أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، أن مصر دولة إقليمية عظيمة وستستعيد نفوذها وتأثيرها وريادتها الفكرية والعلمية والثقافية في وقت قصير وستعبر المرحلة الانتقالية الحالية بسرعة، مشدداً على أنه يجب على أمريكا والعالم استيعاب ما حدث في مصر والعمل والتعاون مع شعبها في إطار المحددات والمتغيرات الجديدة. جاء ذلك خلال عقده لثلاثة لقاءات مفتوحة ووجهاً لوجه مع شباب جامعات الولاياتالمتحدةالأمريكية في نيويورك وبوسطن وأوهايو. ولفت جمعة إلى أن العلاقة بين العالمين الإسلامي والغربي وخاصة الولاياتالمتحدةالامريكية، لابد أن تبنى على أساس من الشراكة والتكامل والتعاون والحوار وليس التبعية والهيمنة والاستقواء لافتاً في حواره أنه لن يكون هناك سلام بين الشرق والغرب إلا بحل عادل ودائم لمأساة فلسطين وشعبها مطالباً باستمرار الضغط الشعبي والمجتمعي لحل هذه القضية. وقال مفتي الجمهورية إن مصر مليئة بالخيرات والخبرات التي سوف تسهم بإذن الله وبقوة في بناء مصر في عهدها الجديد، محذراً من أنه مازال أمام أبنائها المخلصين العديد من المشكلات والتحديات الكبرى التي لن يجدي معها الشعارات الرنانة التي لم تعد تصلح في مصر الآن. وأشار د.على جمعة، خلال إجابته لأسئلة شباب الجامعات الامريكية أن هناك "إجماعا" بين كل طوائف الشعب المصري على عدم الخروج عن هويتنا الإسلامية واعتبار "المواطنة" المعيار والمحدد الأساس لعلاقة الشعب بالدولة. وأوضح أنه حرص على تلبية دعوة الجامعات الأمريكية الثلاث، للتأكيد على عالمية وقوة الحجة لدى علماء الدين الإسلامي وخاصة علماء المؤسسة الدينية في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف جامعاً وجامعة، مؤكداً أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات وأن الحضارة الإسلامية تضع الإنسان قبل البنيان، مؤكداً أننا كمسلمين فخورون كل الفخر بحضارتنا لكننا لم نتنكر للحضارات الأخرى وأن كل من يعمل على التنمية البناءة وعمارة الأرض هم شركاء لنا. وأضاف مفتي الجمهورية أن الحوار الحقيقي لابد أن يكون نابعاً من الاعتراف بالهويات والخصوصيات ويظل محترماً لهذه الأسس ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر وأن يكون حواراً قائماً على أساس التنوع الثقافي ولا ينقلب إلى حديث أحادي. وقال إن حتمية الحوار والتواصل الحضاري يجب أن تكون قائمة على رؤيا واضحة للعلاقات بين الثقافات تشدد على ضرورة التمسك بمباديء التسامح والتفاهم والسعي الحثيث وأنه بالرغم من محاولات تعكير صفو العلاقات بين الشرق والغرب إلا أن الرد المناسب لا يكمن في الهجوم أو الدفاع، وإنما في البيان والدعوة إلى التركيز على المشترك الحضاري والثقافي مشيراً إلى أن هذا المسار مؤسس على المبدأ القرآني "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم". وحذر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية من الآثار المترتبة على قيام عدد من محللين من خارج العالم الإسلامي بالنظر إلى أعمال الفئة القليلة ذات الصوت العالي من مثيري القلاقل معتبرين إياهم ممثلين لمعتقدات غالبية المسلمين، زاعمين أن الإسلام دين أساسه العنف وللأسف ساهمت وسائل الإعلام في تأكيد هذا الرأي من خلال تناولها للإسلام والمسلمين بصور شديدة السلبية وغير حقيقية ولا تمت للإسلام و المسلمين بأي صلة. وشدد المفتي أن كل ما يثار عن الخلاف بين المسلمين والمسيحيين فى مصر أوهام لأن العلاقة بين المسلمين والأقباط علاقة أبدية ولم يحدث على مر التاريخ أن قامت حروب أهلية في مصر مثلما قامت في أمريكا وخير دليل على عمق الرابطة التي جمعت جناحى الأمة مسلمين ومسيحيين فى وداع البابا شنودة الثالث. ومن جانب آخر، وفي مفاجأة عقب انتهاء المفتي من إلقاء محاضرته في المركز الإسلامي ببوسطن، والتي كان يحضرها عدد من غير المسلمين من أصحاب الديانات الأخرى، طالب أحد هؤلاء الحضور من غير المسلمين بالدخول في الإسلام، وقام فضيلته بتلقينه الشهادتين وسط احتفاء شديد من الحاضرين.