في الوقت الذي تترنح فيه الدوحة جراء العقوبات الاقتصادية التي تفرضها عليها "دول المقاطعة" ما دفعها إلى تقديم شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية تشكو فيها ما آل إليه عالم المال والأعمال في الإمارة الصغيرة، فإنها لا تدع فرصة حتى تواصل عنادها ورفع راية "المكابرة" حتى وإن قادها ذلك للسقوط في نفق اقتصادي واجتماعي مُظلم. "المقامرة القطرية" في إنفاق المليارات للإمساك براية "المكابرة" فى وجه دول المقاطعة تجاوزت صفقات الطائرات مع الولاياتالمتحدة، والسفن الإيطالية، والمناورات العسكرية مع تركيا،بل وتعدت منح فرص "الإقامة الدائمة" للمغتربين كي لا يغادروا الدوحة، وانتقلت إلى مدرجات كرة القدم، لتشعل الصراع بين أرجل المحترفين في أندية أوروبا، وكان آخرها تلك الصفقة التي انتقل بموجبها نجم الكرة البرازيلي نيمار من صفوف برشلونة إلى "باريس سان جيرمان" المملوك لهيئة قطر للاستثمارات الرياضية، بصفقة قياسية بلغت 222 مليون يورو، بعد أن دفع نادي العصمة "سان جيرمان" شرطا جزائيا للفريق الكتالونى . لقد وعت قطر أهمية الإنفاق على الرياضة منذ وقت طويل بُغية الظهور بحجم أكبر من مساحتها التي لا يقطنها سوى مليوني شخص أغلبهم من الوافدين، ولتجميل صورتها كراعية للرياضة في وقت تدعم فيه قوى الإرهاب والتطرف، ومن أجل هذا كان سباقها المحموم على الفوز باستضافة "كأس العالم 2022"، تلك الاستضافة التي وقع في فخها رؤساء دول مثل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزى بتهمة تسهيل حصول قطر على استضافة المونديال، كما عصفت بأعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وفى مقدمتهم رئيسها المخضرم جوزيف بلاتر بتهم الحصول على "الرشا القطرية". وأعقب فوز قطر بتنظيم المونديال شراءها للعديد من كبرى الأندية الأوروبية التحى كانت تعانى من الأزمات المالية ، فضلا على استحواذها على "الميديا الرياضية" من خلال تدشينها لقنوات "بين سبورت" التي احتكرت حق البث المباشر للعديد من الدوريات العالمية، والبطولات القارية، وصولا إلى تجنيس بعض لاعبي العالم للعب باسمها في الأوليمبياد لحصد الميداليات الأوليمبية. وقد أحدثت تلك الصفقة التي تبنتها قطر في إحداث زلزال داخل العاصمة الفرنسية باريس، الذي يمثل "سان جيرمان" نادى عاصمتها، خاصة أن الصفقة جاءت مواكبة لخضوع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزى للتحقيق، بشأن احتمال تقديمه دعما مشبوها لدولة قطر بغرض تمكينها من استضافة مونديال 2022، وفقا لصحيفة "الديلى ميل" . وأوضح متحدث باسم الادعاء العام المالي في العاصمة باريس، أن ثمة شكوكا في أن يكون الرئيس الفرنسي الأسبق "63 عاما" قد قدم دعما كبيرا لملف استضافة قطر كأس العالم لكرة القدم، ومن المحتمل أن يكون ساركوزي قد حصل على أموال من الصفقات التي أجريت بين بلاده وقطر على هامش عرض ملف قطر لاستضافة مونديال 2022، بما في ذلك بيع نادي باريس سان جرمان للقطريين. "كرة السياسة القطرية" التي أقحمت نفسها في ملاعب فرنسا، اتخذت شكلا من الركل بين أرجل الرئيسين الحالي إيمانويل ماكرون والأسبق نيكولا ساركوزى، حيث قال ماكرون قبل انتخابه إنه سيضع قيودا على شراء قطر للأصول في فرنسا، وانتقد تغاضي إدارة ساركوزي عن الأمر، في وقت استفاق فيه الرئيس السابق فرانسوا هولاند على شبح "الإرهاب" في إستاد "باريس سان جيرمان" حين كان يشاهد مبارة بين المنتخبين الفرنسي والألماني، لتقع أحداث باريس الدامية في نوفمبر 2015، بين مقاطعات "سان دونى" و"باتكلان". لكن تهنئة وجهها الرئيس الفرنسي ماكرون إلى القطري ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان عشية إتمام صفقة نيمار لصفوف "نادي العاصمة" قد توحي بأن توعده لساركوزى يظل "وعيدا انتخابيا" فقط، حيث قال ماكرون للخليفى "تهانينا.. أفهم أننا بانتظار أخبار طيبة"، ليرد عليه رئيس النادي القطري بابتسامة عريضة. لقد اختارت قطر تجميل وجهها بماكياج تلك الصفقة الرياضية لإزالة تجاعيد الإرهاب ومساحيق التطرف الذي أفضى لشحوب وجهها الاقتصادي من قرارات المقاطعة الاقتصادية، فأرادت الالتفاف على عزلتها من خلال "حدث رياضي" ضخم يصبح حديث وكالات الأنباء، ويُسهم في التغطية على الجدل القائم حول ضلوع الدوحة بدعم الإرهاب .