مع بداية الحرب الأهلية بالصومال وسقوط حكومة سياد برى، آخر رئيس للصومال عام 1991، لم تشهد البلاد منذ ذلك التاريخ حكومة مركزية تسيطر على كل أجزاء الصومال، لكن هناك الآن فرصة لطي تلك الصفحة من خلال خارطة طريق مدعومة من الأممالمتحدة وبرعاية إقليمية. ومن المتوقع اليوم الإثنين، انعقاد برلمان جديد تقلص عدد أعضائه لكن لم يتم تعيينهم كلهم، حيث تم اختيار 220 من بين 275 هم أعضاء البرلمان حتى الآن، كما كان من المفترض اختيار رئيسين جديدين للبرلمان والبلاد قبل 20 أغسطس الحالي. وعلى الرغم من حث الجهات المانحة المستمر، مرت المهلة دون تحقق شيء لكن دبلوماسيين غربيين يأملون أن يكون ذلك التأخير مجرد أسابيع محدودة، حيث تتعلق القضية الأكبر بما إذا كان بوسع الحكومة الجديدة أن تكون مختلفة عن سلسلة من الإدارات المؤقتة غير الفعالة خلال السنوات القليلة الماضية، فعلى الرغم أن نهاية الإدارة المؤقتة توصف بأنها فجر جديد في السياسة الصومالية إلا أن هناك مخاوف من أن تجيء الحكومة الجديدة مماثلة للحكومات السابقة بالمشكلات الأمنية ذاتها وكذلك الفساد والسياسة العشائرية التي تسبب الانقسام. وقال كن منكهاوس، خبير بشئون الصومال واستاذ العلوم السياسية في كلية ديفيدسون: إذا نجحت القيادة الحالية للحكومة الانتقالية المؤقتة في التلاعب بالنتيجة فإن نهاية الفترة الانتقالية ستمثل فارقًا بدون اختلاف." وقال إي جيه هوجندورن، مدير مشروع القرن الإفريقي بالمجموعة الدولية لعلاج الأزمات: أعتقد أن الاحتمال القائم هو أن البرلمان الجديد سيعكس الشخصيات ذاتها تقريبًا، وأن الكثير من التحديات التي واجهتها الحكومة الانتقالية المؤقتة ستستمر في ملاحقة الحكومة الجديدة." ويؤكد كثيرون أن الإدارة الحالية لم تحقق مكاسب أمنية دائمة أو خدمات أساسية أو تحسن من مستوى المعيشة لكن الرئيس شيخ شريف أحمد، الزعيم السابق للمتمردين الذي يتولى السلطة منذ عام 2009 وكذلك رئيسا الوزراء والبرلمان جميعهم يتنافسون على الرئاسة، كما يواجهون مزاعم فساد متفش ورد ذكره في تقرير مجموعة مراقبة الصومال التابعة للأمم المتحدة في يوليو والذي أظهر أن سبعة دولارات من كل عشرة دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية من عام 2009 الى عام 2010 لم تدخل خزائن الدولة. وفي مقابلة مع "رويترز"، رفض الرئيس الصومالي المزاعم التي وردت في التقرير وقال إنها "مختلقة" و"كاذبة"، في حين لاتزال مقديشو تحمل آثار الحرب وضعت لافتات عليها صور المرشحين المحتملين على أعمدة الإنارة والجدران والسيارات ويشعر كثير من المواطنين بالقلق من أن يستأثر الزعماء الحاليون على عملية الإصلاح للاحتفاظ بالسلطة. ويضيف نيك بيرنباك، رئيس المعلومات العامة في المكتب السياسي للصومال التابع للأمم المتحدة، إن انعقاد البرلمان بأغلبية الأعضاء خطوة مهمة للأمام بالنسبة للبلاد مضيفا "لكن... ما زال هناك الكثير من العمل الشاق المطلوب في الأيام القادمة." من جانبها، اتهمت الأممالمتحدة التي تدعم صراحة عملية التحول من وصفتهم بأنهم "مفسدون" بمحاولة إفساد العملية، وفي حيثن لم يتهم