انطلاق فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" بديوان عام محافظة الجيزة    صديق للبيئة.. طلاب تربية نوعية الفيوم يبدعون في معرض "فنون مستدامة".. صور    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد معامل ومدرجات الطب البيطري لمتابعة أعمال التطوير    محافظة الأقصر تناقش إقامة مركز تأهيلي لذوي الهمم في إسنا    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    مفوضة أوروبية: وقف النار في غزة هش ويجب إسكات الأسلحة    إلغاء مباراة الأهلي وبيراميدز في دوري الناشئين بسبب ركلة جزاء    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    روني: إيزاك لا يستحق اللعب أساسيا في ليفربول    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    نيابة الإسماعيلية تستدعي باعة الأدوات المستخدمة في قتل ضحية المنشار    إحالة ممرضة تسببت في حريق بمستشفى حلوان العام للمحاكمة    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    حوار| وائل جسار: مصر بلد الفن.. ووجودى فيها تكريم لمسيرتى الفنية    إسراء عصام: أشارك للسنة الثانية في مهرجان الموسيقى العربية.. وأغني "أنساك" تكريمًا لكوكب الشرق    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    1850 مواطنًا يستفيدون من قافلة جامعة الفيوم الطبية بقرية سنرو القبلية بأبشواي.. صور    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    أمير عيد يتلقى عزاء والدته بمسجد حسين صدقى فى المعادي    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    المغرب يستضيف بطولة للكرة النسائية بمشاركة تاريخية لمنتخب أفغانستان    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يوضح    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    سيراميكا كليوباترا: الأهلي فاوض أحمد هاني.. ولا مانع لانتقال القندوسي إلى الزمالك    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة إخفاقات تفسر غضب الأمريكيين
نشر في بوابة الأهرام يوم 06 - 06 - 2020


د. طه عبدالعليم
رغم لغو الإدارات الأمريكية باسم حقوق الإنسان بغية إخضاع شتى البلدان والنظم لإرادتها وهيمنتها، ورغم زعم المفكر الأمريكى فرانسيس فوكوياما عن نهاية التاريخ عند المثال الأمريكى الليبرالى فى السياسة والاقتصاد والثقافة، فان انفجار «دعنى أتنفس» قد جسد إخفاق الولايات المتحدة فى بناء دولة لكل مواطنيها.
وهذا الإخفاق أراه العنوان العريض الذى يجسد الإخفاقات التى تفسر الاحتجاجات الواسعة والغاضبة، التى شملت عشرات المدن والولايات الأمريكية. وكما فى كل مكان، حين تنفجر الهبات الجماهيرية العفوية بعد أن يشعلها حدثٌ لا يفسرها بذاته، وتغيب القيادة السياسية الواعية للجماهير، تتقدم الصفوف عناصر فوضوية، وتتوافر الفرصة لعناصر إجرامية وانتهازية كى تمارس التخريب والنهب. وقد كان الحدث هو قتل جورج فلويد على يد شرطة تستهل القتل العنصرى للمواطنين الأمريكيين من أصول إفريقية.
لكن الأسباب العميقة التى تفسر غضبة الأمريكيين تكمن فى إخفاقات مزمنة، أكتفى هنا بالإشارة الى ثلاثة منها. الأول، هو الإخفاق فى اقتلاع جذور العنصرية من المجتمع الأبيض وجهاز الدولة بعد أكثر من قرن ونصف قرن على الغاء عبودية الأمريكيين السود، وبعد أكثر من نصف قرن من انتصارات قانونية مهمة انتزعتها حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كنج. والثانى، هو الإخفاق فى التصدى المبكر لوباء كورونا حين أهدرت الإدارة الأمريكية احترام التوازن الواجب بين حماية حق الأمريكى فى الحياة وواجب حماية الاقتصاد من الانهيار فشغلت أمريكا المركز الأول دون منازع عالميا فى أعداد المصابين والمتوفين.
