تم اعتقال المصري طارق محمود أحمد السواح، في 18 نوفمبر 2001، في مدينة جلال أباد الأفغانية عقب سقوط المنطقة في أيدي قوات التحالف، وبعيد هذا التاريخ بقليل وحتى اليوم، والسواح معتقل في سجن إكس راي بقاعدة جوانتانامو الأمريكية دون محاكمة، ودون توجيه اتهام رسمي له حتى الآن. بل لعل الأكثر من ذلك أن الوثائق الرسمية الأمريكية ذكرت أن سلطات التحقيق العسكرية الأمريكية أسقطت التهم الموجهة للسواح في الأول من مارس عام 2012م. السواح ابن منطقة الإبراهيمية الشعبية بمدينة الإسكندرية، ولد عام 1957م، وحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا، وفي سن الثالثة والثلاثين غادر السواح مسقط رأسه متجها إلى اليونان، وتحديدا إلى عاصمتها أثينا بحثا عن عمل، وواكب تلك الفترة 1990 أحداث غيرت مسار التاريخ في أوربا حيث كان سقوط الاتحاد السوفيتي السابق لم يزل حاضر بقوة، وكانت أحداث العنف قد اندلعت في دول البلقان المجاورة لليونان، وأظهرت تحقيقات أجهزة مخابرات غربية ما أسمته ب"تورط" السواح عام 1992م مع جمعية خيرية إسلامية لمساعدة اللاجئين البوسنيين الفارين من أزمة البوسة والهرسك، وهي الجمعية التي اتخذت من كرواتيا مقرا لها. وتشير التقارير إلى أن السواح طور من مشاركته مع الجمعية ليتحول إلى الاشتراك في القتال المسلح في صفوف المسلمين البوسنيين، وعقب انتهاء الحرب استقر السواح في البوسنة، حيث تزوج من امرأة بوسنية مسلمة، وأنجب منها ابنة، واستقر السواح فترة في العمل في تعليم اللغة العربية في مسجد بالمدينة التي استقر وعائلته فيها. لم تستقر الأوضاع للسواح وأسرته، إذ سرعان ما دخل اتفاق دايتون للسلام الذي أنهى الحرب في البوسنة حيز التنفيذ، وكان من ضمن الشروط التي التزمت بها دولة البوسنة والهرسك طرد "المقاتلين الأجانب" خارج البلاد، واضطر السواح لمغادرة البوسنة في العام 2000م. وخوفا من الوقوع في قبضة أجهزة الأمن المصرية ضمن قضية "العائدين من البوسنة" اضطر إلى التوجه إلى أفغانستان بعد أن فشل في الاستقرار في أي دولة أوروبية أخرى، وذلك وفق ما قاله المحامي الأمريكي الذي وكل للدفاع عنه، الميجور شين جليسون في أغسطس الماضي، أي منذ عام تقريبا. قال جليسون إن أصدقاء للسواح أخبروه أن أفغانستان دولة مسلمة ترحب بكافة المسلمين، وإنه سيكون بوسعه أن يؤمن لأسرته سكنا آمنا هناك، ولكنه اعتقل بمجرد وصوله أفغانستان، وظل في السجن عدة أسابيع إلى أن اكتشف المحققون الذين كانوا يمثلون حكومة طالبان التي كانت تدير البلاد في تلك الفترة أن للسواح خبرة عسكرية مميزة، فقرروا أنه يمكن الاستفادة منه –بحد قول جليسون. وينقل جليسون عن السواح قوله: "كان الخيار ما بين البقاء في المعتقل وتشريد الأسرة، أو الانضمام إلى صفوف مقاتلي طالبان لمحاربة مقاتلي تحالف الشمال، الذين وصفهم منتسبو طالبان بالقتلة ومغتصبي النساء". وقرر السواح الانضمام لصفوف الحركة، ولم يلبث حتى أصيب في قصف أمريكي، فقرر الفرار إلى باكستان، وألقي القبض عليه على الحدود الباكستانية أعزلا أثناء محاولته الهروب، وذلك خلال أقل من عام قضاه في أفغانستان. نشر موقع صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، مؤخرا أحدث صورة للسواح مؤرخة ب 5 سبتمبر 2006، قال الموقع إن طارق محمود أحمد السواح البالغ من العمر 54 عاما، والذي يحمل الجنسيتين المصرية والبوسنية سيكمل في 26 يوليو 2012 عشر سنوات وشهرين من الاعتقال في جوانتانامو بعد اتهامه بجرائم حرب –وفق نيويورك تايمز- التي نشرت وثيقة مصنفة "غير سرية"، وجاء في الوثيقة المعنونة ب"تقرير حالة مقاتل" والمؤرخة في 25 أغسطس 2004: أن "المقاتل العدو" – كما وصفته الوثيقة – كان عضوا بقوات طالبان أو القاعدة أو القوات المتعاونة معها، التي اشتبكت مع القوات الأمريكية. وجاء في الوثيقة أن الحكومة الأمريكية اعتبرت المعتقل –أشارت الوثيقة للسواح بلفظ المعتقل- "مقاتلا عدوا"، وأن هذا التصنيف جاء بناء على المعلومات التي تحصلت عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي أكدت أن المعتقل عضو بالقاعدة، وأنه اعترف بذلك، وأنه سافر لأفغانستان حيث التحق بالقاعدة وقاتل ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف الشمالي. وأنه اعترف أنه تلقى تدريبا على صنع المتفجرات بمعسكر الفاروق، وأصبح مدربا. كما جاء في الوثيقة أن المعتقل قابل أسامة بن لادن. وقد نفى محامي السواح معظم ما جاء بالوثيقة المذكورة، وقال إن السواح لم يلتحق بتنظيم القاعدة، وقال إن إحدى وثائق التحقيق الأمريكية تذكر أن السواح انضم للقاعدة لمدة عامين على الأقل، فيما تقول وثيقة أخرى أن السواح لم يكن قد مضى عليه أكثر من 14 شهرا في أفغانستان حين تم اعتقاله على يد القوات الأمريكية. ويتحدث جليسون عن صحة السواح فيقول:"كان وزنه عندما وصل غوانتانامو، نحو 91 كيلوجراما. أما الآن فهو يزن 204 كلوجرامات تقريبا. وصحته في خطر محدق، وأنه لا ينام مثل الأشخاص العاديين، حيث أن مرضه بالسمنة لقى تجاهلا من السلطات الأمريكية، وأنه مصاب باكتئاب شديد. ورغم قرار سلطات التحقيق العسكرية الأمريكية بإسقاط كافة التهم ضد السواح في الأول من مارس الماضي، إلا أنه لم يتم الإفراج عنه حتى الآن ليظل طارق محمود أحمد السواح آخر معتقل مصري في جونتانامو قابعا في زنزانته حتى اليوم. لمشاهدة لائحة اتهام طارق السواح على الرابط التالي: http://projects.nytimes.com/guantanamo/detainees/535-tariq-mahmoud-ahmed-al-sawah/documents/9