تتعرض احتفالية "الفن ميدان" لأزمة مالية طاحنة تهدد مستقبلها بعدما انخفض حجم التبرعات المقدمة لها سواء من الشخصيات العامة والجهات الأهلية، بجانب سحب وزارة الثقافة دعمها لها بدعوى عدم وجود تمويل كافٍ. كانت الاحتفالية، التي تعتبر عملاً فنيًا وثقافيا تطوعيًا، قد انطلقت في أبريل 2011 بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، بتبرعات الأفراد ومشاركة 80 جمعية أهلية و120 شخصية عامة، ويديرها ائتلاف الثقافة المستقلة المكون من شخصيات عامة تدعم أهداف الثورة والإصلاح بجميع المجالات. وتتكلف ميزانية الاحتفالية التي تقام يوم السبت الأول من كل شهر بميدان عابدين بالقاهرة وميادين محافظات يتراوح عددها بين 7 و9 محافظات تقريبًا ويأمل منظموها زيادتها حوالي 30 ألف جنيه، تنفق علي تجهيزات المسرح والإضاءة والفراشة، وهي ميزانية معلنة، يقوم ائتلاف الثقافة المستقلة بإعلانها مفصلة بصورة شهرية علي صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وفي الوقت الذي سحبت فيه وزارة الثقافة دعمها لها وتعرض منظمو الاحتفالية للاتهام بتلقي أموالٍ من جهات خارجية، عرض خالد عبد الجليل، مدير قطاع الإنتاج الثقافي بالوزارة تمويل المهرجان بشكل كامل، علي أن يتولي القطاع إدارة الاحتفالية وتنظيمها، وهو ما يرفضه منظموها ويرون فيه محاولة من جانب الدولة لوضع يدها عليها بعدما أصبح لها اسم مسموع بمصر وخارجها. وتري سمية عامر، أحد أعضاء ائتلاف الثقافة المستقلة القائم علي تنظيم الاحتفالية، أن جوهر "الفن ميدان" أنه عمل تطوعي أهلي من الناس وإليهم، ويحاول تقديم الفنون بعيداً عن الآليات والبيروقراطية الرسمية للدولة، ويجب أن يظل كذلك وإلا فقد جوهره، وتحول إلي خدمة من الخدمات الثقافية الرسمية التي تقدمها الدولة، ولا يشعر المواطنون أنها موجهة إليهم، حسبما قالت. ودعمت وزارة الثقافة، في عهد الوزير عماد أبو غازي، الاحتفالية بمبالغ مالية مقدمة من صندوق التنمية الثقافية أحد الصناديق الخاصة، لكن الصندوق سحب دعمه بعد رحيل أبو غازي بدعوي عدم وجود أموال كافية،وهو ما اضطر المنظمين إلي الإكتفاء بالتبرعات من جانب الشخصيات العامة الذين كان أبرزهم د. محمد أبو الغار، إضافة إلي تبرعات المنظمين، إلا أن تلك التبرعات انخفضت وكادت أن تتلاشي. ويأمل منظمو الاحتفالية في الحصول علي دعم من وزارة الثقافة، لكن دون شروط ودون أن تتولي الوزارة أو أية جهة رسمية إدارة المهرجان، حيث تقول سمية عامر إنه يجب تغيير العلاقة بين منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، بالوصول لصيغة للتعاون بينهما دون أن تفقد تلك المنظمات استقلاليتها بوضع الدولة يدها عليها، فالمنظمات لديها الأفكار والدولة لديها التمويل، ويجب الوصول لصيغة ما. وأضافت: "أبرز ما أنجزه الفن ميدان خلال سنة وثلاثة أشهر، هي عمره، هو قدرته علي الوصول للناس والتفاعل معهم.. لقد أرينا الناس أنهم يمكنهم ممارسة الفن، وأن يأتي إليهم، نحن نصل إليهم عبر الفنون بشكل تطوعي ويجب أن يظل كذلك، مشيرًة إلى أن الاحتفالية أعادت الناس لتذوق الفن من جديد. وتابعت: "جزء من رغبتنا في استمرار الفن ميدان، هو الحفاظ علي مدنية الدولة، في ظل صعود مد الإسلامي السياسي إلي السلطة بالبلاد، نحن لدينا رئيس هو مهندس وأستاذ جامعي لكنه أغفل المثقفين والعلماء والفنانين في أول خطاباته" حسبما تقول .