لمصلحة من يتم تشويه الصورة الذهنية للمرأة المصرية في الدراما الرمضانية؟ سؤال لم أجد إجابة عنه منذ بداية الشهر الفضيل، وبدء السباق الرمضاني المحموم بين عدد كبير من المسلسلات الرمضانية، والتي تجاوز ما تم إنفاقه عليها الملياري جنيه بالتمام والكمال، وهو مبلغ لو تم إنفاقه على البنية التحتية، وإدخال الصرف الصحي لقرى وأرياف مصر، لاستطعنا أن نقضي تمامًا على الأمراض المتفشية؛ سواء كانت أورامًا سرطانية، أو فشلًا كلويًا، أو كبديًا، أو غيره، وانتشار مئات الإعلانات التي تطالب المصريين المطحونين والمكويين بالغلاء للتبرع لمستشفيات بعضها مازال صحراء جرداء، ويتم جمع تبرعات لها منذ سنين، وبمبالغ كبيرة، لا يعلم حجمها سوى القائمين عليها.. المهم أن الدراما الرمضانية تعمدت تشويه الصورة الذهنية للمرأة المصرية تحديدًا، وبحرفية شديدة، وبنظرة سريعة على المشهد الدرامي كله، ستجد المرأة إما مغلوبة على أمرها، وتعيش في أجواء مسمومة، سواء من خيانة زوجية، أو طمع وجشع مادي متوحش، لا تعرف أصولًا، ولا تراعي صلة رحم، أو منحرفة، وهو ما كشف عنه تقرير أصدره المجلس القومي للمرأة الأسبوع الماضي، وجاء فيه: (أن الصورة السلبية للمرأة تصدرت المشهد الدرامي في رمضان بنسبة 55.58 %، فيما أظهرت بعض النماذج الإيجابية لدور المرأة وصورتها بنسبة 44.41%).. وهو ما يؤكد كلامي، بأن هناك حملة متعمدة لتشويه الصورة الذهنية للمرأة المصرية، التي هي في رأيي المتواضع عامود الخيمة في كل البيوت المصرية، التي تتحمل من أجل أسرتها الكثير من الجهد، والمسئولية، وللمرأة المصرية نماذج مشرفة في كافة المواقع لم يشر إليها أي عمل درامي أو مسلسل من 30 مسلسلًا تعرضها القنوات الفضائية المصرية.. برغم اهتمام القيادة السياسية بالمرأة المصرية، وتمكينها خلال السنوات الأربع الماضية، والتي انعكست حتى على عدد الحقائب الوزارية التي تم إسنادها الى المرأة المصرية، وصل عددها في الحكومة الأخيرة والتي قدمت استقالتها إلى 6 وزيرات، وهناك توقعات أن يرتفع العدد إلى 9 وزيرات في حكومة مصطفى مدبولي، الذي كلفه الرئيس بتشكيل الحكومة.. وأيضًا، أشار التقرير الذي أصدره المجلس القومي للمرأة، إلى قضايا العنف ضد المرأة، سواء العنف المعنوي، أو المادي في دراما رمضان، وأظهر الرجل كمصدر العنف الأكبر ضد المرأة، بخلاف التحرش اللفظي والمادي في أكثر من 51 مشهدًا، وناقشت المسلسلات 18 قضية تخص المرأة، أهمها المشكلات الأسرية والعنف ضد المرأة وقضايا العمل وتربية الأبناء وتمكين المرأة والتحرش ومشكلات الزواج وقضايا التمييز والمشكلات القانونية والتعليم والطلاق.. هذا بخلاف تعمد مشاهد مثل تناول المرأة والفتيات للمخدرات، وإدمانها للكحول، وهي أمور غريبة على مجتمعنا، وهو ما أعطى نماذج سلبية لشخصية المرأة المصرية، هي بريئة منها تمامًا، وخاصة مسألة الخيانة الزوجية، وكأنها نمط منتشر في المجتمع المصري، وظهرت المرأة أيضًا في بعض المهن بصورة سلبية، وأيضًا أظهرت المسلسلات الفتاة أو المرأة المصرية الميسورة الحال من بنات الأثرياء، وكأنهن كلهن منحرفات، وتعيش على المؤامرات والسطحية والكذب.. أرجو من المجلس الوطني للإعلام، أو مجلس النواب، أن يولي هذه القضية (تعمد تشويه صورة المرأة المصرية في الدراما) محل الاهتمام والبحث والتدقيق، ووضع معايير معينة لمنع تكرار مثل هذه المسلسلات؛ التي تتعمد تشويه صورة بناتنا وأمهاتنا وشقيقاتنا.. والتأكيد وإبراز الدور الإيجابي الذي تقوم به المرأة المصرية في المجتمع المصري على كافة المستويات.. بدلًا من تعمد تشويه صورتها وإظهارها وكأنها خائنة وقاتلة أو قوادة، وحتى النماذج الإيجابية نجدها مغلوبة على أمرها ومهزومة وضحية.. وبرغم ظهور بعض النماذج الإيجابية القليلة جدًا، إلا أننا نفتقد النماذج الإيجابية مثل الزوجة المكافحة التي تحتوي بيتها في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها كل بيت مصري.. الزوجة التي تساند زوجها وتدعمه وتحافظ على بيتها وأبنائها في غيابه وفي حضوره، وتتحدى كل الظروف.. كل التحية للمرأة المصرية و"التاء المربوطة" في كل بيت مصري، وفي كل موقع من مواقع المسئولية.. والله المستعان.