اوجوستين ماهيجا ممثل الأممالمتحدة الخاص لشئون الصومال أحدًا بعينه بشكل مباشر باللجوء الى الترويع والرشى لكنه يقول إن البعض بتلك العملية "له مصلحة دفينة في الإبقاء على الوضع الراهن". ويرشح زعماء القبائل من التركيبة العشائرية المركبة في الصومال أعضاء البرلمان ويجب ألا يكون لهم تاريخ في العنف ون يكونوا حصلوا على التعليم الثانوي على الأقل وأن يكون ثلثهم من النساء، وتنظر لجنة في مدى صلاحية الأعضاء وتضم تلك اللجنة أعضاء اختارهم أكبر ثلاثة زعماء في الصومال منهم الرئيس، وسط أنباء عن أن بعض الأعضاء في اللجنة تلقوا تهديدات فيما يتعلق بعملهم. ومن بين المرشحين للرئاسة عبد الرحيم عبد الشكور الذي كان ممثلاً للصومال بجامعة الدول العربية، قائلاً: إن العملية الانتخابية برمتها تنطوي على عيوب.. إنها عملية الحكام فيها واللاعبون واحد ولا فائدة من مشاهدة المباراة، فالصومال في مفترق طرق... سيحدد الرئيس الجديد ما إذا كان الصومال سيمضي للأمام أم للخلف." لكن هناك بعض الأسباب التي تدعو للأمل ،إذ تحاول مقديشو التي كانت يوما مرادفا للفوضى والعنف أن تبعد عن نفسها صورة المدينة التي تمزقها الحروب. وحتى العام الماضي كان مقاتلون من حركة الشباب المتشددة يحفرون أنفاقا في العاصمة واستغلوا منازل مهجورة كمخابئ لمحاربة القوات الافريقية والصومالية التي تحرس الجبهات التي أصبحت تحدد شكل المدينة الساحلية. وانسحبت حركة الشباب في أغسطس واضطرت لإعادة تنظيم صفوفها في مناطق أخرى ويرجع ذلك أساسا إلى استمرار الضغط من قوات بعثة الاتحاد الافريقي المدعومة من الأممالمتحدة. وبعد مضي 12 شهرا أصبحت مقديشو تنبض بالحيوية وتجلى ذلك في تجديد المنازل التي كانت مليئة بالثقوب من الأعيرة النارية وفي ازدحام الأسواق، إلا أن مسئولون بالأممالمتحدة وفي الجهات المانحة يعتقدون أن استمرار الدعم الدولي سيدفع الصومال في الطريق الصحيح بعيدًا عن صراع السلطة بين العشائر والفوضى السياسية التي أتاحت ظهور متشددين إسلاميين. ومن الممكن أيضًا أن يؤدي ذلك إلى تجدد اشتعال الخصومة العشائرية التي ربما تستغلها حركة الشباب كوسيلة للحشد لدعوتها لتجديد المعركة في مواجهة قوات بعثة الاتحاد الافريقي والقوات الحكومية التي ما زالت تعاني نقصًا بالمعدات وتدنيا في الرواتب. وفي حين أن بعثة الاتحاد الافريقي أحرزت تقدمًا كبيرًا خارج مقديشو كما أن القوات الكينية والاثيوبية ما زالت تخرج المتمردين من أجزاء من جنوب ووسط الصومال فإن الحكومة المركزية ليس لها سلطة تذكر خارج العاصمة. ويقول هوجندورن إن المشكلة هي أن المكاسب التي تحققها قوات الاتحاد الافريقي وحلفاؤها أوجدت مناطق بها فراغ سياسي لا تشغله أو تديره بشكل فعال الحكومة المركزية بل الميليشيات المتحالفة. ويقول محمد عبد الله محمود، رئيس سابق للوزراء، يحظى بشعبية معروف باسم فارماجو وهو الآن يرشح نفسه للرئاسة إنه ما زال يأمل أن يختار البرلمان الجديد قيادات، مضيفًا: هناك تعريف للجنون يقول إنه القيام بالأمر ذاته مرارًا وتكرارًا مع توقع نتيجة مختلفة. إنهم بحاجة لقيادة التغيير الذي تحتاجه البلاد."