قال د. وائل فاروق، أستاذ الأدب العربي بالجامعة الكاثوليكية بميلانو، إنه سعيد للغاية بالنجاح الكبير الذي شهدته المشاركة الإيطالية هذا الأسبوع داخل مكتبة الإسكندرية، في احتفالية إطلاق ومناقشة كتاب "الجمال الأعزل" بحضور د. مصطفى الفقي. وأضاف فاروق، ل"بوابة الأهرام"، أن الحضور الإيطالي الكبير، أكد على تميز العلاقات المصرية الإيطالية ورسوخها، مؤكدا أن الوفد الإيطالي المشارك في الفعالية، التي تواكبت أيضا مع فعاليات اللقاء السنوي للمثقفين والمفكرين، جاء متنوعا، وشهد تمثيلا من قطاعات مختلفة من المجتمع الإيطالي. ويطرح كتاب "الجمال الأعزل" العناصر الأساسية للتأمل الذي قام به الأب جوليان كارون، منذ انتخابه رئيسًا لجماعة المناولة والتحرير، وتشكل كتاباته شهادة على معاني الحياة والعقيدة اليوم، وهي تمثل دعوة إلى الانفتاح على الآخرين، وعدم التشبث الجامد بمواقفنا الخاصة. وقد تناول الكتاب في أجزائه العديد من القضايا المحورية، والتي يرتبط فيها الدين المسيحي بالثقافة والسياسة والتعليم، وعلى أهمية دور الجامعات في تشجيع الاستخدام الحقيقي للعقل. وتطرق الكاتب أيضًا إلى قضية تعليم السلطة، وأن السلطة الحقيقية هي تعريف الصداقة، فالصداقة الحقيقية هي الرفقة العميقة في مسيرنا إلى مصيرنا، والأصدقاء هم أولئك الذين يساعدوننا على السير نحو المصير، الذين يعيشون بنضج إيماني أكبر وبتجربة يمكننا من خلالها التوحد معا. ويضم الكتاب عدة محاور تتعلق بالتاريخ كفضاء للحوار، ويؤكد على أهمية الحرية في الوصول للحقيقة وإقامة علاقة بناءة مع الواقع، وقدرة الإيمان على الوقوف أمام التحديات الجديدة لواقعنا. وتمثل القضايا المطروحة في الكتاب مساهمة قيمة لأي شخص يبحث عن أسباب كافية للعيش وبناء مساحات من الحرية والتعايش في مجتمع تعددي. وشارك في مناقشة كتاب "الجمال الأعزل" المترجم من الإيطالية إلى العربية، والذي يعد أحدث إصدارات المكتبة، كل من الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير المكتبة، والمؤلف الإيطالي جوليان كارون؛ أستاذ علم اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية للقلب المقدس بميلانو، ود. حسين محمود، مترجم الكتاب، مارتا كرتافيا، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا بإيطاليا، وأدار الجلسة د. وائل فاروق. وأكد د. مصطفى الفقي، أن العلاقات بين مصر وإيطاليا متميزة، ليس فقط لأنهما يشتركان في موقعهما على البحر الأبيض المتوسط، وإنما لأنهما يمتلكان علاقات تاريخية تمتد لآلاف السنين كونهما أصحاب حضارتين عظيمتين الفرعونية والرومانية. وشدد على أن مصر مختلفة عن الدول الأخرى لما لديها من تاريخ حضاري عريق، كما أن بها تنوعا حضاريا وثقافيا ودينيا في ظل تعايش بين لجميع، مشيرًا إلى عمل مكتبة الإسكندرية على إنشاء متحف في قصر خديجة بمنطقة حلوان بالإسكندرية، ليكون مجمعًا للأديان التي يشهدها المجتمع المصري، وليكون معبرًا عن التنوع والتسامح في مصر. وأعرب جوليان كارون، مؤلف الكتاب، عن سعادته بالتواجد في مكتبة الإسكندرية، مضيفًا "العالم الذي نعيش فيه ملئ بالصراعات والنزاعات التي تفرق بين الإنسان، ولذلك علينا أن نصل إلى فضاء واسع يمكن فيه أن نتعايش مع بعضنا البعض ونتبادل التأثير الحضاري والثقافي". واستعرضت مارتا كرتافيا، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا بإيطاليا، العلاقة بين القانون والحرية وكيف يمكن تحقيق الحرية دون الإخلال بالقانون، مشيرة إلى قصة طفل هندي في كندا حيث إنه من السيخ وكان يلزمه اعتقاده بأن يحمل خنجرًا باستمرار في المدرسة وهو ما كان يشكل خطرًا على الأطفال، حتى حكمت محكمة كندية بأن يخيط الخنجر في معطفه وبذلك احترمت عقيدته وحافظت على القانون في آنًا واحد. وأضافت أن أكثر ما جذبها إلى الكتاب العلاقة التي تجمع الكاتب مع وائل فاروق، وإيمان الكاتب باحترام الحرية حيث يؤكد على حرية الشخص كعنصر بناء ومميز للحظة التاريخية التي نعيشها الآن، خاصة أننا خلقنا كائنات حرة. ومن جانبه، قال حسين محمود، مترجم الكتاب، إن الكتاب لا يعد كتابًا فكريًا أو نظريًا يتعامل بشكل متعالي على الواقع، ولكنه ينتمي إلى الواقع ويعكس حوار الكاتب مع المجتمع الذي يعيش فيه، حيث يحاول فيه وضع تساؤلات حول هذا الواقع والوصول إلى تصور فلسفي حوله، مشيرًا إلى أن ما يرصده الكتاب لا يختلف كثيرًا عن الواقع الذي تشهده مصر حاليًا والقضية الكبرى المطروحة وهو التخوف من تغول الخطاب الديني واتجاهه نحو الراديكالية والتطرف. وأضاف "محمود"، أن الفكرة الثانية التي يطرحها الكتاب هي التجدد المستمر في الدين لكي يكون له حضور في كل تفاصيل الواقع، وينتقد فكرة أن يكون الدين مجرد مجموعة من الشعائر والأخلاقيات فقط، كما يعرض صورًا من تقبله للأخر على الرغم من الاختلاف في الأفكار والإيديولوجيات وكذلك الأديان.