من منا لا يتعرض لمشكلات وهموم في يومه، أو يصاب بالحزن أو القلق أو التوتر لظروف ما يمر بها، كل هذه المشاعر التي نتعرض لها في حياتنا هناك حل سحري يتغلب عليها ويجعلنا أكثر قدرة على مواجهتها وتخطيها بثبات، وليس هذا فقط، بل يرفع قدرنا عند الله فيذكرنا في الملأ الأعلى في السماء، هذا الحل السحري هو أذكار الصباح والمساء. جمال أذكار الصباح والمساء علينا قال الله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]، ومن هذه الآية نعرف أن الله أمرنا بذكره كثيرا، فذكر الله تعالى عبادةٌ عظيمة وسهلة وخفيفة لا تحتاج لبذل مجهودٍ عقلي ولا عضلي، إنّما هي مجرد تحريك اللسان مع حضور القلب والعقل، ورغم بساطتها إلا أن أجرها عظيمٌ وفوائدها كثيرة في الدنيا والآخرة، فلها من الفضل والبركة ما لا يدركه إلّا من داوم عليها ومن هذه الفوائد: كسب رضا الله عزّ وجلّ والتمتع بحفظ الله وحمايته. . زيادة قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ودوام الصلة بالله عزّ وجلّ والقرب منه والأنس به. ذكر الله عزّ وجلّ للعبد في الملأ الأعلى والسماوات العلا. الحفظ من شر الإنس والجنّ وشر كلّ المخلوقات، والتحصن من الشيطان ومكائده والحفظ من الحسد والعين. مغفرة الذنوب والسيئات وزيادة الحسنات والثواب ودخول الجنة بفضل الله وكرمه. دوام نعم الله جلّ وعلا والبركة فيها وجلب الرزق وقضاء الدين. كفاية الهم والغم والحزن في الدنيا والآخرة، وطمأنينة القلب وانشراح الصدر. إمداد الجسم بالقوة والطاقة. حفظ الشخص وأهله وماله والمكان الذي يبيت فيه. كيفيّة قراءة أذكار الصباح والمساء حتى ننعم بهذا الخير الوفير علينا ترديد الأذكار بتمهّل وبحضور القلب ووعيه لها وفهمها، ليتسنى لنا استشعار حلاوة الذكر والصلة بالله جلّ وعلا، ولنشعر بانشراح القلب وسعادة النفس. وعلينا كذلك قراءتها بصوت منخفض يسمعه قارؤها فحسب؛ ممّا لا يؤدي إلى انزعاج الحاضرين أو التشويش عليهم. وتكون قراءة الأذكار بشكلٍ منفرد لا بشكلٍ جماعي اتباعًا لسنة النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، إلا في حال تعليمها للغير مثل أن ترددها الأم بصوت مرتفع لتعلم أبناءها أو غيره. ويفضل التلفّظ بها وقراءتها وليس سماعها من الآخرين أو من التسجيل الصوتي، وذلك لتحصيل أجرها وثوابها. ويجب علينا قضاؤها وقراءتها حال تذكرها إذا فاتت العبد ولم يأت بها كأن ينام عنها أو ينساها. ولا تقتصر قراءتها على مكانٌ محدد بل بإمكاننا قراءتها في البيت وفي الطريق أو في العمل وقراءتها من غير وضوء جائز، فالأذكار لا تحتاج لوضوء كالصلاة، فيصح للحائض والجنب الإتيان بها أيضًا . وقت قراءة أذكار الصباح والمساء اختلف العلماء في تحديد أوقات الصباح والمساء؛ فمنهم من قال بأنَّ وقت الصباح بعد طلوع الفجر وحتى طلوع الشمس، وآخرون يقولون بأنه ينتهي بانتهاء الضحى، أما المساء فيبدأ من العصر وينتهي عند غروب الشمس، وذهب آخرون بأن بداية الذكر بعد الغروب ، ومن الآراء الأخرى أن يكون وقت أذكار الصباح إما بعدَ صلاة الفجر أو قبلها، أو بعد طلوع الشمس، أما وقت قراءة أذكار المساء فيكون في آخر النهار وأول الليل؛ والأمر فيه توسعة . هل الذكر أفضل أم الدعاء؟ يعد الذكر أفضل من الدعاء، لأنَّ الذكر ثناء على الله تعالى بصفاته وأسمائه جلَّ في علاه، أما الدعاء فهو طلب المسلم من ربه بأن يقضي حاجته أيَّما كانت؛ لذا من الأفضل أن يبدأ المسلم دعاءه بذكر الله تعالى والثناء عليه، لأنَّ ذلك يجعل الدعاء أقرب للإجابة بإذن الله تعالى. وجاء ذلك ممثلًا في قوله تعالى بسورة الفاتحة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) حيث بدأت الآيات بالحمد والثناء على الله تعالى وتمجيده، ثمَّ الطلب منه:(اهدنا الصراط المستقيم). وفي السنة النبوية أيضًا ما جاء في الحديث: (سمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يَدعو في صلاتِهِ لم يُمجِّدِ اللَّهَ تعالى ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عجِلَ هذا ثمَّ دعاهُ فقالَ لَهُ أو لغيرِهِ إذا صلَّى أحدُكُم فليَبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ جلَّ وعزَّ والثَّناءِ علَيهِ ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ). أذكار الصباح والمساء من أذكار الصباح والمساء الثابتة عن نبينا ما يلي: (أَصبَحْنا – أمسينا على فِطرةِ الإسلامِ، وكَلِمةِ الإخلاصِ، ودِينِ نَبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِلَّةِ أبِينا إبراهيمَ، حَنيفًا مُسلِمًا، وما كان مِنَ المُشرِكينَ). (رضيتُ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نبيًّا). (لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريك له له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ). (اللهمَّ إني أسألُك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا متقبلًا). (بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ ، في الأرضِ ، ولا في السَّماءِ ، وَهوَ السَّميعُ العليمُ). (ثلاث مرات). (اللهمَّ بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموتُ وإليك النُّشورُ). (اللَّهُمَّ أنتَ ربِّي لا إلَهَ إلَّا أنتَ خلَقتَني وأَنا عبدُكَ وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استطَعتُ أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ أبوءُ لَكَ بنعمتِكَ عليَّ وأبوءُ بذَنبي فاغفِر لي فإنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ). (أصبَحْنا – أمسينا وأصبَح – أمسى المُلْكُ للهِ والحمدُ للهِ أسأَلُكَ مِن خيرِ هذا اليومِ ومِن خيرِ ما فيه وخيرِ ما بعدَه وأعوذُ بكَ مِن الكسَلِ والهرَمِ وسوءِ العُمُرِ وفتنةِ الدَّجَّالِ وعذابِ القبرِ). (يا حيُّ يا قيومُ برحمتك أستغيثُ ، وأَصلِحْ لي شأني كلَّه، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفَةَ عَينٍ أبدًا). (اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في دِيني ودنيايَ وأهلي ومالي اللهمَّ استُرْ عوراتي وآمِنْ روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي). (حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (سبع مرات). (سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ) (ثلاث مرات). (اللهمَّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادةِ لا إلهَ إلَّا أنتَ ربَّ كلِّ شيءٍ ومَليكَه أعوذُ بك من شرِّ نفسي ومن شرِّ الشيطانِ وشرَكِه وأنْ أقترفَ على نفسي سوءًا أو أجرَّهُ إلى مسلمٍ). (اللَّهُمَّ إنِّي أصبَحتُ – أمسيت أنِّي أُشهِدُك، وأُشهِدُ حَمَلةَ عَرشِكَ، ومَلائِكَتَك، وجميعَ خَلقِكَ: بأنَّك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلَّا أنتَ، وَحْدَك لا شريكَ لكَ، وأنَّ مُحمَّدًا عبدُكَ ورسولُكَ) (أربع مرات). (لا إلَه إلَّا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ يُحيِي ويُميتُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ) (عشر مرات). (سبحان اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ) (مئة مرّةٍ أو أكثر). (سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ) (مئة مرة أو أكثر). (اللهمَّ عافني في بدَني اللهمَّ عافني في سمعي اللهمَّ عافني في بصري لا إلهَ إلا أنتَ، اللهمَّ إني أعوذُ بك من الكفرِ والفقرِ وأعوذُ بك من عذابِ القبرِ لا إلهَ إلا أنتَ) (ثلاث مرات). قراءة آية الكرسي: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).