وقد تناول باراك أوباما- فى مقال منشور على موقع ميدوم- أوضاع بلاده المضطربة مع تزايد المظاهرات الغاضبة على مقتل مواطن أسود، معلناً أن موجات الاحتجاجات تعبر عن إحباط حقيقى ومشروع؛ وداعياٌ إلى تحويل هذا الغضب إلى تحركات سلمية لإحداث عملية تحول حقيقية. ومشددا على ضرورة اقرار السلطة بالدور السلبى الذى تلعبه العنصرية فى المجتمع والتصدى لها، يختم بأن الأشهر القليلة الماضية كانت صعبة ومحبطة، وأن الخوف والحزن والشك والصعوبات التى سببها وباء كورونا فاقمتها التطورات التى تذكر بأن التعصب والظلم ما زالا يشكلان جزءا كبيرا من الحياة الأمريكية.
وأما جورج باكر- الكاتب الأمريكى- فقد كتب تحت عنوان (نحن نعيش فى دولة فاشلة) يقول: إن الأمر تطلب وباء كارثيا لنكتشف شدة الاعراض التى نعيشها؛ حيث تطلبت الأزمة ردا سريعا وعقلانيا، فتعمد الرئيس التجاهل وبددت الإدارة شهرين للاستعداد لمواجهة الازمة، وترددت نظريات المؤامرة وعلاجات المعجزة، وتصرف أعضاء بمجلس الشيوخ والمديرون التنفيذيون للشركات بسرعة ليس لمنع الكارثة القادمة، ولكن للاستفادة منها!! فاستيقظ الأمريكيون صباح الاول من مارس ليجدوا انهم مواطنون يعيشون فى دولة فاشلة، تعانى نقصا حادا فى الاختبارات المخبرية والاقنعة والأثواب واجهزة التنفس، ولا توجد لديها خطة وطنية!! وتعيش حالة من الفوضى المطلقة .
وفى قراءة الأسباب الثالثة للأزمة الراهنة، يسجل الكاتب الأمريكى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، أدت المغامرات الرهيبة خاصة حرب العراق إلى محو الشعور بالوحدة الوطنية والشعور بالمرارة تجاه النخبة السياسية وهى المرارة التى لم تتلاش أبدًا، ورغم الأزمة المالية فى عام 2008 التى قاد اليها كبار المصرفيين لم تتم محاكمتهم واحتفظ معظمهم بثرواتهم واستمروا فى وظائفهم!! ولم يتعاف الأمريكيون من الأزمة قط، وأما أبناؤهم فقد صاروا أفقر من آبائهم، وازدادت مظاهر عدم المساواة، وأما إصلاحات سنوات أوباما فى مجال الرعاية الصحية والتنظيم المالى والطاقة الخضراء فكانت لها تأثيرات مُلَطِفة فقط، وكان الحصاد الدائم للركود هو زيادة الاستقطاب ونزع مصداقية السلطة. وجاء ترامب إلى السلطة باعتباره متمردا على المؤسسة الجمهورية، ولكن سرعان ما توصلت النخبة السياسية المحافظة والزعيم الجديد إلى تفاهم، وتشاركوا الاهداف الاساسية: إزالة الأصول العامة لمصلحة المصالح الخاصة. ولم يتظاهر ترامب قط بأنه رئيس الدولة بكاملها، لكنه وضع الأمريكيين ضد بعضهم البعض؛ على أساس العرق والجنس والدين والمواطنة والتعليم والمنطقة، وكان إنجازه التشريعى الرئيسى، هو اجراء أحد أكبر التخفيضات الضريبية فى التاريخ، فأرسل مئات المليارات من الدولارات إلى الشركات والأغنياء!! مع انتشار العدوى تجلى التفاوت الصارخ فى نظام الرعاية الصحية فكان غالبية ضحايا الوباء من الفقراء والسود .
وعود على بدء،أختم فأسجل أن الجريمة العنصرية الأخيرة، جسدت حقيقة أن المجتمع الأمريكى مازال يعانى مستويات عالية من العنصريّة والتمييز، تمثل أحد أهم مظاهرها فى صعود حركة اليمين العنصرى alt-right وهى تحالف قومى أبيض؛ يسعى إلى طردِ الأقلّيّات الجنسيّة والعرقيّة من الولايات المتحدة، كما ابرز مقال للواشنطن بوست!! ويبقى الطريق الى المستقبل الذى ينشده المجتمع الأمريكى هو بناء دولة المواطنة، دولة كل مواطنيها، التى تحمى جميع حقوقهم، دون تمييز أو تهميش، مهما يكن بلوغ هذا الطريق طويلا.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.