ترامب يغادر قمة مجموعة السبع مبكرا بسبب أحداث الشرق الأوسط    تفتيش ذاتى ومنع للهواتف.. إجراءات مشددة فى لجان الثانوية العامة    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الثلاثاء 17 يونيو    مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجروح خطيرة    أراسكايتا رجل مباراة فلامنجو ضد الترجي في كأس العالم للأندية    ماريسكا: أجواء مواجهة لوس أنجلوس كانت غريبة بسبب غياب الجماهير.. ومباراة فلامنجو مختلفة    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    ارتفاع أسعار الذهب بعد دعوة ترامب إلى إخلاء طهران فورا    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 17-6-2025 مع بداية التعاملات    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    تركي آل الشيخ يطرح بوستر جديد لفيلم «7DOGS» ل أحمد عز وكريم عبدالعزيز    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    8 أطعمة تصبح أكثر صحة عند تبريدها، والسر في النشا المقاوم    5 تعليمات من وزارة الصحة للوقاية من الجلطات    فاروق حسني يروي القصة الكاملة لميلاد المتحف المصري الكبير.. ويكشف رد فعل مبارك    موعد مباراة الأهلي القادمة أمام بالميراس في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    تفاصيل العملية الجراحية لإمام عاشور وفترة غيابه    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    وكالة إس إن إن: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية حساسة    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    تفاصيل محاضرة ريبيرو للاعبي الأهلي    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    حرب إسرائيل وإيران.. البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المواطنين بالإكراه ببولاق أبو العلا اليوم    العثور على جثة مسنّة متحللة داخل شقتها في الزقازيق    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية الثانية للنظام الجديد والاقتصاد والاحصاء القديم.. اليوم    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    أخبار 24 ساعة.. الوزراء: الحكومة ملتزمة بعدم رفع أسعار الوقود حتى أكتوبر    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبضة أردوغان الحديدية تحجب أعين العدالة.. ومحاكمه تواصل التنكيل بخصومه السياسيين
نشر في بوابة الأهرام يوم 05 - 05 - 2020

تعاقب 16 قاضيا على قضية انتهت بإدانة السياسيتين الكرديتين جولتان كشاناك وصباحات تونجل بالانتماء إلى تنظيم إرهابي في العام الماضي.
اختتمت المحاكمة في ديار بكر أكبر مدن جنوب شرق تركيا ، حيث يمثل الأكراد أغلبية، في نحو عشر جلسات لكن القضاة كانوا يتغيرون باستمرار خلال هذه الجلسات.
ولم تنقل المرأتان اللتان تصران على براءتهما إلى قاعة المحكمة إلا مرة واحدة في جلسة النطق بحكم الإدانة.
قال محاميهما جيهان أيدن إن الترافع من خلال دفاع سليم عنهما كان مستحيلا لأنه لم يكن يعرف من سينطق بالحكم. وقد تم تبديل القضاة دون تفسير وأغلبهم شباب بلا خبرة.
وقال أيدن المحامي الحقوقي رئيس نقابة المحامين المحلية "رئيس هيئة المحكمة تغير أربع مرات أيضا. وفي كل جلسة كانت هناك مجموعة من القضاة الجدد. وفي كل مرة كنا نضطر لبدء الدفاع من البداية".
وقلبت هذه البلبلة الإجراءات رأسا على عقب.
قال أيدن "كان من المستحيل أن يقرأ القضاة آلاف الصفحات في ملف القضية ولذلك كنا نضطر في كل مرة إلى التلخيص وشرح ما ورد في قائمة الاتهام. وأصبحت مهمتنا تعليم القضاة".
وامتنعت المحكمة عن التعليق على القضية.
وأصبحت تهم الإرهاب، مثل التهم المستخدمة في إدانة المرأتين، شائعة في تركيا لاسيما منذ محاولة انقلاب نفذها بعض عناصر الجيش للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان في العام 2016. وأعقب المحاولة الفاشلة حملة اعتقالات جماعية.
وقال أكثر من عشرة محامين ومصادر قانونية أخرى لرويترز إن أسلوب تغيير القضاة خلال المحاكمات شاع أيضا على نحو متزايد. ويقول مسئولون أتراك إن هذه التغييرات روتينية فحسب ترجع لأسباب صحية أو إدارية.
