السينما المصرية تاريخ طويل من الإبداع بدأ منذ أكثر من مائة عام ورغم مشاركة الأجانب والعرب في نشأتها إلا أنها تميزت بمصريتها ونجحت في نقل واقع الحارة المصرية بتفاصيلها، كما كانت تجسيد حياة المواطن وواكبت ثورة 23 يوليو 1952.كما جارت الأحداث التي مرت بها مصر،غير أنها لم تواكب أحداث ثورة 25 يناير التي لاتزال بعد تدهش العالم. يقول المخرج داود عبد السيد إن السينما المصرية طوال تاريخها العريق قدمت صورة حية للحياة في مصر والشعوب العربية عرفت مصر جيدا وفهمت اللغة العامية المصرية بل وأدق التفاصيل عن مشاكلنا وذلك بفضل عراقة وقدرة السينما فهي قريبة من الواقع تنقل التغيرات وتحللها، كما نجحت في التنوع الشديد من أفلام اجتماعية وكوميدية وسياسية وتاريخية، وغيرها وذلك في سهولة ويسر فهي تملك كل الأدوات لذا تصدقها حتى وأن فضلت عليها السينما الأمريكية والتي تتمتع بتقنية أعلى. ويضيف، أن السينما المصرية تعرضت على مدار تاريخها لمحاولات استمالتها من النظم الحاكمة وبعض القوى السياسية ونتج عن ذلك بعض الأعمال مثل سلسلة أفلام إسماعيل ياسين والتي صنعت من أجل الدعاية للجيش والشرطة وأعمال أخري تمجد لثورة 1952 ثم جاءت حقبة الرئيس السادات لتثني السينما على حكمته وقدرته على التصدي لمراكز القوى إلا أن السينما المصرية سرعان ما تعود لتوازنها وانتمائها للشارع المصري. ويؤكد أن السينما المصرية كانت أذكى وأنضج من النظم الحاكمة ولم يسيطر عليها فكر أو تيار لذا استمرت حتى في أحلك الظروف وتعدت الحدود الجغرافية. ويشير إلي أن ما تشهده السينما المصرية حاليا من أزمة ليس بسبب النظام السابق الفاسد بقدر ما هي أزمة في الفكر وقصور فى الإبداع نتيجة لدخلاء المهنة واستمرار السياسات تسويقية لم تعد صالحة في هذا الوقت. وقال المخرج داود عبد السيد إن عدم ظهور ثورة 25 يناير علي شاشة السينما برغم مرور عام على قيامها لا يعني أن السينما غير قادرة أو استسهال القائمين على الصناعة ولكن لسبب بسيط هو أن الثورة لم تحقق حتى الآن أهدافها، موضحاأن الثورة لم تقم من أجل إسقاط مبارك ونظامه وإنهاء مشورع التوريث ولكن الثورة الحقيقية هي عودة كرامة المواطن المصرى وأن يعرف حقوقه وواجباته وقيام دولة مدنية تحترم المواطن وإنهاء النظم الشمولية للأبد وبالتالى فإن صناعة فيلم هى محاولة منقوصة تفتقد لمقومات النجاح والإقناع بعظمة الثورة. ويضيف أن السينما التسجيلية هي المنوط بها تسجيل الثورة منذ قيامها وحتى هذه اللحظة وهو ما تحقق بالفعل،مشيرا إلي أن هناك العديد من الأفلام التسجيلية التي شاهدها الجمهور وأثنى عليها لكونها تنقل مشاهد حقيقية بجانب شهادة من شاركوا في الثورة وهذا جزء من عمل السينما المصرية. من جهته يؤكد المخرج سعيد حامد أن السينما المصرية شهدت فترات من الانتعاش يعقبها انتكاسة نتيجة للظروف التى تشهدها مصر لكونها جزءا من النسيج المصرى والسينما برغم ذلك نجحت طوال تاريخها في التعبير عن الثقافة المصرية بشكل خاص والعربية بشكل عام وتربعت على القمة ولم تنجح أي سينما في المنطقة أن تتغلب عليها نتيجة لسهولة اللغة المصرية واحتضان واستيعاب المواهب المختلفة وكم المواهب الفذة في كفة عناصر الصناعة. ويضيف أن السينما المصرية تمر الآن بمرحلة تشبع بعد فترة من الانتعاشِ استمرت أكثر من 15 عام لذا تحتاج السينما حاليا لثورة شاملة تعيد مسار الصناعة لسابق عهدها. وأوضح إن السينما المصرية لن تستطيع تقديم الثورة على شاشتها حاليا نظرا للحالة المتردية التى تمر بها مصر مع عدم تحقيق مطالب الثورة التي قامت من أجلها، كما أن السينما مازالت تعاني من سيطرة بعض المنتجين الذين إختاروا النجاح التجاري بعيدا عن المضمون.