تشهد مكاتب التموين معاناة يومية للمواطنين ومحدودي الدخل والسيدات المعيلات والأرامل وأصحاب المعاشات، بسبب إضافة المواليد الجدد لبطاقات التموين، لمن سعى لإضافة المواليد للبطاقات، وآخرين في محاولات بائسة لاستخراج بطاقات بدل فاقد، فضلاً عن آخرين يجدون أزمة في الاستفسار عن بعض الإجراءات؛ حيث شهدت مكاتب التموين تكدسًا وزحامًا وطوابير متراصة بشكل عشوائي، صحبها بطء وسوء معاملة من الموظفين بالمكاتب، مع العلم أن السلع التموينية والخبز يشكلان أهم دعم للأسر محدودة الدخل. ورصدت "بوابة الأهرام" معاناة المواطنين لإضافة المواليد، داخل أحد مكاتب التموين بحي المطرية بالقاهرة، المكون من ثلاث حجرات، الأولى صغيرة لا تتخطى مساحتها 5 أمتار ولا يوجد بها أي مصدر للتهوية سوى مروحة معلقة في الحائط يبدو عليها التهالك، يتهافت الناس على إنهاء الأوراق الخاصة بإضافة المواليد الجدد، في معاناة يومية وبطء غير مبرر في الإجراءات وطريقة غير لائقة في التعامل مع المواطنين. ولم نكن نصعد على السلالم والوصول لباب المكتب، حتي داهمتنا الرائحة الكريهة في كل أرجاء المكان، الذي يقود إلى غرفة مديرة، وصفها المواطنون الذين يتجهون إليها للشكوى من سوء معاملة الموظفين بأنها "خلقها ضيق"، ولكن بلا جدوي، فلا تختلف معاملتها للمواطنين عن الموظفين، وبجانبها غرفة أخرى لا يختلف حالها عن الأولى التي تعج بالمواطنين. معاناة المواطنين أمام مكاتب التموين إضافة المواليد الجدد وتشهد مكاتب التموين تزاحمًا شديدًا خلال هذه الفترة، نظرًا لإضافة المواليد الجدد على بطاقات التموين، ولتخفيف العبء عن المكاتب، وجه الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، بفتح مراكز الشباب في جميع المحافظات لتخصيص مكاتب التموين بها ليتمكن المواطنون من تسجيل المواليد الجدد ببطاقة التموين، من خلال التنسيق بين مديريات الشباب والرياضة ومديريات مكاتب التموين في المراكز الإدارية والقرى، للتخفيف عن كاهل المواطنين وتقديم كل سبل الراحة لهم، وتقوم مراكز الشباب بتقديم كل التسهيلات لموظفي مكاتب التموين وفحص مستندات المتقدمين. اللافت هنا، غياب ثقة الناس في الموظفين بالمكتب، فعندما طالب الموظفون من المواطنين التوجه إلى مركز الشباب التابع لحي المطرية، لتقديم الأوراق وفحص المستندات، كان هذا الطلب بمثابة صدمة للناس، لأنهم لم يعرفوا قرار وزير الشباب والرياضة بتخصيص مكاتب تموين بمراكز الشباب لتسجيل المواليد الجدد على البطاقات، فظنوا أن الموظفين يتهربون ويريدون لهم المعاناة فقط لكي يرتاحوا، فسوء معاملة الموظفين لهم وعدم توضيح الأمر أدى إلى نشوب أكثر من مشادة لفظية بينهم، ومنع الشباك الحديدي الفاصل بين المواطن والموظف وصول المشادة إلى تشابك بالأيدي، بسبب استفزاز الموظف للمواطنين، فخرج المواطن وهو يحسبن على الموظف ويقول: "أنا أجيب رغيف العيش ب 10 جنيه