ويقول محامون حاورتهم رويترز إنهم مقتنعون أنها أسلوب تتحكم من خلاله الحكومة في المحاكم.
وقال جاريث جنكينز المحلل السياسي في إسطنبول إن "التغيير المتواصل للقضاة آلية بسيطة لكنها شديدة الفائدة. فكل مرة تتدخل فيها الحكومة بهذا الشكل في القضاء توجد مئات أخرى من القضايا التي يتعلم فيها القضاة الدرس" ألا يتصرفون بما يتعارض مع المصالح الواضحة للحكومة.
ولم يرد مكتب أردوغان ولا وزارة العدل على أسئلة تفصيلية لهذا التقرير حتى نشره. وقال محمد يلماز نائب رئيس مجلس القضاة والمدعين، وهو الهيئة التي تتولى تعيين المسئولين في مجال القانون، إن النظام القانوني في تركيا "ليس متخلفا عن أي بلد في العالم".
ويستخدم القضاء كأداة لدعم البرامج السياسية في تركيا منذ عشرات السنين. ويقول خصوم أردوعان إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية وتعرض للتجريف بدرجة غير مسبوقة.
وفي ظل حملة التطهير التي شنها أردوغان تم عزل آلاف القضاة والمدعين وفق بيانات الحكومة نفسها. وحل محلهم قضاة جدد لا يمتلكون الخبرة وغير مؤهلين للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعباء العمل من جراء القضايا المرتبطة بمحاولة الانقلاب.
وبينت حسابات رويترز من واقع بيانات وزارة العدل أن 45 في المئة على الأقل من القضاة والمدعين البالغ عددهم حوالي 21 ألفا تقريبا لديهم الآن خبرة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
وقال النائب التركي زين العمري من حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي "نحن لا ندعي أن القضاء كان مستقلا عن الحكومات من قبل. لكن لا مثيل لفترة كهذه تلوّح فيها الحكومة ب القضاء كسيف مصلت على السياسة ولا سيما المعارضة".
وعند القبض على كشاناك وتونجل في أواخر العام 2016 كانت الاثنتان من الشخصيات البارزة في الحملة التي تشنها الأقلية الكردية منذ عشرات السنين من أجل المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
كانت الصحفية السابقة كشاناك (58 عاما) قد انتخبت قبل فترة قصيرة رئيسة لبلدية ديار بكر. أما تونجل (44 عاما) النائبة في البرلمان فكانت تمثل دائرة في اسطنبول.
وحكم عليهما بالسجن 14 و15 عاما على الترتيب لنشرهما دعاية إرهابية والانتماء لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضمن المنظمات الإرهابية. ونفت الاثنتان الاتهامات.
وقال محمد دراق أوغلو رئيس نقابة المحامين في اسطنبول إن حكومة أردوغان حققت من خلال استخدام القضاء كأداة ضد خصومها "ما لم تستطع إنجازه بالوسائل السياسية" عبر صندوق الانتخابات.
وترد الحكومة التركية بالقول إن نظامها القانوني متقدم مثل أي دولة غربية وإن التهديدات الموجهة لأمنها الوطني تستلزم قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب.
ويقر يلماز من مجلس القضاة والمدعين "أننا شهدنا مشاكل مثل زيادة العمل. فحجم العمل يزيد كثيرا على المتوسط العالمي".
* تحديات
يهيمن أردوغان على الحياة السياسية في تركيا منذ قرابة عقدين من الزمان إذ شغل منصب رئيس الوزراء من 2003 إلى 2014 ثم أصبح رئيسا للدولة بعد ذلك.
وشهدت السنين تحديات لحكمه. ففي 2013 خرج مئات الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج على السياسات التي اعتبروها تحكمية. وكانت الشرارة خطة حكومية لإقامة حديقة صغيرة في وسط اسطنبول. وبعد عامين انهارت محادثات السلام بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني الذي يشن حملة انفصالية عنيفة منذ عشرات السنين. وفي يوليو 2016 وقعت محاولة الانقلاب.
