النظر، وسيطبقون أفكارا قومية وشوفينية على دواء من المفترض أن يكون خارج السياسة والنعرات الوطنية، وسيكون هناك اكتناز للقاحات بالدول الغنية، ونقص شديد لدى الفقراء ، مما سيضطرهم للبحث عن أنواع أخرى من اللقاحات ربما تكون أقل أمانا. إذا سار ترامب ومن على شاكلته على نهج بلدى أولا، فإن الدول الفقيرة ستواجه الكارثة إذا حذت حذوهم. الحل فى تحالف بين الفقراء يتفق على حد أدنى من المطالب ويضغط لفرضها والحصول عليها من منتجى اللقاحات، وإلا فإنهم سيخرجون وقد خسروا مرتين: بسبب الوباء وبسبب اللقاح. * نقلًا عن صحيفة الأهرام