أحسن بدل ما أتذل وأتهان بالطريقة دي،.. اللي بيحصل ده حرام". معاناة المواطنين أمام مكاتب التموين معاناة المواطنين ورصدت "بوابة الأهرام"، معاناة المواطنين في هذا المكتب، فأصبح اليوم الذي يذهب المواطنون إلى مكاتب التموين هو "اليوم الملعون" داخل سجن صغير كما وصفها البعض، فقال إبراهيم محمد، موظف، "45 عامًا": "بحمل هم اليوم إلى هاجي المكتب فيه، ده مش مكتب أصلًا ده سجن صغير، المعاملة سيئة جدًا من الموظفين وأصواتهم ترتفع ويصل الأمر إلى الغلط اللفظي، المفروض يفهموا أن المواطنين مش جايين يشحتوا منهم إحنا جايين نأخذ حقنا، الدولة مش هتطور طول ما الشكل ده موجود". وبوجه متعب وبيد مرتعشة وعيون دامعة، خرجت السيدة سهير عطية "65 عامًا" من مكتب التموين وهي تبكي بصوت مرتفع، فبعد أن أتعبها الانتظار ما بين الجلوس على سلالم العقار الذي يتواجد بداخله المكتب أو داخل المكتب تسأل عن دورها للاستفسار، وبمجرد الوصول إلى الشباك وبسؤال الموظف عن بطاقتها، صدمها بأن: "السيستم واقع" مما جعلها تبكي وتحسبن على الجميع. معاناة المواطنين أمام مكاتب التموين وقالت: "البطاقة تلفت من قبل رمضان ومش عارفة أصرف التموين وجوزي متوفي، طلبوا مني الورق وخلصتوا وقالوا اعملي حوالة.. عملتها، وكل شهر يتأجل الموضوع للشهر التالي، وبعتوا رسالة إن البطاقة اشتغلت، ذهبت لصرف التموين عند البقال قالي لا تعمل، بعتوا رسالة أخرى أن الطلب اترفض، جيت المكتب علشان أشوف حل قالولي "السيستم واقع" وأنا تعبت وحرام المرمطة دي وأنا ست كبيرة نفسي حد يسمعني، أنا عايزة رغيف العيش بس مش عايزة باقي السلع مش لاقية آكل ومعاش جوزي 600 جنيه لا يكفي علاجي، أريد مسئولًا يسمعني ويحس بيا". ولم يختلف الأمر مع السيدة صفية خلف الله "70 عامًا"، التي فقدت البطاقة التموينية الخاصة بها منذ 3 أشهر وترغب بالحصول على بطاقة أخرى لتحصل على السلع التموينية، تأتي هذه السيدة كل شهر إلى المكتب لكي تحصل على بطاقة جديدة بديلة عن المفقودة، ولكن خلال هذه المدة لم تصل إلى حل، رغم اكتمال أوراقها، وأن اسمها متواجد ضمن المواطنين الذين تم عمل بطاقة جديدة لهم إلا أن الموظف قال لها: "السيستم واقع تعالى الشهر الجاي". اختنقت هذه السيدة ذو الوجه المجعد واليد المرتعشة، بالدموع وقالت: "أنا دوخت السبع دوخات ومحدش حاسس بيا، ومليش معاش أو أي حاجة تانية عايشة على التموين ولو حد ابن حلال ساعدني بحاجة، أنا هفضل أخبط على كل باب أطلب منه 3 جنيه أجيب بيهم عيش لحد أمته، ارحموني بقه". معاناة المواطنين أمام مكاتب التموين على مدار عدة ساعات من الرصد، كان من النادر أن يخرج مواطن من مكتب التموين وهو راض عن المعاملة، أو أنهى طلبه بسهولة، والحجة إما "السيستم واقع"، أو تعالوا بعد شهر أو الانتظار ساعة أو ساعتين وبعدها لا يتم الرد وتعالوا بكرة. وفي نسخة طبق الأصل للمعاناة، تكررت في مكتب