منذ الإعلان عن تكليف الدكتور هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة، نقلت وسائل الإعلام تصريحات عدد من قياديي جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، تدور فى معظمها حول صغر سن رئيس الوزراء الجديد، الذي يكمل في شهر سبتمبر المقبل 50 عامًا. وذهب البعض إلى القول بأن دكتور هشام قنديل هو أصغر رئيس وزراء في تاريخ مصر، وهي معلومة غير صحيحة، ويثبت لكل من يراجع تاريخ من تولوا هذا المنصب عقب ثورة يوليو عدم صحتها، حيث إن هناك من ترأس الحكومة المصرية وهم أصغر سنًا من رئيس الوزراء المكلف. وبمراجعة لتاريخ رؤساء وزراء مصر عقب ثورة 23 يوليو عام 1952 نلاحظ أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تولى رئاسة الوزراء 3 مرات، قبل أن يبلغ عامه الخمسين، كانت الأولى في عهد محمد نجيب، وكان ناصر وقتها في ال38 من العمر، والثانية كانت في أبريل من العام نفسه، بعد أن أطاح بنجيب واستتب له الحكم، وامتدت حتى أكتوبر 1958، ثم تولى عبد الناصر وزارته الثالثة عقب النكسة، واستمرت حتى وفاته عام 1970 في عمرال49 عاما. وبعد الوحدة بين مصر وسوريا قام جمال عبد الناصر بتعيين الدكتور نور الدين طراف وزير الصحة السابق رئيسا لوزراء الجمهورية العربية المتحدة، في الفترة من أكتوبر 1958 إلى سبتمبر عام 1960 وكان طراف يبلغ من العمر 48 عامًا. وخلف نورالدين طراف في رئاسة الوزراء كمال الدين حسين، عضو مجلس قيادة الثورة السابق، وكان وقتها في سن التاسعة والثلاثين، وجاء من بعده على صبري أحد مؤسسى جهاز المخابرات، وقد كان يبلغ من العمر 47 عامًا، عند تكليفه بتشكيل الوزارة. وتساوى زكريا محيي الدين ومحمد صدقي سليمان، اللذان خلفا على صبري في رئاسة الوزراء مع سلفهما في نفس السن (47 عامًا)عند توليهما مهام رئاسة الحكومة. مما سبق يتضح أن كل متن تولى الوزارة في عهد عبد الناصر جميعهم على الإطلاق أصغر من رئيس الوزراء المكلف في العمر، بينما اختلف الأمر في عهد الرئيس السادات عن حقبة ناصر، وبدأ السادات في تكليف رؤساء وزارة أكبر سنًا، كان أولهم الدبلوماسي المخضرم محمود فوزي، الذي تولى الوزارة عام 1970 وهو بالسبعين، وبعد فوزي، جاء رجل الصناعة عزيز صدقي إلى رئاسة الحكومة وهو في عمر الثانية والخمسين. ثم تولى عبد العزيز حجازي رئاسة الحكومة من مارس عام 1973 حتى أبريل 1975 في سن 51 عامًا، ثم ممدوح سالم (56 عامًا)، وأخيرًا دكتور مصطفي خليل 58 عامًا، هذا بخلاف الحكومتين اللتين شكلهما السادات بنفسه الأولى عام 73، وهو في الخامسة والخمسين، والثانية عام 1980 وهو في الثانية والستين. وفي عصر مبارك شكل الرئيس السابق أول وزارة في أكتوبر عام 1981 وقت أن كان عمره 53 سنة، ثم خلفه دكتور فؤاد محيي الدين عن عمر (56عامًا)، ثم كمال حسن على (63 عامًا). ثم جاء الدور على الاقتصادي دكتور على لطفي ليشكل الوزارة عام 1985 وهو في نفس عمر الدكتور هشام قنديل (50 عامًا)، وخلفه أطول رئيس وزارة في عهد مبارك الدكتور عاطف صدقي وشكل الوزارة في سن "56 عامًا"، ثم كمال الجنزوري (63 عامًا)، ومن بعده عاطف عبيد (67 عامًا)، ثم أحمد نظيف عن عمر 52 عامًا، وأخيرًا استدعي مبارك وزير الطيران الأسبق أحمد شفيق، ليشكل حكومة إنقاذ بعد اندلاع ثورة 25 يناير وهو في ال70. وبمراجعة ما سبق، وبعملية حسابية نكتشف أن أصغر من تولى رئاسة الوزارة في مصر عقب ثورة يوليو 1952 هو الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأن متوسط أعمار رؤساء الوزارة فى عهد عبد الناصر كان 45 عامًا، وتزايد هذا المعدل ليصبح 52 عامًا في عهد الرئيس السادات، ثم قفز بعد ذلك إلى 66 عامًا في عهد حسنى مبارك. كما تجدر الإشارة إلى أن د.كمال الجنزوري هو أكبر من تولى رئاسة الحكومة في ولايته الثانية (78 عامًا) عقب ثورة 25 يناير، يليه الدكتور محمود فوزي (70 عامًا) أول رئيس وزراء في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.