تنشر "بوابة الأهرام" لمحات من كتاب نادر للعالم أحمد أفندي ندا، وهو من أوائل الذين تخصصوا في العلوم الطبية والكيميائية في عهد محمد علي باشا، وكان ندا من ضمن البعثة الخامسة التي أرسلها محمد علي باشا لفرنسا عام 1844م وهي البعثة التي كانت تضم 71 تلميذًا ثم لحق بهم بعض التلاميذ والأمراء الذين تخصصوا في دراسة الأمور الحربية. وقام ندا بترجمة كتاب نخبة الأذكياء في علم الكيمياء تأليف جاستيل بك ليكون باكورة الكتب المصرية في ترجمة العلوم الكيميائية الحديثة، وفي حديثه ل"بوابة الأهرام"، قال الباحث التاريخي أحمد حزين الشقيري، إن الكتاب النادر الذي تمت ترجمته في بدايات القرن التاسع عشر تحدث عن البارود وعن الفلزات وغيرها. تحدث ندا عن بارود الحرب وبارود الصيد وبارود اللغوم وتكويناتها من الفحم وملح البارود، حيث أكد أنه ليس كل أصناف الفحم قابلة لصناعة البارود حيث الأكثر قابلية هي الفحم المصنوعة من أخشاب الصفصاف والزيزفون وسوق القنب. كان في مصر يزرع صنفين من الصفصاف يعرف أحدهما بالصفصاف وآخر باسم أم الشعور وأشجارهما كثيرة الانتشار وكانت الحكومة تتخذ الفحم الذي تستعمله في صناعة البارود وكشف المؤرخ أحمد الحته في مؤلفه تاريخ الزراعة في عهد محمد باشا أنه بلغت زراعة الصفصاف في الوجه البحري في عهد محمد علي باشا نحو 314 ألف و620 شجرة صفصاف فيما تمت زراعة 60 فدانا علي ضفاف الترع والنيل في الجيزة وكانت كافة الأشجار تقلم وترسل لمصانع الباردوخانات لعمل " البارود". هل عرفت منطقتنا العربية البارود وكيف عرفته ؟ منذ قديم الأزل وكيف تطور عمل البارود بالمدافع وهل قد جاءت فكرته من آله المنجنيق التى كان يستخدما الجيش الإسلامى حيث تطورت آلة المنجنيق عبر الزمن لتصبح مدفعا لإطلاق البارود يجيب الباحث التاريخي أحمد حزين الشقيري إن ابن خلدون حين تحدث عن السلطان المريني أبي يوسف وحصاره لمدينة سجلماسة على طرف الصحراء في سنة 672ه تحدث عن بعض وقائع تظهر استخدام العرب للبارود مثل قوله "ونصب عليها آلات الحصار وهندام النفط القاذف بحصى الحديد ينبعث من خزانة أمام النار الموقدة في البارود بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها. وأضاف الشقيري، أن ابن البيطار قد ذكر في كتابه "مفرادات الأدوية"، كلمة بارود لأول مرة كذلك المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون والمستشرقة الإلمانية هونكة وغيرهم كثيرون أجمعوا أن الأوروبيين قد عرفوا البارود عن طريق العرب ونقلوه عنهم لافتا أن بعض المؤرخين يؤكدون أن صناعة الأسلحة الثقيلة والنارية ظهرت في الدولة المملوكية حيث أكدت بعض المخطوطات الطريقة الصحيحة لتنقية ملح البارود وبذلك ثبت عدم صحة نسبة اكتشاف البارود للأوروبيين أو غيرهم. في كتابه "الكيميائي" يتحدث ندا عن استخدام الإيطاليين للجير في صناعة المداخن، واصفًا الجير بقوله "أكثر لمعانًا من الرخام وأكثر صلابة من كبريتات الجير على الماء"، ثم يسرد الطرق الحسابية والرياضية في شرح المعادلات الكيميائية وغيرها أما في القسم الثاني يتحدث عن الفلزات وأوصافها، مؤكدًا أنها أجسام صلبة على الدرجة المعتادة ماعدا الزئبق فإنه سائل ولا يتجمد إلا في درجة حرارة تبلغ نحو 40 درجة تحت الصفر ثم يتحدث عن تركيب المواد الكيمائية الأخرى مثل البوتاسيوم والماغنسيوم وغيرها من التركيبات ليكون كتابه أول كتاب علمي حديث تعرف المصريون من خلاله علي قواعد علم الكيمياء الحديثة.