أكد سامح شكري، وزير الخارجية، أن الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر تأتي في إطار دعم التعاون الثنائي بين البلدين، وبحث التحديات التي تمر بها المنطقة، مشيرا إلى أن مصر وروسيا تربطهما علاقات تاريخية مشتركة. وقال "شكري" في مقابلة خاصة مع قناة "روسيا اليوم" الإخبارية اليوم الأحد إن زيارة الرئيس "بوتين" ستسهم في دعم العلاقات بين البلدين، وإيجاد مجالات جديدة للتعاون، وتكثيف الجهود المشتركة، للاستفادة الكاملة من الرصيد التاريخي للعلاقات المصرية الروسية. وأضاف شكري قائلا: "هذه العلاقة لها أهميتها في إطار الصادرات والواردات بين الجانبين، فضلا عن المشروعات القومية الكبيرة، والجهود المصرية في تكثيف مواردها من الطاقة"، مشيرا إلى أنه سيتم، خلال الزيارة، تبادل وجهات النظر، ووضع رؤية مشتركة إزاء التحديات في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالوضع في سوريا أو اليمن، وتحدي الإرهاب، وفي مقدمة كل ذلك التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، ووضعية القدس، ومعاناة الشعب الفلسطيني، واستمرار عدم وجود آفاق لتسوية سياسية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية. وردا على سؤال بشأن اقتراب موعد استئناف الرحلات الجوية بين موسكووالقاهرة، قال "شكري": "ليس هناك تاريخ محدد، وهذه القضية مثارة بين الجانبين، وهناك اتصالات عديدة على المستوى الفني بين وزارة الطيران ووزارة النقل الروسية، في وقت تستمر فيه الاستفادة من الخبرات الروسية، لرفع الكفاءات والقدرات المصرية في تعزيز الإجراءات الأمنية بالمطارات المصرية"، مؤكدا أنه "سيتم العمل على استئناف الطيران تحت الظروف التي تحقق المنفعة للطرفين". وفيما يتعلق بأن الشعوب العربية تتهم القيادة العربية السياسية بالضعف، وهل يمكن أن تكون القيادة العربية على مستوى طموحات شعوبها؟، قال وزير الخارجية سامح شكري - في حواره مع قناة "روسيا اليوم" الإخبارية: "العمل العربي والإسلامي الجماعي لا بد من صياغته من خلال الأطر المتوافرة لدينا، سواء جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي، لدعم القضية الفلسطينية". وردا على سؤال بشأن إسقاط الموقف الرسمي الفلسطيني صفة "راعي السلام" عن واشنطن، وما هي الجهات الدولية التي يمكن أن تكون راعية نزيهة لعملية السلام، قال "شكري": "مصر تعمل مع كل من لديه القدرة على رعاية عملية السلام، والدفع بها نحو حل يتيح إقامة الدولة الفلسطينية، هذه كانت وجهة نظر مصر في إطار عملها الدءوب مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية ومجلس الأمن والاتحاد الإفريقي"، مؤكدا أن مصر تعمل مع كل من يستطيع أن يسهم بشكل إيجابي فى الوصول إلى الهدف، وإخراج الشعب الفلسطيني من محنته. وبشأن دور مصر في صياغة التسوية السياسية في سوريا، قال "شكري": "مصر تعمل من خلال توحيد المعارضة السورية، وقد تعاونا مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، للتفاعل والتشاور مع جميع أطياف المعارضة الوطنية السورية، حتى يشكلوا مجموعة متجانسة تنخرط في العملية السلمية، وفقا لقرارات مجلس الأمن، مع المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، في جنيف". وأضاف "شكري": "مصر قريبة من "دي ميستورا"، وأيضا من عملية التفاوض في جنيف"، مشيرا إلى أن مصر حريصة على أن تقدم كل ما لديها من قدرة في دفع هذه المفاوضات، لأن الحل السياسي هو الحل الوحيد لإخراج سوريا من هذه الأزمة. وأكد أن مصر تشجع