برغم ما أفرزته الحالة الفنية من أعمال احتفت بالعديد من النجوم والوجوه الشابة تحديدًا في السنوات العشر الأخيرة، إلا أن ذاكرة المشاهد تبقى محتفظة دائمًا بما أحدثته السينما المصرية في نهاية التسعينات من طفرة حقيقية والتي بدأت معها موجة "سينما الشباب" بعد سنوات من الركود التي انحصرت فيها الأعمال السينمائية في إطار تجاري حاملة شعار سينما المقاولات. قائمة الأكثر اهتمامًا لدى الجماهير تتنوع بين الكوميدي والرومانسي والاجتماعي، ولكن هناك أفلام تمثل "علامة" مسجلة بأذهان المشاهد على رأسها "صعيدي في الجامعة الأمريكية" لأبطاله محمد هنيدي، وأحمد السقا، ومنى زكي، وهاني رمزي، وغادة عادل وطارق لطفي، و"سهر الليالي" ل"شريف منير وخالد أبو النجا، وحنان ترك، وأحمد حلمي، وعلا غانم"، و"السلم والثعبان" ل"هاني سلامة والممثلة المعتزلة حلا شيحة"، و"الجزيرة" ل"أحمد السقا وهند صبري". نجاح هذه الأعمال شجع البعض على تكرار تجربة تقديم جزء ثان لفيلمه وكان من بينهم "الجزيرة" الذي قدم جزأه الأول عام 2007 وألحق به آخر في 2014، وكذلك "سهر الليالي" 2003 الذي أعاد التجربة بشكل مختلف في 2015 بأبطال جدد وأحداث مختلفة تحت عنوان "سكر مر". في الأيام الماضية شهدت الساحة السينمائية العديد من الأعمال، التي غالبا ما يتبعها شعار، "انتظرونا في الجزء الثاني" مثل "صعيدي في الجامعة" للكاتب الدكتور مدحت العدل، و"السلم والثعبان" للسيناريست والمنتج محمد حفظي، وبحسب ما يشير إليه عدد من النقاد فأن هذا الأمر يلزمه عدة عوامل، أهمها يكمن في السيناريو، والوعي الدرامي بطبيعة شخصيات هذا العمل، بالإضافة إلى جودة الإخراج، ومستوى الأداء التمثيلي للفنان. الناقد طارق الشناوي أكد في حديثه ل "بوابة الأهرام" أن الجزء الثاني في أي عمل فني سواء كان عمل سينمائي أو تليفزيوني لابد أن يكون قرار مسبق منذ الجزء الأول، وأنه من الخطأ أن يتم إنتاج جزء آخر من العمل الفني بعد مرور عدة سنوات عليه. وأشار الشناوي بأن إتخاذ مثل هذا القرار يتوقف على الكاتب والمنتج، منوهًا إلي أن فيلم " صعيدي في الجامعة الأمريكية " قد لاقى نجاحًا مبهرًا، كما أكد أن هذا القرار لابد أن يحكمه المنطق والضرورة، ليس فقط لمجرد تذكير الجمهور بعمل ما. وأضاف الشناوي بأن هذا المنطق الفني، هو ما ينفي وجود الأفضلية بين الأعمال السينمائية أو الأعمال التليفزيونية، مدللا علي ذلك بأن " ليالي الحلمية " الذي كان من أنجح الأعمال، تحول الجزء السادس منه إلي أسوأ الأعمال الرمضانية لعام 2016 موضحًا أن ارتباط الجمهور بالأعمال الفنية وبالشخصيات التي أدها صناع الجزء الأول في أي عمل، يجعل من الأفضل أن تبقى شخصيات العمل الفني كما هو، كما لا يمكن إغفال أثر التغيرات السياسية والاجتماعية على العمل الفني. واستكمل: أتصور أن عمل جزء ثاني من "صعيدي في الجامعة الأمريكية " ما هي إلا كذبة وبأنه موقف اضطر محمد هنيدي إلي إعلانه دون امتلاك أدوات تنفيذه وأن إعلان هنيدي عن الفيلم كان لتغير مؤشرات الجمهور لكي يتغافل عن أن أخر فيلم له "عنتر ابن ابن ابن شداد" الذي لم ينجح في تحقيق أية إيرادات. في حين قالت الناقدة ماجدة خير الله، أنه لا توجد قواعد معينه تحكم نجاح الأجزاء الثانية وغيرها من الأفلام، وأن ذلك يتوقف على ظروف كل عمل فني. وأضافت أنه كلما اقتربت الفترة الزمنية بين أجزاء العمل الفني، كلما كان لذلك مردود إيجابي علي الجماهير، وبأن العوامل السياسية وغيرها، ذات أثر كبير ولا بد أن تضاف إلى تفاصيل العمل الفني، وأن الحكم علي أي عمل لابد أن يكون بعد مشاهدة العمل في حد ذاته، لأن هناك العديد من الأعمال التي قوبلت بالنجاح، والبعض الأخر انتهي بالفشل وبالتالي لا توجد معايير محددة للحكم على أفضلية الأجزاء الأخرى في الأعمال السينمائية، أو الأعمال التلفزيونية، وأن الفيصل هو طريقة الأداء للعمل الفني، والمستوي الإخراجي. وأشارت خير الله إلى أن الجمهور يرتبط بشخصيات العمل الفني، ولكن هناك ظروف معينة قد تمنع من استكمال العمل بنفس الشخصيات، وأنه لا مانع من استكمالها بشخصيات أخري، تؤدي العمل بنفس الجودة، وأنها تتوقع نجاح الجزء الثاني من " صعيدي في الجامعة الأمريكية "إذا تم تقديمه، ولكن بالطبع لن يتوقف عند ما كان عليه في الجزء الأول مشيرة إلي التغيرات الكثيرة التي حدثت خلال ما يقرب من 18 عامًا.