"من أجل انتخابات حرة ونزيهة، صوتوا لإمرسون منانجاجوا رئيسًا".. هكذا تدعو لافتات ضخمة منتشرة في أنحاء هراري الناخبين للإدلاء بأصواتهم، مرفوقة بصورة للرجل المعروف بلقب "التمساح". يتوجه الناخبون في زيمبابوي لصناديق الاقتراع في الثلاثين من يوليو، ليجدوا هذا الوجه لأول مرة منذ نحو 40 عامًا على بطاقات الاقتراع محل روبرت موجابي، الذي يعد واحدًا من أطول قادة إفريقيا بقاء في المنصب والذي تمت الإطاحة به في انقلاب عسكري العام الماضي. يتنافس في هذه الانتخابات 23 مرشحًا، إلا أن المنافسة الحقيقية تنحصر في الواقع بين اثنين: الزعيم الشاب نيلسون تشاميسا "40 عامًا" "زعيم حزب الحركة من أجل التغيير الديمقراطي" وبين منانجاجوا "75 عامًا" رفيق موجابي الذي تحول لخصم وخليفة له. ورغم أنه قضى حياته المهنية كاملة في الحزب السياسي الذي أوصل اقتصاد زيمبابوي إلى الحضيض، فإن منانجاجوا يتمتع فعليًا بدعم شعبي لدوره في الإطاحة بعائلة موجابي ووعوده بأن يقود البلد إلى فصل جديد مزدهر. إلا أن ناخبين آخرين يرون أن "التمساح" ظل في الجانب الخطأ فترة طويلة جدًا، ويريدون أن يروا حزبًا جديدًا غير "زانو-الجبهة الوطنية" في السلطة، وهو التغيير الذي سيكون الأول من نوعه منذ الاستقلال عام 1980 . يقول رونالد "26 عامًا"، ويعمل سائق سيارة أجرة في هراري :"كان يعلم كل ما يفعله موجابي" في إشارة واضحة على رفضه لمنانجاجوا. واستدرك :"ولكن إذا فاز تشاميسا، يمكننا تحقيق شيء أفضل ... إننا نريد تغييرًا". يتحدث معظم المواطنين في زيمبابوي، وعلى الأقل في العاصمة، بحرية نسبية عن الاتجاه السياسي الذي يتبنونه، وهو الأمر الذي كانوا سيفكرون بشأنه مرتين في ظل حكم موجابي. وحتى الآن، فإن مناخ هذه الانتخابات ليس على نفس مستوى التوتر الذي اتسمت به انتخابات العام الماضي، حيث عادة ما كانت الشرطة أو عصابات الحزب الحاكم تقوم بتفريق مسيرات حزب الحركة. وتشير استطلاعات الرأي إلى احتدام المنافسة بين تشاميسا ومنانجاجوا، وأن الأخير ربما يتقدم بثلاث نقاط مئوية فقط. وإذا ما صدقت الاستطلاعات فقد تتجه الانتخابات إلى جولة إعادة. ويتعين الاعتراف بأن تشاميسا، وهو قس مسيحي، يتمتع أيضًا بشعبية كبيرة، وإن كانت وسائل الإعلام الحكومية لا تذكر شيئًا عن هذه الشعبية. ومع اقتراب موعد الانتخابات المفصلية، زادت تصريحات تشاميسا المحذرة من تزوير الانتخابات والمهدد بالمقاطعة، ويزعم تشاميسا أن قوائم الناخبين تضم الآلاف من الناخبين الوهميين، بينهم من هو من مواليد عام 1884، وأن حزب الحركة لا يتمتع بفرصة عادلة من أجل الفوز. وتجدر الإشارة إلى أن العدد الكبير من أبناء زيمبابوي الموجودين في دول الشتات لا يمكنهم التصويت من الخارج، وهو ما سيؤثر أيضًا سلبًا على حزب الحركة. وفي الوقت نفسه، فإن حزب الحركة يعاني من اضطرابات داخلية منذ وفاة مؤسسه مورجان تسفانجيراي، في وقت سابق من العام الجاري جراء إصابته بالسرطان. من جانبه، تعهد منانجاجوا بأن تكون الانتخابات شفافة بصورة كاملة، كما أنه سمح بتواجد مراقبين أجانب لمراقبة الانتخابات للمرة الأولى منذ سنوات. ولكن رغم ثقته، فإنه يبدو أن الرئيس لا يضيع أي فرصة، فقد ذكرت وسائل الإعلام المحلية مؤخرًا أنه رفع رواتب العسكريين، الذين أتوا به للسلطة عبر الانقلاب العسكري، بنسبة تتجاوز 20% . وتوقع الأستاذ الجامعي ستيفن تشان أن "تكون هذه الانتخابات تاريخية، ببساطة، بسبب غياب موجابي. لكنني أعتقد أن حزبه وخليفته، الرئيس منانجاجوا، سيفوزان على الأرجح"، مشيرًا إلى تأثير الانقسامات الموجودة داخل حزب الحركة. ومن بين المناطق التي سيجد فيها منانجاجوا صعوبة في المنافسة إقليم ماتابيليلاند، حيث يتم اتهامه بالإشراف على مذبحة راح ضحيتها نحو 20 ألف شخص من قبيلة نديبيلي الأقلية في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان وزيرًا لأمن الدولة. الأمر الأكثر إثارة في هذه الفترة هو ذلك المجهود الذي يبذله معظم أعضاء الحزب الحاكم حاليًا للنأي بأنفسهم عن موجابي والسيدة الأولى السابقة، والذين كانوا يتملقونهما قبل أشهر قليلة. ويظل المعيار الرئيسي في هذه الانتخابات لمعظم مواطني البلد، الذي احتلت أخبار اقتصاده المدمَّر ومعدلات التضخم الهائلة التغطية الإعلامية حول العالم، هو أن أيًا من كان سيأتي للسلطة فإن عليه أن يعيد الاستثمارات والوظائف.