شهر يناير هو شهر اللحظات الفاصلة في تاريخ مصر فقبل حدوث ثورة 25 يناير حدثت انتفاضة الخبز يومي 18 و19 يناير وكانت أكبر رد فعل تجاه سياسات البلد الاقتصادية وقتها وانتهت بالعدول عن قرارات عبدالمنعم القيسوني نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ونزول الجيش واعلان حظر التجول بوابة الأهرام رصدت أراء ومقارنات مفكرين وسياسيين عاصروا انتفاضة الخبز في عام 1977 وثورة 25 يناير عام 2011 . يقول احمد بهاء الدين شعبان ، وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى المصرى ،أن حجم الأزمة الاقتصادية وقتها لم يصل إلي نفس المستوي الذي اصبح موجودا في يناير 2011 الماضي ، لأن الدولة وقتها كانت تلعب دور في حماية وتأمين المواطنين اقتصاديا وكان لدينا التعليم مجانيا والدولة تعمل علي توظيف الشباب والفروق الاجتماعية بين المواطنين كانت محدودة ، والجيش وقتها حين نزل الشوارع كان جيش العبور وكان يحتفظ له الناس وقتها بذكري العبور وبالتالي نجح الجيش وقتها في امتصاص الغضب. ويضيف بهاء الدين شعبان أن حجم الفساد في السبعينيات لم يكن بالنسبة العالية التي كان عليها في 2011 ولم يكن لديهم وقتها عمليات تعذيب و جهاز أمني شرس. وتقول رحمة رفعت المحامية والناشطة السياسية والتي كانت من المتهمين علي خلفية احداث انتفاضة الخبز أن الذي يجمع بين الحدثين هو رد الفعل المصري المفاجئ كانت هناك دعوة يوم 25 يناير وكانت هناك دعوة ولكن لم يتوقع أحد التجاوب والنزول للشارع. وتضيف رحمة أن هناك حالة من الغضب تجسدت قبل احداث 25 يناير خاصة بعد انتخابات 2010،والتصريح الشهير لمبارك وقتها حين قالوا ان هناك حكومات موازية " خليهم يتسلوا " مما ساهم في زيادة حالة الغضب والشعور بالظلم ، في الوقت الذي كان قبل انتفاضة الخبز انتخابات 76 وكانت اول انتخابات بالمعني المعروف حيث سمح وقتها بعمل دعاية انتخابية ومؤتمرات انتخابية ونشاط سياسي كل هذا ساهم في زيادة الوعي السياسي والمجتمعي من المواطنين حتي أن هناك شعارات رددوها تلقائيا وقتها مثل " هما بياكلوا فراخ وحمام واحنا الجوع دوخنا وداخ ". الفرق بين الحدثين يراه عماد أبو غازي وزير الثقافة السابق كبيرا ففي 18 و19 يناير هي انتفاضة تفجرت بشكل تلقائي ردا علي رد فعل قرار مفاجئ أهم حيثياته هي رفع الأسعار ورفع سعر العيش وكان القرار وقتها يمس كل المواطنين ولكن 25 يناير 2011 الموضوع مختلف فلقد خرجت الثورة تحت شعار سياسي واضح نتيجة اختمار حركات سياسية مثل 9 مارس و6 إبريل وشايفنكم وكفاية بعيدا عن الاحزاب التي لم تفعل أي شئ وبسبب الانتخابات لعب الاعلام الحكومي دورا متشابها في الحدثين وإن لم يستطع أن يؤدي الغرض في ثورة 25 يناير لزيادة وعي المواطنين ووجود الانترنت والفيسبوك الذي خرجت دعوات النزول للثورة من عليه يؤكد أبو غازي أن الإعلام الحكومي لم يختلف وقت انتفاضة الخبز وثورة 25 يناير ، وهذا معروف في تاريخ الاعلام المصري الحكومي ، فالحركة الطلابية التي نشأت في الستينات اطلقوا عليها القلة المندسة ولم يختلف هذا التعبير كثيرا عما تم اطلاقه قبل ثورة 25 يناير علي الحركات السياسية المعارضة يضيف