أطلق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، موسوعة "مختصر التاريخ العام لإفريقيا"، والتي تم إعدادها بالتعاون والتنسيق مع دار الكتب والوثائق القومية، والمركز القومي للترجمة، وذلك بالمقر الرئيسي لمركز المعلومات. وتهدف الموسوعة، التي تم إطلاقها خلال مؤتمر صحفي عُقد صباح اليوم الخميس، إلى رصد تاريخ وثقافات الشعوب الإفريقية، وكذا تطورات الإدارة في إفريقيا، فضلاً عن إبراز إسهام القارة في الحضارة الإنسانية، وذلك بشكل تاريخي ومحايد، وقد حظي المؤتمر الصحفي بحضور ومشاركة واسعة للفيف من الشخصيات العامة وأعضاء من مجلس النواب وخبراء ومتخصصين وأكاديميين وباحثين، فضلاً عن حضور مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية، ورئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة، ومدير دار الكتب والوثائق القومية، وكذا مدير المركز القومي للترجمة، بجانب ممثلين عن أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية. وتتكون موسوعة "مختصر التاريخ العام لإفريقيا" من أربعة كتب، يتناول الكتاب الأول ستة وثلاثين فصلاً، بدأت بالمنهجية والكتابة التاريخية، ثم بالمصادر المتنوعة، والثقافات الإفريقية، والشعوب والجماعات، واللغات الإفريقية ، وتاريخ بعض أقطار القارة القديم، مروراً بإفريقيا المسيحية ثم دخول الإسلام وما ترتب على ذلك من آثار بأقاليم القارة، حتى القرن الحادي عشر الميلادي. وأما الكتاب الثاني، فيتكون من تسعة وعشرين فصلاً، تناول موضوعات تاريخ القارة منذ القرن الثاني عشر، وحتى أواخر القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي ظهرت فيها الممالك الإفريقية، في أرجاء شتى من القارة، وذلك فيما قبل التغلغل الاستعماري الأوروبي بالقارة، وهي ذات الفترة التي شهدت اتصالاً بالعالم الغربي، وبدأت معها التبعية الإفريقية له، وأشكال الاستغلال للإنسان الإفريقي كسلعة تباع وتشترى في عصر تجارة الرقيق عبر الأطلنطي، ثم الاحتلال الاستيطاني لأرض هذا الإنسان ومقدراته. في حين جاء الكتاب الثالث، في تسعة عشر فصلاً تناولت تاريخ القارة في العصر الإمبريالي خلال القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي شهدت أوج التوسع والاستغلال الغربي للقارة الإفريقية، والتقسيم الأوروبي بما أوتي من قوة الآلة العسكرية أن يكسر جماح الإنسان الإفريقى المقاوم من الناحية العسكرية، وإن تنوع أساليب المقاومة الأخرى. وأما الكتاب الرابع والأخير، فجاء في واحد وثلاثين فصلاً تناولت تاريخ القارة منذ أوائل القرن العشرين، وحتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة التي يطلق عليها البعض عصر الاستغلال والحروب والأيديولوجيات، ففيه وقعت حربان عالميتان، وفيه حركات التحرر الوطني الإفريقي، وفيه أيضاً تطور لأيديولوجيات الاحتكار والاستغلال الرأسمالية، التي تفننت في مبررات هذا الاستغلال لتغطية نفقات مصانعهم الحربية على حساب الإنسان الإفريقي، وهو التحدي الكبير الذي واجهه الإفريقي في شتى أرجاء القارة، باستجابة أكثر صلابة وبروح أكثر تحرراً حتى استشرت روح الخلاص من الأسر، فتوجت باستقلال القارة. وقد جاءت الكتب الأربع في 3236 صفحة، من أصل المجلدات الثمانية البالغة 7216 صفحة، وهو ما يعني أن لدى القارئ والمثقف العربي ما يقترب من 45% من حجم الموسوعة الأصلى، علماً بأن اللجنة التي قامت بإعداد تلك الموسوعة قد راعت في عملها التزام الموضوعية في اختيار الفصول المقدمة لتعبر عن أنحاء القارة وشعوبها، وقد أكدت الموسوعة في نهايتها على وحدة مسار التاريخ الإفريقي، بل ووحدة المصير الإفريقي أيضاً. الجدير بالذكر، أن الموسوعة الأصلية ل"التاريخ العام لإفريقيا" قد ظهرت في طبعتها الأولى عام 1981 بواسطة منظمة اليونسكو، في ثمانية مجلدات وقد احتوى كل مجلد على قرابة ثلاثين فصلاً، وكتبت على أيدي المؤرخين الأفارقة الذين مثلوا جميع أقاليم القارة الخمسة تمثيلاً عادلاً، وقد طبعت المجلدات الثمانية طبعة رئيسية باللغات؛ الإنجليزية والفرنسية والعربية، وكذلك تم ترجمتها إلى لغات إفريقية مثل السواحيلية والهوسا والبيول واليوروبا واللينجالا، في حين اتسم منهج الموسوعة، بالجمع بين عدة تخصصات علمية، وتميز بتعدد الرؤى النظرية وتنوع المصادر التاريخية، الأمر الذي أثرى العمل العلمي بعدد كبير من البحوث المتنوعة، كانت إضافة سار عليها كثير من الباحثين المتخصصين في الشأن الإفريقي، وأضافت كثيراً مما كان مجهولاً أو متلبساً عليهم، حتى باتت الموسوعة تمثل أحد المراجع الأساسية للتعرف على التراث الثقافي الإفريقي، وإبراز إسهام القارة في الحضارة الإنسانية، وتعد أيضاً سجلاً كاملاً للحياة الإفريقية منذ أقدم العصور وحتى تسعينيات القرن العشرين في آخر طبعاتها.