يترقب مزارعو مصر مشروع القانون الذي أعدته الشعبة العامة للأسمدة باتحاد الغرف التجارية لعرضه علي لجنة الزراعة بمجلس الشعب، بشغف قبل موسم الزراعة الجديد، في ظل الارتفاع المتتالي للأسعار، وعجزهم عن الحصول على حصصهم كاملة من التعاونيات. ووصل سعر "شيكارة" سماد اليوريا " 64.5" وحدة أزوتية إلى 75 جنيهًا للسعر المدعم، بينما يصل سعره بالسوق السوداء إلى 150 جنيهًا، أما النترات "33" وحدة أزوتية فبلغت 73 جنيهًا بالتعاونيات مقابل 140 جنيهًا بالسوق الحرة, و"السوبر" يتعدي سعره ال 45 جنيهًا. وقال هاني حسني، أحد المزارعين إن أزمة نقص الأسمدة وزيادة الأسعار دفعت بعض الفلاحين لبيع الأراضي أو تأجيرها، ووضع المقابل بالبنوك كنوع من الاستثمار الآمن من وجهة نظرهم، خاصة في ظل الظروف الحالية، مشيرا إلي أن تلك المشكلة تزداد سوءً يومًا بعد الآخر، وتتطلب وضع حلول جذرية لها. وأوضح أن أسعار مختلف أنواع الأسمدة ارتفعت بنسبة 300% وذلك منذ عام تقريبا، حيث تجاوز طن الأسمدة ال 3 الآلاف جنيه مقابل 300 جنيه للطن في سنوات سابقة، مشيرا إلي أن المزارع يحتاج ما بين طن إلي طن وربع في المحصول الواحد. وطالب بضرورة تشديد الرقابة علي الأسواق للحد من ارتفاع الأسعار الباهظة، مقترحا خروج بنك "التنمية والائتمان" من منظومة التوزيع للقضاء علي مبدأ "المحسوبيات" التي تسيطر علي توزيع الأسمدة بالبنوك خاصة لكبار المزارعين الذين يحصلون علي كميات كبيرة من الأسمدة من البنك من خلال علاقاتهم الداخلية بالموظفين هناك وذلك علي حساب حصص صغار المزارعين. وأيده حمدان أبو بكر، أحد المزارعين، الذي أكد أن تكاليف إنتاج المحاصيل أصبحت أعلي من أسعار بيعها بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة بالسوق السوداء، مشيرا إلي أن هناك فجوة كبيرة بين بيع المحصول مدعمًا بالجمعيات الزراعية بين القطاع الخاص حيث وصل سعر "شيكارة الأسمدة" بسعر 315 جنيهًا مقابل 150 جنيها للشكارة بالجمعية الزراعية. وأشار حمدان، إلى أن المزارع يستهلك المنتج مرتين بالعام الواحد، لكن مع زيادة الأسعار وبدأ بعض الفلاحين يتراخون في وضع الأسمدة للمحاصيل الزراعية بشكل دوري مع تقليل الكميات المفروضة وبالتالي أصبحت معظم المحاصيل منخفضة الجودة مع ارتفاع أسعار معظم أنواع الخضراوات والفاكهة بالأسواق. وأضاف، حمدان، أن هناك اتجاها لبيع الأراضي الزراعية، خاصة بعد وقف التصدير للخارج وبيع معظم المحاصيل بالسوق المحلي وبأسعار زهيدة جدا في حين أن تكلفة المحصول باهظة جدا في الوقت الحالي. وطالب عبد المجيد الخولي، رئيس اتحاد الفلاحين, التعاونيات بإنشاء شركة مساهمة للأسمدة، بالتعاون مع جميع الفلاحين تقوم علي توفير احتياجاتهم بسعر التكلفة، مشيرا إلي أن ذلك الحل يعتبر الأمثل لتوفير احتياجات المنتج للأراضي الزراعية. وأكد الخولى،أن بنك التنمية والائتمان الزراعي والتعاونيات لم تصرف سوي 40% من حجم الاحتياجات الفعلية من الأسمدة خلال الموسم الحالي، مما يؤدي لانخفاض إنتاج المحاصيل خاصًة الذرة، وضعف جودتها وارتفاع أسعار معظمها، متوقعا أن يشمل التأثير الثروة الحيوانية من ضعف منتج الألبان واللحوم، خاصةً مع انتشار مرض الحمى القلاعية الذي تسبب في نفوق الماشية، فضلاً عن زيادة الاستيراد من الخارج مما يحمل الدول أعباءً إضافية. وطالب بوضع قرارات صارمة لمنع تصدير الأسمدة للخارج، مشيرا إلى أن قانون منع التصدير يتضمن ثغرات يقوم من خلالها أصحاب النفوس الضعيفة من القطاع الخاص بتسريب الأسمدة للخارج في صورة" سماد سايب" حيث إن القانون 70 ينص علي منع تصديره في "شكائر" . وكشف محمد الخشن، ورئيس الشعبة العامة للأسمدة باتحاد الغرف التجارية، عن أهم ملامح مشروع قانون الأسمدة الذي قام بإعداده فريق عمل الشعبة لعرضه علي لجنة الزراعة بمجلس الشعب، مشيرا الي أنه يقوم علي شقين توفير العجز بالإنتاج وتعديل منظومة التوزيع, الأمر الي يتطلب ضرورة الحد من التصدير الخارجي لتوفير الاحتياجات الفعلية أولا بالسوق المحلية. وحول اقتراحات الشعبة في كيفية توفير العجز، قال الخشن: بتخفيض حجم الصادرات من منتج اليورو أمنيوم وهو أحد المكونات الرئيسية في إنتاج السماد من 470 ألف طن سنويا إلي 240 ألف طن مما يعمل علي تلبية احتياجات السوق الفعلية. مشيرا إلي أن هناك نقصا في منتج الأسمدة بالسوق، يصل إلي 150 ألف طن تمثل 20% من احتياجات السوق. وأضاف الخشن، لابد من توفير جزء من منتج النترات والنشادر من شركتي كيما والنصر المصدرة لهذه المكونات بما يتراوح ما بين 20 إلي 30 ألف طن. وفيما يتعلق بمنظومة التوزيع، أكد رئيس الشعبة علي ضرورة خروج البنوك الزراعية من منظومة بيع الأسمدة والاكتفاء بدوره فقط في التمويل واقتصار توزيع السماد علي التعاونيات والقطاع الخاص فقط. وأوضح أن خروج بنك التنمية الزراعي من منظومة التوزيع، سيعمل علي القضاء علي السوق السوداء التي عانى منها القطاع خلال العقود الماضية وتسببت في ارتفاع أسعار الأسمدة واختفائها من السوق، مشيرًا إلى أن التجربة أثبتت أن خروج القطاع الخاص من المنظومة لم يحل الأزمة. وفيما يخص إعادة إنشاء مجلس لتحديد التسعيرة، طالب الخشن بضرورة إعادة إنشائه لتسعير مختلف أنواع الأسمدة للمحافظة علي استقرار الأسعار وتحقيق الشفافية والمصداقية علي أن يمثل جميع الجهات المختصة من وزارة الزراعة والبنك الزراعي والتعاونيات والقطاع الخاص ورؤساء الشركات المنتجة.