تمويني آخر بمنطقة زهراء عين شمس بالدور الأرضي في عقار مكون من 7 طوابق، حيث لم يختلف الأمر في معاملة الموظفين للمواطنين في المكتب والازدحام الشديد وترك المواطنين للمكتب دون أي فائدة، ولكن الاختلاف الوحيد في هذا المكتب أنه مقام في الشارع، فهذه الحجرة المتواجدة في الدور الأرضي يجلس بها الموظفون فقط، ويتواصلون مع المواطنين من خلال شباك حديدي ينظر إلى الشارع. معاناة المواطنين بمكاتب التموين الطوابير تمتد لأمتار تحت أشعة الشمس الحارقة، تمتلئ بوجوه شاحبة يبدو عليها التعب والإرهاق، ويضطر البعض إلى حجز أدوارهم والجلوس على أحد الأرصفة المحيطة بالمكتب لتجنب الوقوف تحت الشمس، لرفض سكان العقار دخول المواطنين طالبي الخدمة من المكتب إلى المسكن، حيث إنهم يتسببوا لهم بالإزعاج بسبب الأصوات المرتفعة والمشادات المستمرة، مما يفقد هؤلاء السكان الراحة في بيوتهم، كما ذكرأحد سكان العقار، رفض ذكر اسمه. وأثناء متابعتنا لما يحدث بالمكتب، نشبت مشادة كلامية بين أحد الموظفين ومواطنة لأن الموظف يريد إجراء بحث اجتماعي لزوجها من الشئون الاجتماعية، لإضافة أبنائها على بطاقة التموين، ومن هنا بدأت المشادة لأن هذه السيدة وزوجها المدعو "ريمون غطاس" "أرزاقي" يوم يعمل وعشرة لا مثل ما قالت زوجته، ذهبوا إلى الشئون الاجتماعية لعمل البحث الاجتماعي، ولكن قالوا لهم الموظفون في الشئون: أن هناك قرارًا من وزير التموين بإلغاء البحث الاجتماعي، وعندما قالت هذا الحديث للموظفة، ردت قائلة: "مجاش لينا الكلام ده، ومش هناخد ورقك إلا بالبحث الاجتماعي، فارتفعت أصواتهم ولكي يرتاح الموظف قال لها بهدوء أعصاب:"تعالي بكرة". ما أثار استفزاز بعض الناس، أن وزارة التموين كانت قد أعلنت، إلغاء شرط البحث الاجتماعي عند إضافة المواليد، تيسيرا على المواطنين خاصة العمالة الموسمية، ولكن لم يعترف الموظفون بالمكتب بهذا القرار؛ حيث يقولون إنه لم يصدر أي قرار بهذا الأمر. معاناة المواطنين بمكاتب التموين وكان من بين المنتظرين سيدة في العقد الخامس من عمرها، جاءت بسبب حذف فرد من بطاقة التموين الخاصة بها من شهر مايو الماضي، ومن ذلك الوقت، وهي تأتي إلى المكتب ولكن الرد يكون تعالي الشهر المقبل، ودون أي فائدة فتأتي كل شهر بحسب المعاد المتفق عليه ويتم تأجيلها للشهر التالي دون وجود أي سبب أو مبرر لذلك التأجيل، وقالت: "مش همشي إلا لما أشوف حل معاهم، وعارفة أنهم هيقرفوني وهيطلعو عيني بس مش هسبهم برضو". وقالت إحدى السيدات: "إنها تأتي دائمًا لكي تقوم بتجديد بطاقة التموين، أو بدل تالف، وكل ما أجي يقولو السيستم واقع والمعاملة وحشة، وبقف في الشارع لحد ما أتعب، مش هيرتاحوا إلا لما يموتونا". معاناة المواطنين بمكاتب التموين معاناة المواطنين بمكاتب التموين معاناة المواطنين بمكاتب التموين معاناة المواطنين بمكاتب التموين معاناة المواطنين بمكاتب التموين