جميع أطياف المعارضة والحكومة السورية في انتهاج مواقف مرنة تعلي من قيمة مستقبل سوريا، وأن مصر ستستمر في السعي للوصول إلى وضع يحقق الاستقرار ويحفظ الأراضي السورية، خاصة بعد النجاحات التي تمت في إخراج العناصر الإرهابية من الساحة السورية. وفيما يتعلق بوجهة نظر مصر في مناطق خفض التصعيد في سوريا، وكيف يمكن أن تسهم في الاشتراك بمراقبتها، قال "شكري" إن مصر شاركت في صياغة منطقتين من مناطق خفض التصعيد، مشيرا إلى أن هذا العمل أسهم في تحقيق انفراجة فيما يتعلق باستئناف المسار السياسي، لأن الشعب السوري عانى العمليات العسكرية، واحتواء هذه الأعمال يعد شرطا مهما وأساسيا لتكون هناك فرص أكبر لنجاح المسار التفاوضي. وأضاف "شكري" أن مصر تراقب هذا الوضع والجهود التي تبذل على مستوى اجتماعات أستانة، وحتى الآن الأمور مستقرة، ويجب التركيز على المسار السياسي. وردا على تقييم الوضع في اليمن عقب مقتل الرئيس الراحل على عبدالله صالح، قال وزير الخارجية سامح شكري - في حواره مع قناة "روسيا اليوم" الإخبارية: "الوضع في اليمن يعد مقلقا للغاية"، مشيرا إلى أن العلاقة الخاصة التي تربط مصر باليمن وشعبها تجعلنا نحرص على استعادة الشرعية مكانتها، والانتهاء من هذا الصراع العسكري، والوصول إلى حلول سياسية، وفقا للمرجعيات الخاصة للأمم المتحدة والمبادرة الخليجية؛ لإعفاء الشعب اليمني من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي أصبحت تهدد مستقبله. وأشار "شكري" إلى أن الأوضاع العسكرية في اليمن تذهب في اتجاه سلبي، ويجب أن تنحصر، ويلجأ جميع الأطراف إلى الحوار واستعادة الشرعية لليمن، لحماية شعبه. وحول وجود اختراق حقيقي من قبل "عاصفة الحزم" لما يجري في اليمن، أجاب وزير الخارجية قائلا: "إن المسار العسكري مرتبط بالتهديدات للأراضي السعودية، علاوة على استمرار النفوذ والتأثير لدول خارج النطاق اليمني والعربي في تأجيج هذا الصراع"، مضيفا: "الإطار محسوب ودقيق، ويسعى إلى حماية أمن دول التحالف وحماية أمن البحر الأحمر؛ ولا يمنع من الحرص على وجود مسار سياسي مناسب بدلا من المسار العسكري.. وفيما يتعلق بإمكان إرسال مصر قوات برية إلى اليمن، قال شكري: "هذا ليس مطروحا". وبشأن الأزمة بين القاهرة والدوحة إلى أين وصلت؟، قال وزير الخارجية سامح شكري: "الأزمة كما هي"، معربا عن أسفه من عدم توجه حقيقي من قبل قطر للاعتراف بال13 قضية التي طرحت من الدول الأربع، أو المبادئ الستة التي طرحت في هذا الصدد، ومؤكدا إذا ما كان هناك توجه لأخذ هذه المشاغل في الاعتبار، والإعلان بشكل ليس فيه أي مؤاربة الاستعداد لتغيير المسار؛ فهذا يفتح المجال لتفاهم وحوار وإزالة الأسباب التي أسفرت عن نشوب هذه الأزمة، ومضيفا أنه حتى الآن في ضوء عدم وجود أي مؤشرات لتجاوب وتفهم وتقدير للسياسات القطرية، وتأثيرها السلبي على أمن الدول الأربع والأوضاع بالمنطقة، سنستمر في الحفاظ على مصالحنا وأمننا كدول أربع لها قدر كبير من التوافق في رؤيتها وهدفها هو حماية شعوبها. وحول التنسيق والتفاهم بين القاهرة والرياض حول تدخل إيران في المنطقة، قال "شكري": "هناك تفاهم ورؤية مشتركة بين مصر والسعودية والأشقاء في الخليج فيما يتعلق بحماية الأمن القومي العربي، ورفض كل أشكال التدخل من خارج النطاق العربي، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي"، مشيرا إلى اعتماد الدول العربية، خاصة مصر ودول الخليج، على الحفاظ على أمنها القومي، ولديها من القدرات ما يؤهلها إلى ذلك، وسوف نستمر في