رأي ليست دولة تلك التي لايحترم فيها مواطنوها القوانين اعتمادا علي أنهم مع كثرة المخالفين سيفرضون الأمر الواقع ويجبرون الدولة علي التصالح معهم. هذه هي القاعدة الكبري التي عشنا معها سنوات حتي أصبح ارتكاب المخالفة قاعدة واحترام القانون استثناء. فمن يصدق أن في مصر 1.8 مليون حالة تعد على الأراضي الزراعية و2.8 مليون مبنى مخالف للقانون. و التعدي على الأرض الزراعية يعني سرقة الأرض التي تراكمت عناصر صلاحيتها للزراعة علي مدي آلاف السنين وحرمان مصر من ناتجها الذي يوفر احتياجات مواطنيها من الغذاء مما جعل استيراد هذه الاحتياجات التي ندفع ثمنها بعملة صعبة هي الأساس في حصولنا علي طعامنا. أما المباني المخالفة فنتيجتها الفوضي القاتلة التي نعيشها، والتي حولت شوارعنا إلي جراجات للسيارات وأرصفتنا إلي مقاه ومطاعم، وأحياءنا إلي عشوائيات كلما نجحنا في إصلاح واحدة ولدت أخرى جديدة. يحدث هذا رغم أن القانون الزم مالك أي عمارة تزيد مساحتها علي 250 مترا مربعا أن يكون لها جراج يؤوى سيارات ساكنيه ويمنعهم من الاضطرار لإيقاف سياراتهم في الشوارع المحيطة وتعطيل حركة المرور والمشاة. ومع ذلك يتم تنفيذ آلاف المباني والأبراج دون جراجات. وتصل الاستهانة بالقوانين وبمصالح المواطنين إلي درجة ارتفاع برج طوله أكثر من 50 طابقا في شارع حسن صبري بجوار قسم شرطة الزمالك أقامه صاحبه ليكون فندقا وليس له جراج وكأن شاغليه سيهبطون عليه من الفضاء. والغريب أن مالك هذا البرج الذي تحول إلي خازوق كان من كبار المسئولين في وزارة الإسكان الذين مهمتهم منع البنايات المخالفة. واستكمالا لحكاية هذا البرج فقد كان ولابد من وقف استخدامه حتي لا يتسبب تشغيله في إغلاق الزمالك. وهو اليوم له نحو 40 سنة يقف كالخازوق شاهدا أو تمثالا أو نصبا للفساد والذي استشري وسري في عروق القاهرة وكل المحافظات حتي وصل بعدد المباني المخالفة إلي 2.8 مليون مبني! وللحديث بقية [email protected] نقلا عن صحيفة الأهرام