وفي كل مرة كانت السلطات ترد بحملة أخرى.
ويقول حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد ثاني أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان التركي إن ألوفا من أعضائه وأنصاره اعتقلوا أو سجنوا منذ انهيار محادثات السلام بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني. من هؤلاء صلاح الدين دميرتاش المسجون منذ 2016 بتهمة الإرهاب. وينفي دميرتاش التهمة.
كما واجه محامون يدافعون عن أنصار حزب الشعوب الديمقراطي المحاكمة في 2017. وقال أيدن رئيس نقابة المحامين في ديار بكر إن غرامة فرضت عليه لتعطيله سير الإجراءات في المحكمة.
وترجع الشكوى إلى العام 2012 عندما انسحب أيدن ومحامون آخرون من محاكمة جماعية لناشطين أكراد متهمين بالانتماء لحزب العمال الكردستاني. كان أيدن وزملاؤه يحتجون على قرار المحكمة طرد موكليهم من قاعة المحاكمة.
ولم يتم تفعيل الدعوى على أيدن إلا بعد خمس سنوات.
وقال أيدن إن أسلوب الرقابة على المحامين والناشطين يمثل أيضا "جزءا من هذا الاتجاه نفسه. العقلية ذاتها. متابعة كل واحد والتأكد من وجود ملف جاهز للجميع، لعل وعسى.
"إذا بدأت تتكلم كثيرا وانتقدت الحكومة كثيرا وإذا قبلت قضايا بارزة أو أصبحت كما هو في حالتي محاميا مشهورا".
وامتدت المحاكمات لتشمل أساتذة الجامعات. وتمت إدانة ما يقرب من 50 أستاذا جامعيا بنشر الدعاية الإرهابية لتوقيعهم التماسا في 2016 يطالبون فيه بإنهاء الصراع مع المسلحين الأكراد وانتقدوا فيه حملة الجيش التركي في جنوب شرق البلاد. وحكم عليهم بالسجن مددا تصل إلى ثلاث سنوات.
وألغت المحكمة الدستورية الأحكام في العام الماضي وقضت بأن المحاكمات انتهكت حق الأساتذة في حرية التعبير. وبعد أيام من صدور الحكم أصدرت المحكمة بيانا ردت على انتقادات لقرارها من بعض الساسة ووسائل الإعلام قالت فيه إن الحكم "لا يعني أن المحكمة الدستورية تشاركهم الآراء ذاتها أو تدعم تلك الآراء".
وكانت الأكاديمية يونجا دمير الاستاذة بجامعة بيلجي في اسطنبول بين أكثر من 2000 موقع على الالتماس الذي أطلق شرارة الاعتقالات الجماعية. ووصفت محاكمتها بأنها مهزلة.
وقالت "لا تأثير على الإطلاق لأي شيء تقوله في المحكمة على القضاة. من توجيه لائحة الاتهام إلى الأحكام كل شيء عبارة عن نسخ ولصق. نعم لكل واحد آراؤه السياسية لكن يجب أن يلتزم بالقانون. وبدلا من ذلك يستعرضون أيديولوجيتهم في المحكمة".
* بعد الانقلاب
حمّل أردوغان الداعية فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة مسؤولية تدبير محاولة الانقلاب التي وقعت عام 2016 وشرع في تطهير أنصاره ممن يعملون في الدولة. وينفي كولن تورطه في الانقلاب الفاشل.
وبعد حوالي أربع سنوات تجاوز عدد من زجّت بهم السلطات في السجون 91 ألفا وفاق عدد من تقرر عزلهم من مناصبهم أو أوقفتهم السلطات عن العمل بدعوى وجود صلات بينهم وبين كولن 150 ألفا.
ومن الاتهامات التي وجهت لهم استخدام خدمات بنك أسسه أتباع كولن والتواصل من خلال تطبيق مشفر للتراسل تقول أنقرة إن شبكة كولن تستخدمه.
