تنتظر الكونغو الديموقراطيّة صدور نتائج الاقتراع الرئاسي، بعد أن أقفلت مراكز الاقتراع أبوابها مساء أمس الأحد، في وقت ندّد مرشّحو المعارضة بحصول اضطرابات خلال هذه الانتخابات، التي ستؤدي إلى اختيار رئيس جديد للبلاد خلفاً لجوزيف كابيلا. وأعلن مدير حملة مرشّح المعارضة إلى الانتخابات فيليكس تشيسيكيدي لوكالة فرانس برس، أنّ أربعة أشخاص، بينهم شرطي وموظّف يُشرف على الانتخابات، قُتلوا الأحد في محافظة جنوب كيفو (شرق). كما طغت أعطال تقنيّة على اليوم الانتخابي التاريخي، وواجه رئيس اللجنة الانتخابيّة الوطنيّة المستقلّة كورناي نانغا غضب الناخبين شخصيّاً، بسبب تأخيرات حصلت في مراكز الاقتراع نتيجة تلك الأعطال. وحضر نانغا إلى مركز اقتراع في معقل للمعارضة في العاصمة، حيث كانت عمليّة الاقتراع معطّلة بسبب أعطال تقنيّة، وطالب الناخبون باستقالة نانغا وبرحيل الرئيس كابيلا. وبعد تأخيرها ثلاث مرّات، ستؤدّي هذه الانتخابات إلى اختيار خلف لكابيلا الموجود في السُلطة منذ اغتيال والده عام 2001، وهذه المرّة الأولى التي قد تشهد فيها الكونغو انتقالاً سلميّاً للسلطة منذ استقلالها عام 1960. وقال فيكتور باليبوا الموظّف الحكومي (53 عامًا) وأحد أوائل الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في منطقة لوبومباشي، لفرانس برس "أشعر بما يُشبه التحرّر، أشعر بأنني تحرّرت، أفلتّ من قيود". وصلّى البابا فرنسيس الأحد، من أجل الكونغو، داعياً جميع الأطراف إلى تأمين سير الانتخابات بطريقة "طبيعية وسلمية". وأدلى الرئيس بصوته في كينشاسا، حيث حضر إلى جانب وزير داخليّته السابق والمرشّح المدعوم منه إيمانويل رامازاني شاداري. -"غضب"- وقال المرشّح المعارض مارتن فايولو، إنّ "هذا يوم كبير بالنسبة إلى الكونغو لأنّه نهاية الديكتاتورية والاستبداد، نهاية 18 عاماً من حكم جوزيف كابيلا". واقترع المرشّح المعارض البارز الآخر فيليكس تشيسيكيدي عند الظهر في كينشاسا، وقال "النصر لنا"، وهو يقوم بإشارة النصر بيده. وفي هذا البلد ذي التاريخ المضطرب، تأجّل التصويت إلى مارس في منطقتين، بسبب أعمال العنف. وشهدت "آلة التصويت" التي تعرّضت لانتقادات منذ أكثر من عام، سقطات عدّة خلال النهار. - "يجب انتظار الفنيين" وقال أحد المقترعين "لا توجد آلات للاقتراع، وتلك الموجودة معطّلة". وأكّد "شاهد" آخر وهو مراقب لأحد المرشّحين في لوبومباشي "هناك خمسة إلى ستّة مكاتب اقتراع لا تعمل فيها الآلات، يجب انتظار الفنّيين". وقالت صحافيّة في وكالة فرانس برس، إنّ شاشة توقّفت عن العمل في أحد مراكز الاقتراع في كينشاسا. وقالت امرأة متقدّمة في العمر لدى خروجها من وراء العازل، إنّ "الآلة المستخدمة للتصويت معقّدة جداً، لقد ضغطت (على الشاشة) بدون أن أرى وجه أو رقم المرشّح الذي صوتت له". وأعلنت لجنة مراقبة تابعة للكنيسة الكاثوليكيّة، تضمّ نحو 40 ألف مراقب، أنّها تلقّت بحلول أولى ساعات المساء 1543 تقريرًا بحصول حوادث انتخابيّة، بينها 544 تقريرًا عن "تعطّل آلات الاقتراع". كذلك لاحظ مراقبون تابعون للكنيسة الكاثوليكيّة ذات النفوذ الكبير في البلاد وجود تأخيرات وحوادث ووضع مكاتب تصويت في أماكن "ممنوعة". وعبّر مقترعون آخرون عن حماستهم للمستقبل، وقالت راشيل وهي طالبة تبلغ من العمر 18 عاماً في غوما "أنا متحمّسة للانتخاب وللقدرة على الاختيار، هذه المرّة الأولى التي أنتخب فيها". ولأربعين مليون ناخب في الكونغو حقّ الاختيار بين 21 مرشّحًا، معظمهم لم يقوموا حتّى بحملة انتخابيّة. -إغلاق الحدود تخلّى كابيلا عن المطالبة بولاية ثالثة يحظرها الدستور، لكنّ قراره جاء متأخّرًا، بعدما أرجئت الانتخابات ثلاث مرّات منذ انتهاء ولايته الثانية قبل عامين في ديسمبر. وستُعلن النتائج الموقّتة في 6 يناير، وستليها حتمًا شكاوى تُرفع إلى المحكمة الدستورية. وتتوقّع استطلاعات الرأي هزيمة مرشّح الرئيس وفوز فايولو. ورفضت كينشاسا أيّ مساعدة لوجستيّة من الأمم المتّحدة المنتشرة منذ عشرين عامًا في الكونغو، كما رفضت أيّ بعثة مراقبين غربيّة في هذه الانتخابات. واستعدادًا ليوم الانتخابات، أعلنت السُلطات إغلاق حدودها البرّية والبحريّة والنهريّة مع الدول التسع المجاورة لها. في المقابل، لم يتمّ قطع الإنترنت، خلافًا لما يجري عادةً في الأيّام التي تشهد توتّرًا شديدًا. وكانت الحملة الانتخابيّة قد شهدت أعمال عنف أوقعت نحو عشرة قتلى بحسب جمعيّة للدفاع عن حقوق الإنسان، لكنّ السلطات تنفي ذلك. ورفض مرشّحا المعارضة مساء السبت توقيع وثيقة تهدف إلى الحول دون وقوع أعمال عنف بعد الانتخابات.