تفرض جائحة كورونا ضوابط لم تكن معتادة فى العالم من قبل منها التباعد الاجتماعى وهو أهم شرط للوقاية من هذا الوباء توصلت اليه الصين بسرعة كبيرة بعد ظهور الوباء فى مدينة ووهان، وبدا الأمر مستغربا بعض الشيء فى بدايته لكن بعد ان هجم الوباء على جميع دول العالم اكتشف العالم ان الحل الأول يكمن فى التباعد الاجتماعى الذى يمنع الاختلاط والتعايش والحياة الاجتماعية، ربما يكون خفف بعض الشيء من حدة الصدمة تطور شبكات التواصل الاجتماعى والتوسع فى تقنيات الفيديو وغيرها من الابتكارات التى تتيح للإنسان التعايش عن بعد ومواصلة الحياة وبحكم الطبيعة كل شيء له جوانب إيجابية واخرى سلبية وتجسدت الظواهر السلبية فى انتشار الشائعات على الشبكة الرقمية وتورط البعض فى نقلها دون التأكد من الحقيقة وكانت أكثر هذه الشائعات تلك التى تتحدث عن إصابة البعض خصوصا من الشخصيات العامة ويسارع البعض بتناقلها دون التأكد او مراجعة النفس. بسبب التباعد الاجتماعى سالت دموع توازى حجم انهارعميقة وهى تعانى قيد التباعد الاجتماعى ففى حالات الوفاة لا يتمكن الاقرباء قبل الأصدقاء من الاقتراب أو الزيارة للمواساة.هناك عائلات كثيرة تعيش فى عواصم العالم وهى مقيدة، الآباء فى مكان بحكم العمل والأبناء فى مكان آخر بحكم الدراسة والأمر يطول ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئا. نعمة التواصل ربما يشعر الجميع بقيمتها فى هذه اللحظات التى لم يكن يتوقعها أحد على وجه الأرض.العالم يخطط لفاعلياته باليوم والساعة والدقيقة كل شيء محسوب بدقة والترتيبات معدة بأدق التفاصيل أحداث ثقافية ورياضية وفنية ومؤتمرات ومعارض وندوات واجتماعات أممية وحفلات زفاف ومناقشات علمية كل هذا توقف فمن كان يعتقد أن فيروسا لا يرى سيضع حدا لكل تحركات البشر وينسف الترتيبات يتساوى فى هذا من يملك ومن لايملك. ربما تكون دعوة للبحث والتأمل ووضع النقاط فوق الحروف ففى عصر العلم والتطور لا مجال للحديث عن السطحية فى المعالجات غير أن ما يمر به العالم يدعو إلى المزيد من التعمق فى قدرة الخالق الذى هو فوق كل شيء. التباعد الاجتماعى ضرورة للحياة فى مثل هذه الظروف الصعبة ولا يملك المرء الذى يعيش بعيدا عن عائلته إلا أن يتقبل الأمر بنوع من الهدوء حتى لا تتأثر معنوياته وتتدهور حالته النفسية. قصص إنسانية مؤثرة أوجدتها جائحة كورونا فى جميع دول العالم، تتناقلها وسائل الإعلام وساعدت فى انتشارها مواقع التواصل الاجتماعى بكل ما تتميز به من سرعة وانتشار ومتابعة من بين تلك القصص دموع الطبيبة التى تؤدى رسالتها بضمير فى أحد مستشفيات الحجر الصحى على مدى أسابيع وعندما عادت إلى منزل العائلة وقبل أن تصل طلبت من والدتها تجهيز حجرة عزل لها تحسبا لما هو أسوأ والتزمت بالضوابط التى تعرفها كطبيبة وإنسانة تحافظ على صحة عائلتها وجيرانها ولكن آفة الناس الحماقة حيث اعتقد الجيران أنها مصابة ونتج عن هذا سوء فى المعاملة وصلت الى حد منع عامل القمامة من الصعود الى شقتها وتأفف الباعة من التعامل مع والدتها كتبت الطبيبة الشابة عبر صفحتها على الفيسبوك قصتها وهى تتجرع الألم والحزن كانت صادقة شامخة وهى تروى الحقيقة المرة والتى تعكس ثقافة يجب أن تتغير فى المجتمع بحيث لا يكون الحكم على الناس بالقسوة بل التعامل بالرحمة. الواجب يقتضى تقديم كل أوجه المساندة للطبيبة؛ سواء المعنوية أو حتى المادية لرفع معنوياتها وتقدير عطائها والسؤال عنها للمساندة بكل ما تعنى الكلمة لا أحد يستطيع أن ينكر أن جائحة كورونا جعلت البعض يهرب من أمه وأبيه هذا حدث فى حالات الإصابة بالوباء وهو أمر غير منطقى ولا يتماشى مع العقل لكنه يحدث فى زمن كورونا العجيب. الأمل الذى ينتظره الجميع هو انتهاء قيد التباعد الاجتماعى وعودة دفء الحياة بين الناس والاحساس بنعمة التصافح وتلبية الدعوات واللقاءات بصدر رحب وإقبال على الحياة. ستنتهى دون شك محنة الفيروس بجهد العلماء والباحثين وستكون الدروس المستفادة كبيرة بحجم المحنة التى فرضت نمط النظافة العامة والاهتمام بالصحة وتطبيق معايير فى المعاملات كانت معروفة لكن بقصد يتجاهلها الإنسان الذى يعرف ولكنه يكابر. نقلا عن صحيفة الأهرام