وقد أدت حملة التطهير إلى تجريف النظام القضائي التركي بل إن ذلك حدث في وقت تزايدت فيه أعباء القضايا بشدة. وقال وزير العدل عبد الحميد جول للبرلمان إن عدد القضاة والمدعين الذين عزلوا من مناصبهم بحلول نوفمبر تشرين الثاني الماضي بلغ 3926 يقبع أكثر من 500 منهم في السجون.
وقال اسماعيل رستو جيريت رئيس محكمة الاستئناف العليا في تركيا لرويترز إن قرارات التطهير أدت إلى نقص في أعداد القضاة والمدعين من ذوي الخبرة.
وزادت حملة التطهير الأعباء على النظام القضائي. فبلغ عدد من تم التحقيق معهم أكثر من نصف مليون شخص منذ محاولة الانقلاب. وحتى أواخر 2019 كان نحو 30 ألفا ينتظرون المحاكمة في الوقت الذي تحاول فيه المحاكم استكمال عدد القضايا الهائل المتعلق بالانقلاب الفاشل.
وظل بعض المقبوض عليهم من المتهمين في السجون شهورا دون توجيه الاتهام لهم رسميا أو تحديد موعد لمحاكمتهم.
وقال أردوغان في احتفال لتكريم الشرطة العام الماضي إن السلطات لم تنته بالكامل من اجتثاث أتباع كولن وإن تركيا لن تتهاون في حملتها عليهم. وقال حسين أيدن محامي أردوغان لرويترز إن محاكمات الانقلاب "أكثر الإجراءات القانونية إنصافا في تاريخ تركيا الحديث".
وقال أيدن، الذي لا تربطه صلة قرابة بالمحامي الحقوقي الذي يحمل الاسم نفسه، إن القوانين تطبق بحذافيرها.
وأضاف "عندما ننظر إلى التقاليد القضائية التركية العامة فإن هذه القضايا هي أكثرها التزاما بمبادئ القانون. قضاؤنا نجح في الاختبار بامتياز".
ولا يتفق كل المحامين في تركيا مع هذا الرأي. ففي أغسطس آب قاطعت 51 نقابة من نقابات المحامين البالغ عددها 81 نقابة من بينها النقابات في مدن أنقرة واسطنبول وإزمير أكبر مدن تركيا حفلا للقضاة في قصر أردوغان الرئاسي.
وقالت النقابات إن اختيار القصر مكانا لتنظيم الحفل يشير إلى غياب الفصل بين السلطات ويخالف أخلاقيات المهنة. وقالت نقابة المحامين في أنقره إن النظام القضائي التركي انحدر إلى حالة من الفوضى بسجن محامين وتكميم محامي الدفاع وإهدار الثقة في القضاة والمدعين.
ولا تزال موجات جديدة من الاعتقالات مستمرة وكان أحدثها بسبب انتقادات على الانترنت للتحرك الحكومي في التعامل مع انتشار فيروس كورونا. وقالت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي إن 402 شخص اعتقلوا بسبب "نشر كلام استفزازي ولا أساس له" عن الجائحة.
* صغار
سلم وزير العدل جول أمام البرلمان بأن وزارته تواجه صعوبات بسبب قلة عدد العاملين وقال العام الماضي إن تركيا تهدف لزيادة عدد القضاة والمدعين.
وتبين أرقام من مجلس القضاة والمدعين أنه تم تعيين ما لا يقل عن 9323 قاضيا ومدعيا جديدا منذ محاولة الانقلاب. وهذا معناه أن 45 في المائة على الأقل من المدعين البالغ عددهم 21 ألفا تقريبا في تركيا لهم خبرات تبلغ ثلاث سنوات على الأكثر.
قال حقي كويلو رئيس لجنة العدل بالبرلمان التركي والنائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم لرويترز إن بعض القضاة والمدعين "تم تعيينهم دون تدريب كاف".
وأضاف "لسوء الحظ، يحدث كل ذلك اعتباطا. ونحن نشهد بعض الأحكام التي يصدرونها. والآن لا يسعنا سوى أن نأمل أن تصحح المحاكم الأعلى هذه الأحكام".
غير أن محكمة الاستئناف العليا أعلى محاكم الاستئناف في البلاد تعرضت للتجريف أيضا.
