احتفلت وزارة التضامن الاجتماعي، الخميس الماضي، بمرور 3 سنوات على إطلاق برنامج "تكافل وكرامة" تحت شعار "من الحماية إلى الإنتاج"، والذي تسعى الوزارة من خلاله لنقل الفئات الأولى بالرعاية من دائرة الفقر والعوز إلى دائرة الإنتاج والتقدم والنهوض بالبلاد. حاولت وزارة التضامن من خلال برنامج "تكافل وكرامة" أن تقضي على الصورة الذهنية المعروفة عن الدعم وهو أن يكون إعانة يأخذها المحتاج دون قيد أو شرط. في هذا السياق، عمدت إلى جعل الدعم النقدي مشروط بالتعليم والصحة، حيث أن برنامج تكافل يمثل دعم مشروط يقدم للأسرة التي لديها أطفال من سن الميلاد وحتى 18 عامًا. واتفق علماء الاجتماع أن برنامج "تكافل وكرامة" يسهم في حل 6 مشكلات الاجتماعية على الأقل وهي تشرد الأطفال والتفكك الأسرى وتوريث الفقر وعمالة الأطفال وعدم الشعور بالانتماء للوطن. يقول أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، عميد كلية الآداب الأسبق بجامعة القاهرة: إن فكرة إعطاء دعم نقدي بلا شرط أو قيد قديمة وأصبحت غير مقبولة وذلك لأنها تجعل الفقير مكانه ولا يتقدم بمرور الزمان. يوضح زايد ل"بوابة الأهرام"، أنه عندما تشترط الحكومة على المواطن تعليم أبنائه وتحسين صحته وتنظيم أسرته وعدم الإنجاب بغير حساب سيجعله يتقدم ويرتقي ويتحرك من مكانه. تكون المشروطية الصحية بأن تكون هناك متابعة لصحة الأطفال تحت 6 سنوات ومتابعة الرعاية الصحية للأمهات الحوامل والمرضعات، وذلك بزيارة الوحدة الصحية 4 مرات كل عام. والمشروطية التعليمية بأن تلتزم الأسرة بإلحاق أولادهم في سن التعليم بالمدارس وأن ينتظم أطفالها بالحضور على الأقل 80%من أيام الدراسة. تحصل الأسرة شهريا على 325 جنيهًا كمبلغ أساسي ويحصل بعدها الطفل من سن يوم حتى 6 سنوات على 60 جنيهًا والطالب في المرحلة الابتدائية 80 جنيهًا والطالب في المرحلة الإعدادية 100 جنيها شهرياً والطالب في المرحلة الثانوية 140 جنيها شهرياً. أما برنامج "كرامة" وهو دعم نقدي غير مشروط ل 3 فئات من الفئات الأولى بالرعاية وهم كبار السن (65 سنة فأكثر) وذوي الإعاقة الذين يعانون عجزًا كليًا أو جزئيًا يعوق صاحبه عن العمل طبقًا لتقرير القوميسون الطبي المميكن والأيتام. وضعت وزارة التضامن الاجتماعي سياساتها بحيث تحارب الفقر في المرحلة الأولى من البرنامج وتحول دون توريثه من جيل إلى جيل، ومد مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية في المجتمع. وقد بلغ إجمالي الأسر المستفيدة منذ عام 2015 وحتى الآن 2مليون و230 ألف أسرة (مايقرب من 10 ملايين فرد) بقيمة دعم 21 مليار جنيه تقريبا، 89 % من المستفيدين من البرنامج من النساء في حين أن 11% من الرجال. في هذا السياق، يؤكد زايد اتجاه الدولة قائلا، إن الدعم النقدي المشروط يحول دون توريث الفقر من جيل إلى جيل فحين يعلم الفقير أولاده ويجدون فرصة عمل ينتقلون بمرور الوقت من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، وبالتالي يحدث ما يسمى بالحراك الاجتماعي. ومع تقدم العمل في برنامج "تكافل وكرامة" بدأت الحكومة من خلال الوزارات المعنية بالخروج من مرحلة محاربة الفقر المجرد لمحاربة الفقر متعدد الأبعاد. ليصبح "تكافل وكرامة" هو المظلة الكبيرة التي انبثق منها عدة برامج مكملة مثل برنامج فرصة والذي يسعي لإيجاد وظائف لأولاد الأسر الذين تخطوا 18عاما وخرجوا من مظلة الدعم النقدي المشروط، كذلك يسعى برنامج فرصة لإيجاد فرص عمل لأولئك الذين لم تنطبق عليهم شروط الحصول على دعم" تكافل وكرامة". ومن البرامج التي خرجت من تحت مظلة "تكافل وكرامة" كذلك "برنامج الألف يوم" وهو البرنامج الذي يهتم بإمداد المرأة الحامل والأم التي ترضع أطفالها بمواد غذائية صحية للعمل على حمايتها من سوء التغذية وذلك من خلال الوحدة الصحية التابعة لها. كذلك برنامج سكن كريم للأسر الأولى بالرعاية -وهي مبادرة مكملة لبرنامج تكافل وكرامة، حيث تم استهداف الأسر المستفيدة في أفقر 5 محافظات مصرية كمرحلة أولى وتم البدء في تركيب وصلات مياه وصرف صحي وأسقف ل67 ألف أسرة. ومع إدراك خطورة الزيادة السكانية أطلقت التضامن بالتنسيق مع باقي الوزارات المعنية مبادرة "اتنين كفاية" وذلك لتنظيم الأسرة ومواجهة مشكلة الزيادة السكانية المتعاظمة يوما بعد يوم. وتوافقا مع هذا الاتجاه أعلن المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء خلال كلمته بالمؤتمر السنوي ل"تكافل وكرامة" أن الدعم النقدي المشروط سيكون موجهًا للأسر التي لديها طفلان فقط بداية من يناير 2019، مع مراعاة ألا يطبق هذا القرار بأثر رجعي. يرى عميد كلية الآداب الأسبق أن الدعم المشروط الذي تقدمه الدولة يتعامل مع مشكلة الفقر بطريقة مباشرة، وينعكس بطريقة غير مباشرة وبشكل إيجابي على مشكلات مجتمعية كثيرة منها البطالة والإنحراف السلوكي والتفكك الأسري وعمالة الأطفال. وقد اتفقت معه نبيلة سامى أستاذة علم الاجتماع، مستشار تربوي وصحة نفسية، مضيفة ل"بوابة الأهرام" أن دعم تكافل وكرامة له تأثير كبير على شعور المواطنين بالانتماء للمجتمع ووصول رسالة لهم من الدولة بأنها تساندهم وهذا يعمل على توطيد الصلات بين الأفراد والمجتمع ويجعلهم يشعرون بالكرامة. وأشارت نبيلة سامي إلى أن هذا الدعم المشروط يسهم في حل مشكلات مجتمعية كثيرة ويحمي المرأة المعيلة من التفكير في طرق غير مشروعة تمس شرفها للحصول على المال وتجعل الجيل القادم قادر على بناء أسر متماسكة.