أقر البرلمان البريطاني ليل الاثنين الثلاثاء مشروع قانون تقدمت به الحكومة يضع حدا لسيادة التشريعات الأوروبية في القانون البريطاني، ما يشكل خطوة تشريعية أولى في عملية خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. بعد نقاش استمر ساعات، أيد 326 نائبا من مجلس العموم النص الحاسم في عملية خروج البلاد من التكتل بينما عارضه 290 آخرون. وسيتم الآن درس مشروع القانون بالتفصيل أمام لجان تابعة لمجلس العموم حيث يتوقع أن تدور معركة من أجل تعديل النص المثير للجدل بسبب الصلاحيات الكبيرة التي يمنحها للسلطة التنفيذية. وصرحت رئيسة الوزراء تيريزا ماي في بيان "لقد اتخذ البرلمان قرارا تاريخيا بدعم رغبة الشعب البريطاني وصوت على قانون يضمن اليقين والوضوح قبل خروجنا من الاتحاد الأوروبي". ويهدف القانون الذي يحمل تسمية "قانون الخروج من الاتحاد الأوروبي" إلى إبطال قانون عام 1972 الذي انضمت بريطانيا بموجبه إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تحويل 12 ألف تشريع أوروبي مطبقة حاليا إلى التشريعات البريطانية كما هي أو بعد تعديلها. عمليا سيتيح القانون للحكومة البريطانية أن تواصل العمل بشكل طبيعي بعد خروجها فعليا من التكتل أي مبدئيا بحلول مارس 2019، عند انتهاء المفاوضات مع بروكسل. ويعد إقرار هذا القانون في البرلمان من المراحل الأساسية على طريق تنفيذ بريكست، بعد الاستفتاء التاريخي الذي جرى العام الماضي للخروج من الاتحاد الأوروبي، وإبلاغ ماي بروكسل رسميا بانسحاب بريطانيا في مارس الماضي. حذر وزير بريكست ديفيد ديفيس الأحد من أن "التصويت ضد مشروع القانون سيكون لصالح خروج فوضوي من الاتحاد الأوروبي. الشعب البريطاني لم يصوت لأجل البلبلة ويجب ألا يقوم البرلمان بذلك"، مشددا على أن "الشركات والأفراد" بحاجة إلى "الاطمئنان" حول عملية الخروج من التكتل. رغم معارضة حزب العمال ووسطيي الحزب الليبرالي الديمقراطي المؤيد للاتحاد الأوروبي والانفصاليين الاسكتلنديين، إلا أن ماي أبدت ثقة إزاء نتيجة التصويت الاثنين إذ تملك الحكومة غالبية محدودة "13 صوتا" بعد تحالفها مع الحزب المحافظ المتشدد في ايرلندا الشمالية. لكن المعركة لم تحسم بعد بالنسبة إلى السلطة التنفيذية التي باتت في وضع هش منذ الانتخابات العامة التي جرت في يونيو الماضي. ويثير القانون اعتراض عدد كبير من النواب حتى بين صفوف المحافظين ليس بسبب معارضتهم لبريكست بل للأسلوب الذي يتم اعتماده. فالحكومة ستحصل بموجب هذا القانون على سلطات استثنائية لتتولى بنفسها مهمة التعديلات الضرورية لدمج التشريعات الأوروبية في القانون البريطاني من دون رقابة كاملة من البرلمان. لكن غالبية النواب العماليين يعتبرون الأمر غير وارد إذ يرون انه "عرض قوة"، مع أن بعض هؤلاء انضموا إلى صفوف الحكومة مخالفين توصيات حزبهم خلال عملية التصويت. وأوضحت النائبة العمالية انجيلا سميث "اذا صوتت ضد... هذا المساء فليس لأنني ضد بريكست... بل ضد سوء إدارة بريكست ما يمكن أن يهدد بشكل أكبر تقاليدنا الديمقراطية الراسخة منذ زمن والتي لم تكن سهلة المنال". يريد حزب العمال خلافا للحكومة بقاء بريطانيا في السوق الموحدة خلال الفترة الانتقالية ما بعد بريكست. كما تثير الصلاحيات التي ينص عليها مشروع القانون قلق النقابات ونددت الأمينة العامة لاتحاد النقابات فرانسيز اوغرايدي الأحد بقيام "الحكومة التي تعهدت بحماية حقوق العمال، بتقديم مشروع قانون حول الخروج من الاتحاد الأوروبي مليء بالثغرات حول حقوق هؤلاء". ولا يزال بريكست يثير الانقسام في بريطانيا حيث تظاهر آلاف الأشخاص السبت في وسط لندن لمطالبة الحكومة ب"العدول" عن المشروع.