من أكثر الأشياء التي تصيبني بالقلق والتوتر، هو الشعور بأني طائرة في الهوا، ولا أعني هنا السباحة بالخيال والسير على السحاب، والذي أعده جزءًا مني. لكن الطيران هنا يعني عدم وقوفي على أرض صلبة.. كلما خطيت خطوة، أو حتى فكرت في فكرة، يجب أن أتلمس الأرض من تحت قدمي ثابتة، وأرى خطواتي واضحة فى طريق مرسوم، حتى وإن كانت تلك الصلابة مجرد جزءٍ من تصورات وسيناريوهات نسجتها بخيالى. تلك السيناريوهات الافتراضية ليست وهمًا، ولا عشما، أو آمالا متعلقة بحبال ذائبة، فأنا كما أوضحت أصاب بعدم الاتزان من الكلام المرسل، المشهد المبهم، أو "الباب الموارب"، ولا يعني ذلك أنى أسير بخطط مسبقة أتبعها وأصل للنهايات المرسومة، فأنا على يقين أن الأقدار محتومة، وأن أمورًا كثيرة قد تجد أو تتغير، حتى الأهواء في أثناء الطريق، لكني أفضل؛ بل أتمسك بأن أتبع حسبة واضحة، وإن جد جديد سأتقبله بصدر رحب، لكن دون أن أبدأ الطريق أو أجازف من البداية، متكئة على أن آخر الطريق ما هو إلا علم غيب؛ لأنه ببساطة المكونات تصنع المنتج النهائي؛ لذا يجب أن أضع الأساسات التي أختارها وتكون واضحة المعالم؛ حتى لا أعيش حياتي أنتظر المجهول. "على كف عفريت" تلك العبارة توضح ببساطة ما أمقته وأخافه وأهرب منه أيضًا، أيا كان هذا الأمر، عمل، اتفاق، علاقة، أو حتى مشاعر لا يمكن أن تقوم تحت هذا المسمى، إما واضحة أو لا.. أبيض أو أسود، لا مجال للتأرجح أو المراهنة مهما كان الأمر يتعلق بشيء بسيط حتى من تفاصيل الحياة اليومية. أنا أعشق الاستقرار حتى في المغامرات التي أعشقها بجنون لكني لا أقامر أبدًا، مثلا للتوضيح؛ المفاضلة بالنسبة لي بين وظيفتين إحداهما بتعيين بمرتب أقل، والأخرى بعقد مؤقت قد يجدد أو لا وبمرتب مضاعف، أكيد سأختار الأولى، حتى وأنا على يقين أنني قد أستبدلها أو أتركها بسبب عرض أفضل، ملل من الروتين، أو قد يتم رفدي لإهمالي في العمل، لكني أفضل أن يكون التغيير اختياري أنا، وليس إجباريًا، أو على الأقل متوقعًا منذ البداية. الاستقرار أو الأرض الصلبة تعطي دومًا شعورا بالأمان، يساعد على الإبداع والحماس والتجويد، أما ضباب الرؤية فلا يصيب إلا بالإحباط، على الأقل بالنسبة لي.