أبو غازي استطاع الإعلام وقتها في انتفاضة الخبز أن يشوه هذه الانتفاضة واصفا فاعليها بالمخربين وتم تسميتها بانتفاضة الحرامية ولكن في ثورة 25 يناير لم ينجح الاعلام في تشويه الثورة نجاحا كبيرا لوجود الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ( فيسبوك وتويتر ) ووجود الاعلام المستقل الذي يحاول نقل الحقيقة ويشير أبو غازي إلي أن لا أحد يتعلم من التجارب السابقة أو يقرأ التاريخ. وعن تعامل النظام مع الحدثين فكان هناك اختلاف ، ففي الوقت الذي استجاب محمد أنور السادات الرئيس الاسبق لمصر للطلبات المحتجين سريعا ، تعامل النظام في عهد محمد حسني مبارك الرئيس المخلوع باستهانة مع الثورة وكان يستجيب لطلبات المواطنين ولكن تأتي الاستجابة دائما متأخرة بعد أن تكون تصاعدت مطالب الشعب . ويري أحمد بهاء الدين شعبان أن السادات وقت انتفاضة الخبز تصرف بذكاء علي مستويات عديدة حيث نزع فتيل الانفجار بسحب قائمة الاسعار المرتفعة وامر الجيش المصري بالنزول وبعد ذلك شن حملة تشويه واسعة جدا وقال إن سبب المظاهرات هم الشيوعيين ووصفهم بالمخربين . ويكمل بهاء الدين شعبان ولأن الناس انتفضت لخفض الاسعار فلقد اشعرهم أنهم انتصروا وبالتالي عادوا الي منازلهم وفي الوقت ذاته شن حملة اعتقالات موسعة للناشطين السياسيين ليكونوا كبش الفداء ل79 شهيد مصري سقطوا في تلك الأحداث . ورأت الناشطة السياسية رحمة رفعت أن هناك تشابه كبير بين يوم 19 يناير ويوم جمعة الغضب في الثورة حيث حدث هجوم علي اقسام الشرطة وبررته رحمة بان اقسام الشرطة كانت رمز القهر فاتجه المواطنين لتدميرها ولكن تعامل الشرطة اختلف في الحدثين يوم 18 و19 يناير كان اقل عنفا من الطرفين ، لم يكن في مخيلة قوات الشرطة أن تطلق النار علي المتظاهرين ولكن في 25 يناير والشرطة في عهد مبارك توحشت بدرجة كبيرة . وبعد انتفاضة الخبز ، لم يقتنع السادات أنه كان رد فعل تلقائي لذلك بحث عن المسئولين عن الحادث ومعظم من تم اتهامهم وقتها كانوا طلاب الجامعات والنشطاء السياسيين من اليسار. تقول رحمة رفعت كان السادات مقتنعا بان هناك مؤامرة ما لاسقاط النظام وقتها وكنت احد المتهمين في القضية 100 ، وتم اتهامنا عن طريق شاهدين او ثلاثة شهود وكانت شهادتهم كوميدية حيث قال أحدهم أنه شاهد كل المتهمين في كل الأماكن في نفس الوقت ووقتها كان حكم المستشار حكيم صليب التاريخي حين قال إن الانتفاضة انتفاضة شعبية ولم يحرض أحد هؤلاء المواطنين ورغم أن 18 شخصا اخذوا احكام ولكنهم لم يتم القبض عليهم اثناء يومي الانتفاضة ولكن تم القبض عليهم بعد ذلك اثناء توزيعهم بيانات ورفض السادات التصديق علي حيثيات الحكم وتم تأجيلها إلي أجل غير مسمي. وعن دور العمال في الحدثين يقول كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية أن الحركة العمالية اختلفت في انتفاضة الخبز عنها في ثورة 25 يناير ، ففي 18 و19 يناير بدأ العمال بالاضراب مباشرة في أهم المصانع وقتها مثل مصنع حديد حلوان والترسانة البحرية ولكن في ثورة 25 يناير احتج العمال في أيام الثورة ولم يصعدوا احتجاجهم للاضراب إلا في 9 و10 فبراير أي قبل تنحي الرئيس ب 48 ساعة .