يتوجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، إلى الصين، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، يأمل خلالها في تعزيز العلاقات مع الرئيس شي جين بينج، وبناء تحالف في ملفات عدة. وقد أعلن مكتب الرئيس الفرنسي أن "ماكرون" سيسعى، خلال زيارته التي ستبدأ الاثنين، إلى إقامة "شراكة إستراتيجية" مع بكين، خصوصا في مكافحة الإرهاب والتغيرات المناخية. وتأمل فرنسا خصوصا في أن تعمل بكين معها، للعب دور حاسم في تطبيق اتفاق باريس حول التغيرات المناخية، بعد انسحاب الولاياتالمتحدة منه. والصين هي أكبر دولة مسببة للتلوث في العالم، لكنها أكبر بلد مستثمر في تقنيات الطاقة النظيفة أيضا. وقال "ماكرون"، خلال الأسبوع الجاري، إن الصين تلعب دورًا أساسيًا في تخفيف حدة الأزمة الناجمة عن البرنامج النووي لبيونج يانج، بعد التصعيد الكلامي بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ-اون. وقالت المحللة فاليري نيكيه: "القيادة الصينية تطمح إلى إقناع الرئيس الفرنسي بالتموضع في الوسط بعدد من القضايا، مثل كوريا الشمالية، وبالاعتراف ضمنا في خياراته بموقع الصين المتقدم في المنطقة". وسيطلب "ماكرون" من الصين أيضا دعم قوة مجموعة الساحل، التي تضم قوات من مالي وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا، ومهمتها مقاتلة الجهاديين في منطقة الصحراء. وقد أصبحت الصين شريكا تجاريا أساسيا لإفريقيا، حيث بلغت قيمة استثماراتها 31,6 مليار دولار عام 2016، موظفة في مشروعات سكك حديدية وطرق سريعة ومرافى ومحطات لتوليد الكهرباء، وهي تشكل جزءا من شبكة واسعة للنقل يأمل الرئيس الصيني في تطويرها، في إطار مبادرة تحمل اسم "حزام واحد طريق واحد" لتحفيز التجارة. وزيارة الدولة هذه هي الأولى لرئيس أوروبي إلى بكين، منذ مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر، الذي عزز سلطة "شي" مع بداية ولايته الرئاسية الثانية. وكانت الصين قد أشادت بقرار باريس اختيارها لتكون أول دولة آسيوية يزورها "ماكرون". وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال الأسبوع الجاري: "نأمل أن تعزز هذه الزيارة الثقة السياسية المتبادلة، والتواصل الإستراتيجي بين البلدين". يرافق "ماكرون" وفد يضم أكثر من خمسين رئيس شركة، بينها "أكور-أوتيل"، و"ال في ام اش"، و"إيرباص"، و"أريفا"، و"سافران"، و"بي إن بي باريبا". وقال مسئول: "سنوقع عددا استثنائيا من العقود الإستراتيجية.. نحو خمسين عقدا تشمل بيع طائرات إيرباص ومحركات سافران للطائرات". بينما تجري مجموعة "أريفا" النووية أيضًا مفاوضات لإبرام عقد، لإقامة موقع لمعالجة النفايات المشعة. وتدفع فرنسا باتجاه إعادة التوازن للعلاقات التجارية مع الصين، حيث إن الصين تحتل المرتبة الثانية بين الدول المصدرة إلى فرنسا، فهي تأتي في المرتبة الثامنة بين الدول المستوردة من هذا البلد، مما يجعل قيمة العجز في الميزان التجاري بين البلدين، البالغة 30 مليار يورو، في مصلحة الصين. وقال مسئول في الإليزيه: "باريس تنوي السعي إلى إعادة التوازن، ودخول السوق في الخدمات المالية مثلا"، بينما تتطلع المصارف الفرنسية إلى الوصول إلى السوق الصينية التي تشهد انتعاشا. وينوي "ماكرون" و"شي" الإعلان عن صندوق استثماري فرنسي - صيني بقيمة مليار يورو، لمساعدة الشركات المتوسطة الفرنسية، على التمركز في الصين. وسيبدأ الرئيس الفرنسي، الذي ترافقه زوجته بريجيت، زيارته بمدينة سيان، شمال الصين، التي قال المسئول في الاليزيه إنها "رمز مهم كونها مهد الحضارة الصينية، ونقطة بداية طريق الحرير القديم". وسيزور أولا موقعا أثريا لتماثيل المحاربين التي أخرجت من ضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ تي (حكم من 221 إلى 210 قبل الميلاد)، ثم سيلقي خطابا حول مستقبل العلاقات الصينية - الفرنسية. ويتوقع أن يبرم اتفاقا نهائيا حول تنظيم مركز "بومبيدو" للفن الحديث معرضا مؤقتا في شنغهاي. وأخيرا، ومع وصول "ماكرون" الإثنين، ستطرح في مكتبات الصين النسخة المترجمة إلى الصينية من كتابه "ثورة"، الذي نشره عام 2016، ويتضمن رؤيته لفرنسا.