خُلقت الحياة كي نعيشها، نحلم بأعلى المراتب فيها، نطورها، نطور من أنفسنا حتى نرتقي أكثر، لكن لدى البعض الحياة ذاتها حلم مؤجل بارتباطات أخرى. قد تسمع أحدًا يقول: سأعيش عندما أصير أغنى، حينها يعيش فقط، تخيل أن حياة البعض متوقفة على موت شخص آخر، يمسك مفتاح الحياة ويؤجلها، لن يحتمل الانتظار، لمجرد الانتظار وهو يرى أيامه تضيع منه، حياته كما الموت، بل الموت أكثر رحمة فهو بلا ألم. عندما يقتل الإنسان في ذلك الموقف، ليس بالضرورة مجرمًا، بل يدافع عن حق الحياة، هذا ما نتابعه في مسلسل "حجر جهنم" من تأليف هالة الزغندي وإخراج حاتم علي، ثلاث قصص مختلفة، أولى بطلاتها زينة التي تجسدها (كندة علوش) المرأة الضعيفة التي لم تكمل دراستها، تزوجت بعد وفاة أمها وتعرضها إلى الإصابة بمرض الاكتئاب جراء قسوة طباع والدها، رأت في الزوج هشام (إياد نصار)الخلاص والسعادة، الخبير بكل الأمور ويسعى إلى حماية زوجته الحمقاء كما يراها على نحو يدفعها لقتله، عندما طلبت الطلاق هددها بحرمانها من طفلتها. القصة الثانية بطلتها حورية تمثلها (أروى جودة) الفتاة الغنية التي تحدت عائلتها من أجل حبها، تزوجت (أحمد السيد) وجيه الذي جعلها تكتب على نفسها ايصالات أمانة، عجزت عن الخلاص منه، لا سبيل إلى الطلاق ولا طاقة إلى البقاء. القصة الثالثة تجسدها صافي (شيرين رضا) التي تعتنق الدين المسيحي، متزوجة من يوسف (عماد الراهب) المصاب بالاكتئاب الشديد، يرفض فكرة الإنجاب والحياة، استيقظت يومًا على محاولة منه لقتلها، لا مجال للطلاق أو الاستمرار في هذا العذاب الأبدي. فكرن في الخلاص من أزواجهن بقنبلة يضعنها في سيارتهم، خلال رحلتهم إلى الفيوم، لكن تدخلت يد القدر ونجا هشام من الحادث، عند عودته إلى حياته السابقة لم يستطع عيشها بسبب ظروف عمله الملتبسة والخطر الذي يهدده، وقع بين يديّ زوجته زينة، رأى ذاته القديمة فيها، شعر بها، أبدى غضبه واستنكر سلبيتها أمام ظلمه السابق لها. بينما جرت حياة حورية على نحو جديد، تعرفت على ابن زوجها، انكشف الجزء الحنون الذي حاولت إنكاره وإخفاءه، أمومتها التي أفقدها لها وجيه، تزوجت عمرو (أحمد مجدي) شريك زوجها السابق. كذلك تغيرت حياة صافي، أحبت زميل زوجها في العمل أمجد (فراس سعيد) عشقت الحياة مرة أخرى. دارت الأحداث بسلاسة وعرض شيق. نحن معتادون في الدراما أن المرأة المقهورة فقيرة أو جاهلة، لكن في هذا المسلسل سيدات مجتمع من الطبقة المتوسطة، لم تكن تصرفاتهن مثل القاتلات بل على العكس، عاديات جدًا يرتبكن أمام عواطفهن وما يتعرضن له، لم تشعر بالذنب سوى زينة التي راقبت تبدل حال زوجها هشام، تأكدت من حبها له، أو أحبت هذا الشخص الجديد الذي يحترمها ويقدرها. كل شخصية ارتدت الملابس التي تناسبها، حورية ظهرت غالبًا بالكاجوال لأنها شخصية عملية، فيما أطلت صافي بالفستاتين وملابس النوم في منزلها نظرًا إلى رومانسيتها، أشارت زينة أن زوجها هو من يختار ملابس لا تحبها، بدا عجيبًا أن نجدها في منزلها بملابس الخروج والأحذية، لم أفهم المغزى؟ يتبين لنا في النهاية أن حادث انفجار السيارة من صنع زميل هشام في العمل، بذلك فارقهن الخوف إلى الأبد، ذريعة معقولة حتى لا يفقدن سعادتهن من الكاتبة، أرى أن التفكير يقارب الفعل إلى حد كبير، بل هن فعلن لكن المحاولة فشلت، القنبلة فسدت، نجحت القنبلة التي لم يلحظن وضعها في السيارة. سألت حورية صديقاتها في الحلقة الأخيرة لو عاد بهن الزمن هل سيقتلن أزواجهن؟ أكدن أن ذلك من المستحيل، ربما محاولة لتجميل أنفسهن ما دمن تبرأن بالفعل.