أوصت دراسة جامعية حديثة بقنا "بعنوان الزواج والعنوسة والجرائم المرتبطة يهما في مجتمع محافظة قنا" بالزواج بين القبائل للحد من الجرائم القبلية بين قبائل محافظة قنا المختلفة. وقال الباحث الدكتور سيد عوض والذي اختار 3 قبائل لبحثه هم الأشراف والحميدات وقبائل العرب واتخذ من دشنا وقراها تطبيقاً لدراسته أن السمة المميزة لقبائل قنا بأنهم جماعة تتكون من عدد العائلات وهذا النظام يختلف عن النظم الاجتماعية الأخرى كالطائفة أو الطبقة أو الأمة. وأكد الباحث أن هناك مجموعة من الأمثال الشعبية رسخت هذه المفاهيم منها (ابن عمها ينزلها من فوق ظهر الحصان) بمعنى أنه يستطيع أن يأخذها ولو كانت في طريقها إلى بيت الزوجية، حيث إن ابن العم يلتزم بزواج البايرة "العانس" حماية للعرض وهو كالأخ مطالب بالدفاع عن الشرف، فزواج الأقارب يمهد له منذ سن مبكرة بين أولاد العم، ويتم هذا التمهيد بين الآباء دون علم الأبناء، ويعد هذا الاتفاق ميثاقاً لابد أن يتم ولا رجعة فيه، فعادة حجز الطفلة تبدأ في بعض الأسر منذ ولادة هذه الطفلة، وأحيانا يتم الزواج قبل بلوغ السن القانونية، وتراعى غالبية القبائل التدرج القربى العاصب في الاختيار للزواج. وأضاف الباحث أن نظام الزواج في مجتمع قنا لا يزال مرتبطا إلى حد كبير بالعادات والتقاليد والأعراف السائدة وخاصة في القطاع الريفي منه حيث تعطى هذه العادات والتقاليد في بعض القبائل الحق للذكور في الزواج من خارج القبيلة في حين تحرم الإناث من هذا الحق حتى وإن ترتب على ذلك عدم زواجها إطلاقاً. فوضع المرأة في صعيد مصر ما زال مثقلاً بالعادات والتقاليد والرواسب الثقافية المحافظة. وأشار الباحث إلي أن هناك مشاهدات واقعية إلى عدد كبير من الفتيات اللاتي استطعن الحصول على حظ وافر من التعليم والوصول إلى مراكز مرموقة في العمل فضلن التواجد في أماكن بعيدة عن محافظة قنا رغبة في الحصول على استقلالهن وهروبا من الضغوط القبلية وفضلن عدم الزواج نهائياً. يتحدث الباحث عن الزواج عند قبائل قنا وما ينتج عنه من جرائم لافتا بأنه نظام داخلي وخارجي فهم يفضلون زواج بناتهم من أبناء عمومتهن، "فالقريب أولى من الغريب" إلا أنهم لا يفضلون زواج بناتهم خارج قبيلتهم وعدم تزوجيهن من الخارج والعائلة التي تخالف هذا التقليد ترمى بالتحقير وتتخذ ضدها إجراءات خطيرة. يتحدث الباحث عن نظرة الزواج عند القبائل فيقول: "المجتمع ينظر إلى الشخص الذي لا يتزوج على أنه شخص غير طبيعي ويكون موضعا للسخرية والاحتقار، ويحارب المجتمع الأشخاص الذين لا يتزوجون أو حتى يتأخرون في الزواج بكل الطرق ويشيرون إليهم بسوء السلوك، مشيرا إلي أن ضحايا تقاليد القبائل في قنا وأغلبهم من الجيل المتعلم والمثقف بين القبائل". ويعدد ضحايا هذه التقاليد بضحايا العنوسة والجرائم المرتبطة بعدم تزويج القبائل لبناتها خارج القبيلة مثل الثأر وغيره ثم يتطرق إلى ضحايا العنوسة تفصيلياً وإلى ماخلقته القبائل من عنصرية بين الأجيال الصعيدية. يقول السيد عوض إن الخوف من تقاليد القبائل في قنا جعل بعض الفتيات وأسرهن ضحايا، مشيرا إلي أن هشاشة تلك المعتقدات التي ليس لها أساس ديني متجذرة بشكل غريب، لافتا للحديث النبوي الشريف الذي أخبر عنه في الأثر أنه ضعيف والذي جاء فيه "أن في أمته أربعاً من أمور الجاهلية وهى 1-الفخر بالأحساب. 2- الطعن في الأنساب 3- الاستسقاء بالنجوم. 4-النياحة".