وقال جيريت رئيس المحكمة لرويترز إن تعيين قضاة بخبرات تقل عن خمس سنوات في محكمة الاستئناف العليا "يمثل مخاطر لا على الفترة المعقولة للإجراءات فحسب بل على الحق في محاكمة عادلة".
وذكر أكثر من عشرة محامين وقضاة حاليين وسابقين أن القضاة الجدد يفتقرون في كثير من الأحيان للخبرة.
وقال كوكسال سنجون الذي تقاعد في 2013 "أصبحت قاضيا في محكمة للجنايات في سن الثامنة والأربعين". وأضاف أن متوسط سن القضاة في بعض الاقاليم انخفض إلى 25 عاما بعد قرارات العزل والتعيينات الواسعة. ولم يشر إلى مصدر المعلومات التي بنى على أساسها تلك الملاحظة.
وقال "في رأيي يجب أن يكون الحد الأدنى للسن في محاكم الجنايات 40 عاما. وربما أكثر من ذلك. فعليك أن تصعد السلم درجة درجة. في النظام الحالي يتم تعيينهم في سن صغيرة جدا".
وأوضح أن نقص التدريب يجعل هؤلاء القادمين الجدد يفتقرون للقوة الانفعالية والنفسية اللازمة لأداء المهمة.
وقال "هؤلاء القضاة لديهم خبرة ثلاث إلى خمس سنوات يرأسون محكمة تصدر أشد الأحكام وطأة. هؤلاء الأولاد يتعرضون لضغوط كبيرة وينسحقون. لا يمكن أن تتوقع الكثير من قاض في مثل هذه السن الصغيرة".
ويتجاوز أثر قلة الخبرة القضايا الجنائية. فقد وصفت محامية متخصصة في القضايا التجارية في اسطنبول اسمها يسيم فوضى الإجراءات في إحدى القضايا لكنها اشترطت عدم نشر اسمها بالكامل.
قالت يسيم إن القضية "بسيطة جدا" عبارة عن نزاع على دين صغير بين شركتين. ولم يجد القاضي أي مشكلة في إصدار الحكم. لكنه لدهشة المحامية طلب منها أن تؤدي له معروفا.
قالت يسيم "سألني القاضي الذي كان يبدو أصغر من 25 عاما 'سيادة المحامية، هل يمكنك أن تساعديني في صياغة الحكم؟ لست واثقا من الأسلوب.' فلم اتمالك نفسي من الضحك لكننا كتبنا الحكم معا".
ولا تلوح أي بوادر على أن تركيا ستغير مسارها. فبعد المحاولة الانقلابية ألغت البلاد برنامجا تدريبيا يدعمه الاتحاد الأوروبي للمسؤولين في القضاء التركي وتقرر أن يكون تدريب القضاة والمدعين محليا.
وقالت المفوضية الأوروبية في تقريرها السنوي لعام 2019 إن التوسع في تعيينات القضاة والمدعين الجدد "يدعو للقلق". وردت تركيا بأن انتقادات الاتحاد الأوروبي غير منصفة ولا تتناسب مع الواقع.
وقد تولى المحامي فيسيل أوك الدفاع عن عدد من الصحفيين المتهمين بأنهم من أعضاء شبكة كولن. وفي العام الماضي فاز بوسام توماس ديلر العالمي الذي اشتق اسمه من اسم المحامي الألماني الذي دافع عن مواطنين يهود أمام الادعاء النازي وذلك اعترافا بإنجازاته في الدفاع عن حرية التعبير وسيادة القانون.
وقال أوك إن قضاة صغار السن يحصلون على ترقيات بفضل اتصالاتهم السياسية دون أن تكون لهم خبرة تذكر في الحياة بخلاف الخبرة المهنية.
وأضاف "هذا في حد ذاته ظلم. في الماضي اعتدنا إجراء التحريات عن القضاة عند تعيينهم في قضية نترافع فيها وكنا نعدل مرافعاتنا حسب الأحكام السابقة التي أصدروها وآرائهم السياسية".
قال بنبرة مزاح ممتزجة بالمرارة إن الزمن تغير. وأضاف "لسنا مضطرين لذلك الآن لأننا نعلم أنهم كلهم موالون للحكومة".ؤ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.