يقف أكثر من مليوني حاج منذ صباح اليوم الأربعاء، في مشعر «منى» لقضاء يوم التروية اقتداءً بالسنة النبوية، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، وذلك قبيل الصعود إلى عرفة غدا الخميس لأداء ركن الحج الأعظم. ويظل الحجاج في «منى» حتى فجر اليوم التاسع ثم يغادرونها إلى عرفة، وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية نحو 17 كيلومترًا مربعًا ويقع بين مكةالمكرمة ومشعر المزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية ولا يُسكَن إلا مدة الحج. وقدرت السلطات في السعودية أعداد الحجاج هذا العام بنحو مليونين قدموا من خارج المملكة، لكنها لم تعلن حتى الآن عن أعداد حجاج الداخل. وأكملت الحكومة السعودية استعداداتها لاستقبال الحجيج في مخيمات منى حيث تم تجهيز عشرات الآلاف من المخيمات والتأكد من توفر عوامل الأمان في المخيمات المضادة للحرائق مع تجهيزها بكل الخدمات ودعمها بمكيفات تبريد ذات طاقة عالية. ووفرت المملكة كل الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل كافة، للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة. وكثفت القوات وفرق الإنقاذ انتشارها الأمني على طول الطرق المؤدية إلى منى لضمان سلاسة الحركة المرورية باتجاه المشعر، مع الاستعانة بكاميرات المراقبة التليفزيونية ذات الدوائر المغلقة على الطرق والتقاطعات المهمة لمراقبة حركة نقل الحجيج. ويظل الحجاج في منى حتى فجر اليوم التاسع ثم يغادرونها إلى عرفة.. وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية نحو 17 كيلومترا مربعا ويقع بين مكةالمكرمة ومشعر المزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية ولا يُسكَن إلا مدة الحج. معلومات عن يوم التروية: ويوم التروية الثامن من ذي الحجة، هو أحد أيام العشر الفاضلة التي أقسم بها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إذ قال: «وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ» (الفجر: 1، 2)، ويعد العمل فيها أفضل من العمل في غيرها من الأيام الأخرى، كما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه" (يعني عشر ذي الحجة). قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه، وماله فلم يرجع بشيء» (رواه البخاري). وفي هذا اليوم يبدأ الحجاج بالاستعداد لهذا النسك العظيم، ويتأهبون فيه للوقوف غدًا بين يدي الله الكريم في يوم عرفة.. يوم المغفرة والمباهاة والعتق من النيران. معنى التروية: وذكرها صاحب كتاب المصباح المنير، معنى التروية فقال: "ويوم التروية ثامن ذي الحجة من ذلك؛ لأن الماء كان قليلًا بمنى، فكانوا يرتوون من الماء لمِا بعد. ورَوَى البعير الماء يروِيه، من باب: رَمَى حَمَلَهُ فهو راويةٌ، الهاء فيه للمبالغة، ثم أطلقت الراوية على كل دابة يُستقى الماءُ عليها. ومنه يقال: رَوَيْتُ الحديث إذا حملته ونقلته، ويُعدَّى بالتضعيف، فيقال: رَوَّيت زيدًا الحديث، ويُبنى للمفعول فيقال: رُوِّينا الحديث". ويعد هذا سبب لتسميته بيوم التروية وهو قويّ، وهناك سبب آخر يذكره بعضهم، يقول مصطفى السيوطي الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: "سُمي الثامن بذلك؛ لأنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو لأنّ إبراهيم أصبح يتروى فيه في أمر الرؤيا". أعمال يوم التروية: يستحب للذين أحلوا بعد العمرة، وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يحرموا بالحج ضُحى من مساكنهم، وكذلك من أراد الحج من أهل مكة، أما القارن والمفرد الذين لم يحلوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول، لقول جابر -رضي الله عنه- في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: "فحل الناس كلهم وقصروا, إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هَدْي, فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحج" (رواه مسلم). ويشرع لمن يريد الإحرام الاغتسال، والتنظف، والتطيب، وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات، ويستحب أن ينوي الحج بقلبه ويلبي قائلًا: لبيك حجًّا، وإن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني، وإذا كان حاجًّا عن غيره نَوَى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجًّا عن فلان, أو عن فلانة, أو عن أم فلان إن كانت أنثى, ثم يستمر في التلبية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، وإن زاد: (لبيك إله الحق لبيك) فحسن؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويستحب للحجاج التوجه إلى منى ضُحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية، ويصلي الحاج بمنى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر التاسع قصرًا بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يقصران؛ لقول جابر رضي الله عنه: "وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى, فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس" (رواه مسلم). ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصرًا ولم يأمرهم بالإتمام, ولو كان واجبًا عليهم لبيّنه لهم. ويسن للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة، لفعله صلى الله عليه وسلم. فإذا صلى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبيًا أو مكبرًا; لقول أنس رضي الله عنه: "كان يُهِلّ منا المهلّ فلا يُنكر عليه، ويكبِّر منا المكبِّر فلا يُنكر عليه" (رواه البخاري بلفظه، ومسلم). وقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك, لكن الأفضل لزوم التلبية; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لازمها. ويستحسن للحاج فعل هذه الأشياء السابقة تأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة، فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز، لكن لا بد أن يقف بعرفة محرمًا، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده.