أكدت د. رباب المهدي، المستشارة السياسية للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح وأستاذة العلوم السياسية، أن من المفترض لأي مرشح لرئاسة الجمهورية أن يقدم رؤية مختلفة لشكل وطن جديد، ودولة جديدة، ومؤسسات من نوع مختلف، وانحيازات اقتصادية واجتماعية مختلفة تماماً عما سبق. وأضافت د.رباب أن البرنامج الانتخابي لأبوالفتوح يبني رؤيته على مبادئ الثورة التي نادى بها الشعب "عيش..حرية..عدالة اجتماعية..كرامة إنسانية"، لبناء شكل دولة جديدة وليس إصلاح نظام فاسد قام الشعب بإسقاطه، فهو يقدم نظاما بديلا لهذا النظام البائد. وأوضحت قائلةً: "إن منطلقات برنامج أبوالفتوح الإنتخابي ترتكز على ثلاث نقاط مهمة، النقطة الأولى يتبنى فيها البرنامج مشروع إرادة وطنية مستقلة، وهو مشروع تحرري للوطن والمجتمع والإنسان، حيث يتمثل هذاالاستقلال من الناحية السياسية أن تضع الجماهير السياسات وتتخذ القرارات، ومن الناحية الاقتصادية تكون سياسات الدولة منحازة لأغلبية جموع الشعب وليس لفئة بعينها كما كانت في النظام البائد من رجال أعمال أو المقربين من السلطة، ويكون هذا الإستقلال بشكل حقيقي ولا يقبل الإملاءات أو الضغوط المرتبطة بمعونات أجنبية مشروطة، ويكون في يد القوة الشعبية وليس في يد النخبة الحاكمة، اما النقطة الثانية تتمثل في بناء علاقة جديدة بين الدولة والمواطن، فالدولة لدينا ليست مبنية على فكرة التسلط واستعباد المواطنين وتحصيل الجباية منهم في شكل ضرائب أو رشاوى، وفرض أمور عكس مصلحتهم، إنما هي قائمة على تكون هي خادمة للشعب". وتتابع أن برنامج أبوالفتوح لا يكتفي في بناء علاقة الدولة مع المواطن بفكرة الديمقراطية التمثيلية التي يقوم المواطنين فيها بإنتخاب ممثلين عنهم في البرلمان أو المجالس المحلية فقط، لكنه يسعى لوضع مجموعة من القوانين والمؤسسات الجديدة ونمط جديد للعلاقة يسمى ب "الديمقراطية التشاركية" التي تعتبر نموذجاً متطوراً للديمقراطية التمثيلية. وأضافت د.رباب "لكن الديمقراطية التشاركية التي يقوم عليها البرنامج الانتخابي لد.عبدالمنعم أبوالفتوح تضع آليات لتوزيع الثروات وإتخاذ القرارات بشكل عادل، كما تسعى أيضاً إلى إشراك المستفيدين من الخدمة في تقرير ماذا يتم في موارد الدولة ومن يقوم على إدارتها، وتفعيل دور الرقيب الشعبي على عمل المجالس البرلمانية والمحلية والتنفيذية، وبالتالي فنحن نسعى كمشروع وطني كبير إلى تفعيل المحليات والتخطيط بالمشاركة من خلالها، وهذا يعني أن كل قرية وكل مركز وكل محافظة هي وحدها التي تحدد ما يحتاجه مواطنيها، وكيفية تنفيذه سواء كانت مدارس أو مستشفيات أو بنية تحتية، وليس كما حدث في واحة سيوة عندما قامت الدولة بصرف مخصصات لها، قام المسئولين فيها ببناء ستاد كروي بهذه المخصصات حمل صورة كبيرة جداً للرئيس المخلوع في الوقت الذي لا توجد بها مدرسة للثانوي أو الإبتدائي وأقرب مدرسة لها في محافظة مطروح وتبعد عنها بأكثر من 300 كم، وكان من حقهم بناء مدرسة ووحدة صحية لكن آخر همومهم بناء ستاد". وأضافت أن النقطة الثالثة التي يرتكز عليها البرنامج الإنتخابي هي عمل نسق إقتصادي جديد يبني أركانه على التنمية الإنسانية، موضحة أن سياسات الرئيس المخلوع ومن قبله الرئيس السادات كانت تقوم على الإنحياز لسياسات السوق بشكل مطلق، وإثراء فئة قليلة، مع الإعتقاد أن هذه الفئة يمكنها أن توظف وتوزع موارد الدولة على جموع الشعب، إلا أن هذا لم يحدث في مصر أو في أي دولة في العالم، بل رأينا طوال الثلاثين عاماً الماضية وخاصةً العشر سنوات الأخيرة وجود ثراء فاحش لفئة وفقر مدقع لباقي الشعب، ولم تعد مصر دولة واحدة بل أصبحت مجتمعات موازية، مجتمعات تعيش في فيلات وقصور وأخرى تعيش في عشش وأعداد كبيرة في حجرة واحدة لا يملكون حد الكفاف ولا تصلهم مياه الشرب في الوقت الذي تذهب مياه هائلة هباءاً في حمامات السباحة أو البحيرات الصناعية في هذه الفيلات. وتشرح المهدي قائلةً: "إننا بنينا برنامج مشروعنا الوطني على نسق يعيد توزيع ثروات مصر بشكل أكثر عدالة، بالإضافة إلى فكرة أن الإنسان ليس عبئاً وأن الزيادة السكانية لا تمثل مشكلة، فالشعب له الحق في الحصول على موارد دولته، وعلى الحكومة أن تقوم على خدمته وتوفير هذه الموارد له، هذا ومن واجب الحكومة أن تقوم بضبط قواعد السوق وتوزيع الثروة بما يضمن للمواطنين حد أدنى من الدخل، وتعليم وسكن وحقوق صحية آدمية بما لا يميز بين الأفراد بعضهم البعض، كونهم يقيمون في الريف أو الحضر، أو حسب نوعهم رجل أو إمرأة، وإنتمائهم لعائلات غنية أو أخرى فقيرة، وتوفير منظومة إقتصادية تحفظ للمواطن كرامته التي أهدرت في ظل وجود فجوة شاسعة بين من يملكون ولا يملكون". وترى د.رباب المهدي أن النسق الإقتصادي لا يخدم فكرة توفير فرص للتوظيف أو العمالة أو التدريب أو تشجيع المستثمرين، إنما هذا النسق يخدم الإنسان المصري في القرى والعشوائيات والأحياء على حد سواء، لا أن يعطيه صدقة يمّن بها عليه لكنه حقه السياسي والإقتصادي والإجتماعي في أساس الأمر، مؤكدة أنه من أجل ضمان هذه الحقوق يجب إعادة توزيع الدخل والثروة في مصر بما يضمن وجود نمو إقتصادي حقيقي يوزع بشكل عادل على أفراد المجتمع.