ساءني مثلما ساء الكثيرين غيري ذلك التصريح الذي أدلى به وزير التموين، من أن "المواطنون يستخدمون رغيف العيش علفًا ل"البط والوز". التصريح يحمل كثيرًا من الدلالات، التي تعني أن الوزارة عاجزة عن توفير الخبز للمواطن بشكل لا يهدر آداميته، وينتهك كرامته، حتى إن البعض صار يشتريه ليقدمه علفًا للطيور، فالنفس قد عفت عن أكله، ويضطر البعض الآخر أن يشتريه بعيدًا عن المنظومة الحائرة والمحيرة للخبز، وكأن توفير رغيف خبز صالح صار مشكلة ومعضلة كيميائية يصعب حلها. إن وزارة التموين المنوطة بإحكام رقابتها على الأسواق، يبدو أن القصور أصاب شرايينها، حتى صار كل تاجر صغيرًا كان أو كبيرًا، يتلاعب بها وبنا، وهو ما يجعل الجهود التي تبذلها الحكومة لتوفير حياة كريمة للمواطن هباءً منثورًا. مطلوب تفعيل القوانين، والتفتيش المستمر من قبل الوزارة على منافذ بيع السلع للمواطنين، أعلم أن هناك تحركات من المسئولين لضبط الأسواق، إلا أنها لم تكن كافية، بالقدر الذي لا يجعلنا عرضة لجشع التجار. لابد من الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بصحة المواطن، الذي عانى ويعاني، الذي صبر وسيصبر من أجل عودة الحياة لمصرنا مرة أخرى. يحضرني في هذا الصدد مشهد في فيلم "طباخ الريس" عندما جمع الرئيس المسئولين ليأكلوا مما يأكله عامة الشعب، وأتى بعربة فول وأرغفة الخبز – المغلوب على أمره – ولقد شاهدتم رد الفعل عندما بدأوا بقطع أول لقمة ماذا حدث. وقبل هذا المشهد - وبعده – ما زال حال الرغيف كما هو "يصعب على الكافر"!. آخر الأرقام التي ذكرها وزير التموين تشير إلى وجود 81 مليون مستفيد من دعم الخبز، في حين أن 10 أو 20% لا يستحقون بطاقات الدعم.. كلام جميل يا سيادة الوزير، إنما الأجمل هو العمل على وصول الخبز لمستحقيه بطريقة آدمية. المواطن ليس لديه مشكلة في دفع 10 قروش في رغيف الخبز على أن يكون صالحًا للاستخدام؛ لأنه ما قيمة أن يحصل على رغيف ب 5 قروش، تأكد أنه لو كان صالحًا لأكلوه. واليوم بدأت وزارة التموين والتجارة الداخلية، تطبيق منظومة الخبز الجديدة، التي تم من خلالها تحرير سعر الدقيق للمخابز والقمح للمطاحن، فيما تم تثبيت سعر رغيف الخبز للمواطن مستحق الدعم بسعر 5 قروش، وفق ما أعلنته وزارة التموين والتجارة الداخلية. ويبقى الأهم في هذه المنظومة أن يكون الرغيف صالحًا للأكل حتى لا نضطر لاستخدامه كعلف ل"البط والوز"!