توحيد هذه الرؤية وتعزيز القدرات المشتركة. وأشار إلى أن ما لدينا من قدرات كفيلة بتحقيق أهدافنا، لافتا في الوقت نفسه إلى أن المبادئ التي تقوم عليها العلاقات الدولية من عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل لا بد أن تكون هي المبادئ الحاكمة. وحول قلق مصر من حصتها في نهر النيل جراء إنشاء "سد النهضة"، قال وزير الخارجية سامح شكري في حواره مع قناة "روسيا اليوم" الإخبارية: "إن هذا موضوع له حساسيته، ومصر هبة النيل وأراضيها 95 % منها أراضى صحراوية، و5% بوادي النيل هي التي يعتمد عليها الشعب المصري على مدى آلاف السنين، ومياه النيل هي من الموارد الطبيعية، والحقوق الطبيعية لا يجب المساس بها، وتنظم من خلال القانون الدولي، ومن خلال الاتفاق الذي تم إبرامه فيما بين مصر والسودان وإثيوبيا"، مشيرا إلى أن مصر أكدت في مناسبة تفهمها احتياجات الأشقاء في إثيوبيا للتنمية؛ لكن الاعتراف مبني على اعتراف إثيوبيا بحق الشعب المصري في الحياة، وعدم الإضرار بمصالح الشعب المصري، اتصالا بمياه النيل. وأضاف شكري:" أبدينا حسن النية والرغبة في التنفيذ الدقيق لجميع بنود الاتفاق الذي تمت صياغته مع إثيوبيا والسودان، وأعلنا استعدادنا لقبول ما ستسفر عنه الدراسات الفنية الموكلة إلى شركة دولية لا تقبل أي نوع من الشك"، مشيرا إلى أنه حتى الآن يوجد تعثر في المسار الفني، ولافتا في الوقت نفسه إلى أن الرئيس السيسي أكد، في مناسبات عديدة، أن مصر حريصة وقادرة في الدفاع عن مصالحها المائية، ولن تدخر جهدا في هذا الصدد، لأنه أمر مرتبط بحياة ومستقبل الشعب المصري. وحول وجود نقاط خلافية بين القاهرة وأديس أبابا، قال وزير الخارجية: ليس هناك خلاف في هذه المرحلة على المبادئ التي تم إقرارها في الاتفاق، وما نرصده هو التوصل إلى اتفاقات تفتح المجال لإجراء الدراسات الخاصة لتأثير السد وكيفية ملء خزانه وتشغيله، مضيفا أن الدراسات ما زالت متعثرة، ولم تعط للشركة إشارة البدء في هذه الدراسات لتحفظات من إثيوبيا، ولافتا إلى أن مصر أعلنت قبولها منهج الشركة في العمل، لأننا لا ننازع العمل العلمي الذي لا يقبل أي نوع من التأويل السياسي؛ لكن أن تظل الدول الثلاث على مدى الأشهر السبعة الماضية غير قادرة على الموافقة على منهج الشركة في إجراء الدراسات فهذا أمر يثير كثيرا من التحفظ، حيث إننا نسير في المسار الفني بينما السد يبنى، وهناك مراحل سوف نصل إليها ولن تكون الشركة قد انتهت من دراساتها، وهذا أمر سوف يكون له عبء على الأشقاء في إثيوبيا، لأن هناك التزاما من قبل إثيوبيا بعدم تشغيل السد أو ملء الخزان إلا بعد أن تصدر هذه الدراسات. وردا على انحياز مصر إلى مؤسسات الشرق الليبي عن حكومة الوفاق في ليبيا، قال وزير الخارجية، في حواره مع قناة "روسيا اليوم" الإخبارية: "إطلاقا، إن مصر هي الداعمة الرئيسية للاتفاق السياسي الذي أنشئ بمقتضاه المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني، لكنه لا يعني أننا لسنا على مقربة من مجلس النواب، لدوره في الاتفاق السياسي، وهو الممثل عن الشعب الليبي، ودوره التشريعي لا غنى عنه". وأضاف "شكري": مصر توسع نطاق علاقاتها واتصالاتها مع جميع الأشقاء في ليبيا بحكم صلتها بهم السابقة، والمعرفة بضرورة توافق جميع أفراد الشعب الليبي على مستقبلهم، وعلى الخروج من هذه الأزمة، والدفاع عن وحدة أراضيهم ومواردهم، والحاجة إلى مقاومة الإرهاب ودحره في ليبيا، ولا يمكن أن نتجاوز عن أي طرف ليبي يحظى بالشرعية ودعم من قبل المواطن الليبي.