اشتعلت الدراما السياسية فى تونس وتكشفت تدريجيا للشعب التونسى الشعارات الخادعة لجماعة الاخوان المتأسلمين المتمثلة فى حركة النهضة حول الحكم والإدارة بعد نحو ثمانى سنوات كانت النهضة المسيطرة فيها على شئون البلاد، ولم يجن التونسيون خلالها سوى ارتفاع معدلات البطالة والفقر الى مستويات غير مسبوقة وتفاقم الدين العام الذى بلغ بحسب التقديرات العالمية إلى 82 مليار دولار، وهو ما أدى إلى خروج آلاف التونسيين إلى الشوارع فى مظاهرات احتجاجية عارمة على فشل النهضة فى جلب الحلول السحرية لمشكلات البلاد. واصبحت معركة النهضة التى تقود البرلمان، ليس فقط مع الرئاسة والاحزاب الاخرى، بل مع غالبية الشعب التونسى الذى تكشفت له اخيرا انها حركة تسعى للتكويش والهيمنة وخدمة وكوادرها قبل خدمة الوطن والشعب، ليس هذا فقط بل انها شكلت ميليشيات مسلحة تستخدمها ضد الشعب وخصومها من السياسيين وان جهازها السرى هو الذى اغتال شكرى بلعيد ومحمد البراهمى فى عام 2013 وهما من اشد معارضى النهضة فى تونس وهو ما كشفت عنه هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمى مؤخرا بل ان النائبة عبير موسى رئيسة كتلة « الحزب الدستورى » الحر والتى تقود حركة تمرد نواب البرلمان ضد رئيسه راشد الغنوشى زعيم النهضة، تلقت تهديدات بالقتل بسبب مطالبتها بسحب الثقة من الغنوشى. ويكتشف التونسيون تدريجيا شعارات النهضة الزائفة مما ادى الى تراجع شعبيتها بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية, وعلى سبيل المثال، فقد فازت فى انتخابات عام 2011 ب 89 مقعدا من اجمالى مقاعد مجلس النواب البالغة 217، وهى الانتخابات التى جاءت عقب تفجر الربيع العربى من تونس. تراجع هذا العدد الى 69 مقعدا فى انتخابات 2014، ثم فى انتخابات 2019 لم تحصل النهضة الا على 52 مقعدا فقط، ولم تعد تهيمن على البرلمان واصبحت فى حاجة الى الائتلاف مع الاحزاب الاخرى حتى تتمكن من مواصلة سيطرتها. المعركة القادمة هى ما بين الرئيس قيس بن سعيد ، النهضة بشأن صياغة دستور جديد كما وعد الرئيس خلال حملته الانتخابية بديلا عن دستور النهضة الذى تمت صياغته فى 2014 وهمش من صلاحيات الرئيس ووضع نظاما انتخابيا مفصلا على مقاس النهضة كما يقول التونسيون. وهكذا تنزلق تونس تدريجيا الى ثورة جديدة على «النهضة» التى غلبت مصالح كوادرها الخاصة ومصالح تركيا وقطر على مصالح تونس وغالبية الشعب كما تقول النائبة عبير موسى ! نقلا عن صحيفة الأهرام