أثار قرار وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، جدلا كبيرًا فى عدة نقاط، حيث وصف بعض الخبراء القرار ب "الغامض"، وأنه لم يحسم القضية بشكل نهائى، فيما إذا كانت مصر ستعيد ضخ الغاز مرة أخرى لإسرائيل فى حالة وفائها بالتزاماتها المبرمة فى العقد بين البلدين، أم أنه قرار نهائي لا يحتمل الرجوع فيه. لم يتوقف الجدل عند ذلك الحد، لكن انقسمت الآراء حول كون قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل "تجاري" أم "سياسي" يسعى لإلهاء الرأى العام عن قضايا داخلية تشغل الشارع، فيما اتفق آخرون على أن القرار يمثل مكسبا كبيرا لمصر من الناحية الاقتصادية. فى البداية أكدت الدكتورة سميحة القليوبى، أستاذ القانون التجارى بجامعة القاهرة، أنه لن يجوز إعادة ضخ الغاز المصرى لإسرائيل مرة أخرى سوى بإبرام عقد جديد عن السابق، وأوضحت أن الأموال التى تم تصدير الغاز بها إلى إسرائيل، ولم تتلق منها مصر شيئا أصبحت بمثابة "دين" فى رقبة إسرائيل. وشددت الدكتورة سميحة على أن قرار وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل قرار تجارى بلا شك وليس سياسيا، لأن العبرة بشروط التعاقد ومدى تنفيذها فيما بين الطرفين. من جانبه أشار الدكتور عبدالرحمن صبرى، المستشار الاقتصادى إلى أن توقف ضخ الغاز لإسرائيل يجعلها تتكبد تكاليف أكبر من قيمة الغاز المقرر أن تدفعها، حيث تلجأ لاستخدام الفحم فى تلك الأوقات، الذى يتسبب فى أضرار بيئية بالغة لديها. وفى سياق متصل، أكد صبرى أنه على الرغم من أن قرار وقف تصدير الغاز لإسرائيل تجارى واقتصادى، إلا إنه ذو أبعاد سياسية، ويندرج فى إطار التصريحات المتبادلة بين مصر وإسرائيل، التى اتسمت بعدم الودية قبل صدور هذا القرار بإعلان إسرائيل أن سيناء أصبحت خارج السيطرة، مضيفا أنه لا يجب اعتبار هذا القرار كنوع من المصادمات السياسية بين مصر وإسرائيل. ولفت المستشار الاقتصادى إلى أن هذا قرار وقف ضخ الغاز لاسرائيل، غير واضح وغامض، ولا أحد يعرف ما إذا كانت عملية التصدير معلقة لحين سداد اسرائيل لإلتزاماتها أم إنه سيتم وقفه تماما. وقال الدكتور عادل مبروك، الأستاذ بكلية التجارة ومستشار رئيس جامعة القاهرة، أن اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية والإسلام حث على احترام الاتفاقيات، لافتا إلى أن رسول الله (ص) كان يلتزم بقواعد الاتفاقيات التجارية بينه وبين اليهود والأعداء. وتمنى مبروك أن يكون ما يتردد من تصريحات فى وسائل الإعلام، عن عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها المادية تجاة مصر صحيح، مؤكدا أن إسرائيل ليست بالسذاجة التى تجعلها لا تلتزم بما عليها من عهود تجاه الإتفاقية، مما يدفع الطرف الآخر بإنذارها. وأضاف مبروك: "إذا لجأت إسرائيل الى التحكيم الأوربى، فأعتقد أن موقف مصر سيكون الأضعف، خاصة أن مصر فى الخمس سنوات الأخيرة لم تكسب أى قضية تحكيم دولى دخلت فيها"، وأشار الى إنه من المتوقع أن تجلس مصر وإسرائيل وتعيدان النظر فى القرارت، وسيحاول كل طرف الحصول على أكبر كم من المكاسب. أما الدكتور إبراهيم العناني، أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، فاعتبر أن ما بين مصر وإسرائيل عبارة عن عقد بين شركتين إذا توفرت شروط إلغائه فمن حق الطرف المتضرر إنهاء هذا العقد، وأنه إذا أخلت إسرائيل فى الوفاء بالتزامها تجاة مصر، فهذا يعطى الجانب المصرى صلاحية وقف التصدير. وأكد العنانى أن مصر لديها سبب قانونى قوى فى اتخاذ هذا القرار، إما الخلل فى بنود العقد من الجانب الإسرائيلى أو حدوث تغير قوى يؤدى إلى ضرر لمصر إذا استمرت فى العقد. وألمح أستاذ القانون الدولى، أنه سيكون للقرار تداعيات سياسية ستحاول إسرائيل أن تمارس ضغطا سياسيا على مصر لدفعها للرجوع فى القرار، أما إذا أوفت إسرائيل بإلتزامها سيستوجب ذلك توقيع عقد جديد بين الطرفين يضمن لمصر شروط جديدة تصب فى مصلحتها. من جانبه يرى الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء السابق، أن العمليات المتاحة تشير إلى أن مصر استخدمت حقها نتيجة تقاعس "الوسيط" وهي شركة الشرق الأوسط "بتنفيذ المعاهدات. وأوضح السلمى أن اللجوء إلى التحكيم الدولي من جانب إسرائيل لا يخوفنا لأن فسخ العقد لم يكن متعمد لأن مصر لديها مقومات قانونية لأن حقوقنا مهدرة. وأشار السلمى إلى أن المطالب السياسية ترحب بهذا الإجراء وتدعمه، لأن إلغاء العقد لن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد المصري كما يعتقد البعض، وأن الآراء المعارضة تحتمل إيجابيات وسلبيات، إلا أن الوضع الراهن هو الفيصل وهو نشوء سبب قوى يستدعى فسخ العقد في ظل أزمات داخلية تواجهها مصر بسبب نقص الغاز المستمر. واتفق معه فى الرأي حسن شافعي، عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، الذى أوضح أن فسخ عقد تصدير الغاز مع إسرائيل تأخر كثيرا،ً لأن مصر تكبدت المليارات على مدار السنوات الماضية، بفضل تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من نصف الأسعار العالمية. وأشار شافعي إلى أن مصر لا تحتاج لتصدير الغاز لأن لديها مشكلة مزمنة في الغاز والوقود وتستورد بقيمة 8 مليار دولار منتجات بترولية سنوياً، بينما تحصل مصر من اسرائيل على أقل من مليار سنوياً، ولو تم وقف التصدير لإسرائيل تستطيع مصر على الأقل توفير ما يقرب من 4 مليار جنيه سنوياً. وتابع عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، أن فسخ العقد ليس لأسباب سياسية، لأن إسرائيل توقفت عن أداء التزامها ولم تسدد ما قيمته 100 مليون جنيه فى أقل من ست شهور، والعقد يضمن لأى من الطرفين حق الفسخ في حالة إخلال الطرف الآخر بأى من التزاماته.