يوافق اليوم الأحد، يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، أحد الأيام العشر الفاضلة، التي أقسم بها الله سبحانه وتعالى في سورة الفجر، بقوله تعالى: "وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ"، وفي هذا اليوم يبدأ الحجاج بالاستعداد لهذا النسك العظيم، ويتأهبون فيه للوقوف غدًا بين يدي الله الكريم، في يوم المغفرة والمباهاة والعتق من النيران. ولم يتوجه حجاج شركات السياحة إلى يوم التروية وإنما تكون قبلتهم إلى عرفات مباشرة، وفقًا لمجدي شلبي رئيس بعثة الحج السياحي، وئيس اللجنة العليا للحج والعمرة، وهناك جداول لتنظيم الشركات فيما بينهم منعًا لحدوث تزاحم. وتتولى لجان بعثة الحج السياحي الإشراف على عمليات التصعيد والنفرة والإقامة بمنى طوال أيام التشريق، على أن تقوم هذه اللجان بالمرور الدائم على أماكن تواجد الحجاج وفقًا لكل مستوى طوال مراحل تنظيم رحلة الحج، خاصة خلال التواجد فى منى وعرفات، التى يكون الحاج خلالها بحاجة لرعاية شديدة بسبب طبيعة المكان وتفرغه لأداء المناسك. وسمي اليوم الثامن من ذي الحجة، بيوم التروية، لأن الماء كان قليلاً ب"منى"، فكانوا يرتوون من الماء لما بعد، وروى البعير الماء، وقيل سمي بذلك أيضًا لأنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو لأن إبراهيم أصبح يتروى فيه في أمر الرؤيا. وبالنسبة للحجاج "التمتعيين" وهم الذين أحرموا بالعمرة وحدها عند وصولهم إلى مكة، وطافوا وسعوا سعي العمرة ثم حلقوا أو قصروا، فإذا كان اليوم الثامن (التروية) من ذي الحجة، أحرموا وفعلوا كما كان عند الميقات، وإن شاءوا أحرموا من مكة، وإن شاءوا من خارج مكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، إنما أحرموا كما أمرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، من البطحاء، والسُّنّة أن يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكي يحرم من أهله. أما الحجاج من القارنين (الذين يجمعون بين العمرة والحج) والمفردين، (الذين يحرمون بالحج وحده) ولم يحلوا من إحرامهم، فهم باقون على إحرامهم الأول. وينوي الحج بقلبه ويلبي قائلاً: لبيك حجًا، وإن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وإذا كان حاجاً عن غيره، نوى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجًا عن فلان، أو عن فلانة، أو عن أم فلان إن كانت أنثى، ثم يستمر في التلبية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، وإن زاد: لبيك إله الحق لبيك، فحسن، لثبوت ذلك عن النبي، صلى الله عليه وسلم. ويستحب للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة، لفعله صلى الله عليه وسلم. فإذا صلى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبيًا أو مكبرًا، لقول أنس، رضي الله عنه: "كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" وقد أقرهم النبي، صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن الأفضل لزوم التلبية، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لازمها. ويسن للحاج فعل ماتم ذكره من أعمال اليوم الثامن، تأسيًا بالرسول، صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة ، فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز، لكن لابد أن يقف بعرفة محرمًا، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده، وهذا المبيت بمنى ليلة التاسع، وأداء الصلوات الخمس فيها سنة، وليس بواجب.